موقع مصرنا الإخباري:
أي فنان أو كاتب أو يمتهن الثقافة بالمفهوم الشامل له الحق في العيش بكرامة وفى الحصول على كافة مكتسباته عندما يمرض أو يتعرض لأزمة اجتماعية ومن واجب الدولة أن تقدم له هذه الخدمة وبأرقى مستوى.
في حالات كثيرة نكتشف بالصدفة بعض من فنانينا وكتابنا ومثقفينا عامة وقد تعرضوا لأزمات اقتصادية ويؤثرون على أنفسهم ولا يجاهرون أو يتاجرون بهذه الأزمات حتى لو جاءت على حساب اسرهم أو حالتهم الصحية والسبب الكل يعرفه أنهم ليسوا ضمن ” شلة” تستطيع أن تدعمها عند كبار المسئولين في حالة المرض والحاجة الى العلاج
في الأونة الأخيرة انشغل الوسط الفني والثقافي بحالتين آثارتا الحزن في نفوس الناس، حالة الفنان القدير المحترم توفيق عبد الحميد. والحالة الثانية الآن هي حالة الكاتب الكبير والناقد والمؤرخ السينمائي والمؤلف الأستاذ محمود قاسم. والحالتان متشابهتان والاثنان لديهما من عزة النفس والكبرياء وايثار الذات الكثير. كلمات قليلة على صفحات التواصل الاجتماعي تقودنا الى ما قد يحدث مع عدد ليس قليل من مثقفينا وفنانينا الذين يجلهم ويحترمهم الناس ولم يألفوا فكرة ” التسويق” و” الشلة” والعلاقات مع الكبار”
الأستاذ محمود قاسم. القيمة كبيرة.. الذي قدّم مئات الدراسات والموسوعات فى الثقافة السينمائية وتاريخ السينما المصرية والعالمية وفى الادب والفن والثقافة عموما.. يمر منذ فترة بظروف صحية غاية في الصعوبة بسبب مرض السكر الذي تم بتر ساقه كما ضعف بصره للغاية.. وللأسف لم يعرف عنه أحد شيء الا من خلال كلمات بسيطة على موقع التواصل الاجتماعي. ومازال حتى الآن يعاني من التجاهل وعدم الاهتمام
وللأسف كتب بالأمس- او أوصى أحد ابناءه أو اصدقاءه- يقول:” دعوني
طوال حياتي المهنية لم اكسب مليما الا من الكتابة وكم خدعني ناشرون ولم احصل على مستحقاتي ولم اسال احدا أي مساعدة، وحين أصابني المرض قام اصدقاء بمناشدة المسئولين للتدخل وكان كل ما قدمه هؤلاء هو وعود خائبة تجعلني اطلب بكل قوة. دعوني استمتع بمرضى وانتظر مصيري فلا تتدخلوا فى شأني … وشكرا للجميع”
كلمات محزنة وقاسية على النفس من رجل قدم أكبر أرشيف لتاريخ السينما المصرية والعربية. وأشرف على سلسلة (روايات الهلال)، قدم (الترجمات الكاملة) لأشهر الروايات العالمية وراس تحرير كتب الهلال للأولاد والبنات في مؤسسة دار الهلال
محمود قاسم ابن هذه الدولة الوطنية بمواقفه وكتاباته المعروفة يرقد الآن في بيته يقاوم المرض ببسالة وشجاعة، لكنه ينتظر من الدولة ومن أبنائه وتلاميذه ومن قراء كتبه وأدبه وترجماته العظيمة أن يردوا الجميل له، بالسؤال عنه ومتابعة حالته، وينتظر بكل شموخ وإباء من وزارة الثقافة واتحاد كتاب مصر أن يمنحوه حقه الذي يليق به، وأن يقدرونه حق قدره، ويقدروا عطاءه بغير حدود من اجل مشروع التنوير والثقافة والفن والإبداع، تقديرا يليق به وباسمه وتاريخه الحافل بالعطاءات والإنجازات المشرفة لوطنه ولقراءه. …انقذوا محمود قاسم.
بقلم عادل السنهوري