تلقى الدكتور محمد الخشت رئيس جامعة القاهرة، تقريرًا من الدكتور معتز عبد الله حول مراحل تطبيق جامعة القاهرة مقرري التفكير النقدي وريادة الاعمال، والذي كانت جامعة القاهرة هي صاحبة المبادرة من خلال إعلان الدكتور الخشت تشكيل مجلس الثقافة والتنوير من كبار رموز المثقفين والأدباء والفلاسفة المصريين، وبعد ذلك أطلق المجلس وثيقة والخطة الاستراتيجية، وهي الوثيقة التي تمثل تيارًا عقلانيًا مقاومًا للإرهاب والتعصب والتطرف والرجعية، ويعد تدريس مقرر التفكير النقدي خطوة من أهم من خطوات مواجهة الفكر المتطرف، أما ريادة الأعمال فيعد واحدا من مخرجات جامعة القاهرة برواد أعمال وليس خريجين في انتظار الوظائف. وأشار التقرير إلى أنه بمجرد إعلان الدكتور الخشت مبادرته لتطبيق مقرري التفكير النقدي وريادة الأعمال كمواد أساسية في جميع كليات جامعة القاهرة حتى ظهرت بوادره الإيجابية مما دعا بعض الجامعات إلى مطالبة الدكتور الخشت إرسال المقررات التي صممتها الجامعة لها لدراسة تعميم التجربة، فيما أشاد الاتحاد الأوروبى بتجربة تدريس التفكير النقدى، مؤكدا على أن التفكير النقدي أهم المقررات لمواجهة الفكر المتطرف، بينما اقترحت لجنة التعليم بمجلس الشيوخ تعميم مقرر التفكير النقدي على مختلف الجامعات بعدما نجحت جامعة القاهرة منذ سبع سنوات في أن يكون متطلبا جامعيا على طلاب البكالوريوس ثم الدراسات العليا بكليات الجامعة ومعاهدها لتكون أول الجامعات المصرية في تطبيق المقرر. وأكد التقرير أنه حرصًا على وجوب مشاركة الجامعة الفاعلة في تطوير العقل المصري وتغيير طرائق التفكير التقليدية القائمة على الحفظ والتحصيل إلى طرائق التفكير الإبداعي والنقدي، والارتقاء بشخصية أبنائها من الطلاب والطالبات، كانت ملحمة تدريس مقرري التفكير النقدي وريادة الأعمال كمتطلبين جامعيين لكل التخصصات العلمية بمختلف كليات الجامعة وأقسامها العلمية، وصولًا لتحقيق الهدف الأسمى في تشكيل العقل المتفتح لطالب الجامعة، القادر على إعمال العقل النقدي في كافة المشكلات التي تواجهه في حياته العلمية والعملية، بما يحقق توافقه النفسي، ويعينه على تحقيق ذاته، ويسهم في الارتقاء بمجتمعه، هذا من ناحية، ومن ناحية أخرى تهيئة الخريجين ليكونوا قادرين على اكتساب مهارات العمل وخبراته من خلال ثقافة علمية منهجية دقيقة، تقودهم إلى سبل النجاح في حياتهم العملية بشكل متجدد. إلى جانب التهيئة لسوق العمل المحلي والإقليمي والدولي بالمعايير الإبداعية لربط الدراسة بمتطلبات سوق العمل لإثراء عجلة التنمية الاقتصادية والمساهمة في تقدم الوطن وازدهاره، مع وضع وظائف المستقبل في الاعتبار في إطار التقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، والاقتصاد الأخضر وغير ذلك لتحقيق التنمية المستدامة. وأوضح التقرير أن أهم جوانب وخطوات تلك الملحمة التي قدرها كل منسوبي الجامعة من أعضاء هيئة التدريس والطلاب، وقدمت نموذجا يمكن الاقتداء به في عمل مسابقة مفتوحة لمنسوبي الجامعة والجامعات المصرية الأخرى لتأليف وترجمة كتب في مجالي التفكير النقدي وريادة الأعمال، وبعد تحكيم الأعمال المقدمة من اللجان العلمية المتخصصة، تم الاحتفاء بالفائزين في كل مجال، وتقديم الجوائز المادية التي أعلن عنها. وكانت هذه البداية للإعلان عن اهتمام الجامعة بهذين الموضوعين المهمين(التفكير النقدي وريادة الأعمال)، ولفت الاهتمام إلى أهميتهما وضرورتهما لمستقبل الطلاب لما يحقق النفع لوطنهم. بالإضافة إلى تشكيل لجنة من المتخصصين في التفكير النقدي وريادة الأعمال تحت الاشراف المباشر لتأليف الكتاب الخاص بكل مقرر منهما في ضوء التوصيف الذي تم وضعه ليراعي أهم عناصر المقرر التي تنشد الجامعة تقديمها، في ضوء الأهداف التربوية للمقرر، وقامت لجنة التحرير والمراجعة بتدقيق الصياغات اللغوية، وتصويب الأخطاء النحوية، وكانت توجيهات رئيس الجامعة أن يكون حجم الكتاب معقولاً، مع عدم الإخلال بعناصر التوصيف الموضوع. وتابع، بعد اعتماد الكتاب في صورته النهائية، تم تكليف لجنة من الأساتذة المتخصصين في اللغتين الإنجليزية والفرنسية بكلية الآداب بترجمة كل من كتابي التفكير النقدي وريادة الأعمال إلى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، حتى يتم التيسير على الطلاب الوافدين من الأجانب بتدريس المقررين بلغتهم الأم. وقام أساتذة ممن يجيدون هاتين اللغتين بالتدريس لهؤلاء الطلاب، الي جانب تشكيل لجنة عليا للإرشاد الأكاديمي برئاسة د. محمد الخشت رئيس الجامعة، من الأساتذة المتخصصين في الفلسفة وعلم النفس للإشراف على التفكير النقدي، ومن تخصص إدارة الأعمال وتحديدًا ريادة الأعمال لتولي أمر المقرر، وتحديد مهامها في الإشراف العلمي والأكاديمي على تدريس المقررين وامتحانهما، ومتابعته لأعمال اللجنة أولا بأول، وحل أية مشكلات أو صعوبات تواجه العملية التعليمية. ونهضت لجنة الإرشاد الأكاديمي بمهامها التي حددها رئيس اللجنة الدكتور محمد الخشت، لكي تكون العملية التعليمية في أفضل صورة، وعمل ورش أسبوعية لتدريب السادة أعضاء هيئة التدريس من مختلف الكليات على تدريس المقررين، ومتابعة العملية التعليمية أسبوعيا، وكذلك وضع ضوابط للورقة الامتحانية كما أقرها مجلس الجامعة إضافة لبعض الضوابط الأخرى وثيقة الصلة، ترسخ لمهارات التفكير النقدي والإبداعي الأساسية في الإجابة عن الامتحانات، بعيدا عن الحفظ والتلقين، وأن تكون الأسئلة متنوعة، بحيث تتضمن حل المشكلات، ومختلف أسئلة الاختيارات الموضوعية، والمقال المختصر. وأشار التقرير إلى أنه تم إعداد المقررين إلكترونيًا، وإتاحتهما لجميع طلاب الجامعة من خلال وحدة التعليم الإلكتروني بالجامعة، وقد اعتمد انتاج هذين المقررين إلكترونيًا على استخدام العديد من الأدوات الجديدة التي تتيح إنتاج محتوى تفاعلي قابل للتشغيل على مختلف الأجهزة. كما اعتمد على أن تتوافق أنظمة تطوير المحتوى التعليمي الإلكتروني للمقررين مع المعايير العالمية ومع معايير المركز القومي للتعلم الالكتروني بالمجلس الأعلى للجامعات. ويسمح الانتاج الالكتروني لمقرري التفكير النقدي وريادة الأعمال بالتفاعل ليس فقط بين الأستاذ والطالب، ولكن أيضا بين مجموعات الطلاب مع بعضهم البعض فى شكل منتدى( forum) علي الشبكة. وبذلك تنمو فكرة التعلم الذاتــي في عصر التعلم المستمر Life –long learning. كما تم إنشاء حسابات خاصة للقائمين بالتدريس والطلاب للتواصل الإليكتروني، وتقديم كل الميسرات والمعينات التعليمية إلكترونيًا، جنبًا إلى جنب مع المحاضرات المباشرة (وجهًا لوجه) لتعظيم التفاعل البناء بين الأستاذ وطلابه. مع عمل تيسيرات خاصة بدخول الطلاب من خلال رابط خاص بكل كلية. وكانت تتم الإجابة عن كل استفسارات الطلاب إلكترونيًا من خلال وحدة التعليم الإليكتروني على الصفحة المختصة بذلك، ومن خلال المرشدين الأكاديميين أعضاء لجنة الإرشاد الأكاديمي بالجامعة، وأعضاء هيئة التدريس القائمين على تدريس المقررين، وعقد امتحان الطلاب للمقررين بنظام الكتاب المفتوح، بعد طباعة الكتابين المقررين بمطبعة الجامعة طباعة فاخرة، وطرحه للطلاب بسعر التكلفة وربما أقل (18 جنيها حينها)، وتقديم الكتاب مجانًا للطلاب ذوي الهمم وغير القادرين على دفع هذا المبلغ؛ وكانت خبرة جديدة وتستحق التقدير، حيث دخل الطلاب لأول مرة الامتحان بالكتاب المقرر، في ظل امتحانات أعدت على أسس علمية وقياسية رصينة، تراعي السهولة والصعوبة، والتباين في قدرات الطلاب، ومناسبتها للوقت. وقد تم إعداد الامتحانات تحت إشراف لجنة الإرشاد الأكاديمي طبقا لمقتضيات نظام الامتحان، بحيث لا توجد إجابة مباشرة عن أي سؤال يمكن أن يجدها الطالب في الكتاب، لدرجة أن بعض الطلاب قال إن وجود الكتاب معهم لا فائدة منه، ووجوده مثل عدمه. وشدد التقرير على أنه تم تقديم تقرير مفصل عن خبرة الامتحان بنظام الكتاب المفتوح من خلال تقارير المقررين التي قدمهما الأساتذة القائمون على التدريس، وكانت خبرة ممتازة.و ظلت الامتحانات بعيدة عن اختبار الحفظ والتحصيل، قائمة على حل المشكلات وتوظيف مهارات التفكير النقدي والإبداعي في الإجابة عن الأسئلة، بالاضافة الي تعديل لوائح الكليات لكي يصبح التفكير النقدي مادة أساسية تدخل درجاتها ضمن المعدل التراكمي للطلاب. وأكد التقرير على تخريج جامعة القاهرة دفعتين من طلاب البكالوريوس (والليسانس) نظام الأربع سنوات، ودفعة واحدة من طلاب البكالوريوس (والليسانس) نظام الخمس سنوات، كما تم تعميم دراسة مقرر التفكير النقدي (المستوى المتقدم) على طلاب الدراسات العليا في مختلف كليات الجامعة ومعاهدها، وإعداد الكتاب الجامعي الخاص بطلاب الدراسات العليا الذين سبق لهم دراسة التفكير النقدي في المستوى الجامعي. وتدريب الأساتذة الذين سيتولون تدريس هذا المقرر في ورش العمل الأسبوعية. وأضاف التقرير أنه شارك أكثر من مائتي عضو هيئة تدريس(من مدرس لأستاذ) من مختلف كليات الجامعة ومعاهدها في تدريس المقررين على مدار خمس سنوات من بدء المشروع، وأفصحوا عن أنهم استفادوا مثل الطلاب من تدريس المقرر، وهذه كانت إحدى أفكار رئيس الجامعة المهمة بأن يقوم أساتذة كل كلية بالتدريس بعد إعدادهم علميًا وعمليًا من خلال حضورهم ورش العمل الأسبوعية، ومتابعة أدائهم على مدار الفصل الدراسي؛ ولم يكن حوار الأساتذة مع طلابهم مقتصرًا على موضوعات المقررين فقط، ولكن كان يشمل مناقشة كافة الأمور التي تخصهم وتتعلق بمستقبلهم ومستقبل وطنهم.
المصدر: بوابة الأهرام