موقع مصرنا الإخباري:
ما أسهل الانتقاد، وما أصعب العمل.. نتيجة أستخصلها من تجارب عمل ومتابعة لكل ما يدور فى مصر على مدار أكثر من 10 سنوات مضت، خاصة مع تصاعد دور السوشيال ميديا بشكل غير مسبوق، وحالة السيولة التى خلقتها فى المجتمع ليصبح النقد العشوائى أسلوب حياة، بينما المحاولة والتجربة والعمل مثاراً للجدل، لهذا أتصور أن واحدة من أكبر مشكلات مصر أننا نهاجم بسبب أو بدون، ولا نرى المشكلات فى سياقها، والبيئة التى يعمل فيها متخذ القرار.
الدولة منذ العام 2014 بدأت سياسة الحلول الجذرية واقتحام المشكلات، على الرغم من ضعف الإمكانيات والتحديات الاقتصادية الكبيرة التي عاصرتها مصر، وكانت العملية أشبه بقيادة حافلة أو أتوبيس دائم التعطل، فهو مزدحم بالسكان تارة، ويحتاج صيانة تارة أخرى، بل إحلال كامل للموتور والأجزاء الهامة، وهذا ماتم بالفعل، فقد تم استخدام كل الإمكانيات المتاحة من أجل الوصول إلى نتيجة حقيقية ينتظرها هذا الشعب، الذى لم يكن يعرف سوى سياسة المسكنات.
كما يقول الفلاسفة والقدماء “النقد أسوأ المهن”، وهذا طرح أتفق معه تماماً، فما أيسر أن تنتقد عملاً أو تظهر عيوب سلعة أو خدمة، لكن ثقافة المعايشة وتقدير ما يقوم به الآخر مازالت غائبة لدينا، وأقرب ثقافة تعيش معنا هى كيل الاتهامات لكل ما يتم تنفيذه سواء مشروعات أو سياسات.
عندما كنت طالباً فى السنة الأولى بكلية الإعلام جامعة القاهرة كنت أدرس مادة مبادئ فى العلوم السياسية، وقد لفت انتباهى حينها أن أحد أبرز عيوب السياسة ظاهرة ” التسييس”، وقد شبه العلماء السياسة بأنها حديقة سورها منخفض يستطيع كل شخص أن يدخل إليها حينما يريد، فلن يجد معاناة فى القفز، ولن يعترض طريقه الحراس أو أصحاب تلك الحديقة، وهكذا يتعامل الناس، فكل ظاهرة يرجعون أصلها للسياسة، ومع أقرب خلاف يصرخون هذا صواب وهذا خطأ، دون معايير أو معرفة كاملة أو حتى جزئية بحقيقة ما يدور.
الكلام والحديث فى الشأن العام ليس عيباً، لكن المُستغرب أنه يفوق حجم العمل عشرات المرات، فنحن فى حاجة ملحة إلى السعي والجد والعمل، فقد تكلمنا كثيراً دون أن نقدم شيئاً على مدار عشرات السنين بالصواب مرات وبالخطأ عشرات المرات، لكن الأهم والأجدر الآن أن نقتحم مجالات العمل ونقدم ما ينفع الناس ويمكث فى الأرض، ونتعلم أن ننتج ما نأكل، فالصيد لن يأتينا قبل أن نصنع القوارب والشباك.