محمد أحمد طنطاوي يكتب…. عقار فيصل والأسئلة الممنوعة

موقع مصرنا الإخباري:

العقار المشتعل أو “عمارة فيصل”، كما تطلق عليها وسائل الإعلام، استحقت بجدارة أن تكون التريند فى بلد الـ 100 مليون، على مدار 4 أيام كاملة، فرغم كل الإمكانيات التى تمتلكها الدولة والخبرات فى مواجهة الحرائق والتعامل مع الأزمات، والحماية المدنية بتاريخها الطويل، الذى يمتد لعشرات السنين، لم نستطع حتى الآن إطفاء هذا العقار وإخماد نيرانه، ارتباطاً بالعديد من العوامل، أهمها الخوف من السقوط المفاجئ لهذا العملاق الضخم ” 14 دور”، وما قد يترتب عليه من أضرار للطريق الدائرى، والعقارات المجاورة.

جذور مشكلة عقار فيصل ليست فى الحريق الذى شب بصورة غير معلومة وتكلف إطفاؤه كل هذا الجهد، بل فى العنوان القديم التقليدى، الذى نعرفه جميعاً “فساد المحليات”، فهناك أسئلة معقدة لن تجد إجابات لدى المسئولين فى محافظة الجيزة أو رئيس مركز ومدينة كرداسة التابع لها العقار، أولها كيف تم تأسيس مصنع للأحذية داخل عمارة سكنية بها أكثر من 100 أسرة وبهذه الضخامة؟! كيف تم ترخيص هذا المصنع الذى بالطبع يوجد به ماكينات وعمال ومخازن؟!. كيف يتم تخزين مواد كيماوية تخص تصنيع الأحذية داخل عقار سكنى ومنطقة مأهولة بالسكان؟ كيف سمحت محافظة الجيزة بإقامة برج بهذا الارتفاع على جانب الطريق الدائرى وقدمت له المرافق والخدمات؟! كيف تم تقييم المخاطر الخاصة بهذا العقار كالحرائق والكوارث الطبيعية وسيناريوهات التعامل معها؟!

كل الأسئلة السابقة لن تجد إجابات، خاصة أن العقار مخالف وأكثر من نصف أدواره تقريباً بدون ترخيص، وقد سعى صاحبه لتقنين وضعه خلال الفترة الماضية ودفع أكثر من نصف مليون جنيه للتصالح وتقنين وضعه، وهذه الحالة متكررة لمئات وآلاف المقاولين وأصحاب العقارات داخل القاهرة الكبرى، فحجم الأبنية المخالفة فاق كل التوقعات.

تحركات الحكومة نحو تنظيم البناء العشوائى وإنهاء ملف مخالفات البناء كان البعض ينتقدها ويراها باباً للجباية وجمع الأموال، والحقيقة أنها كانت خطة إنقاذ لمستقبل هذا البلد من سماسرة العقارات ولصوص المخالفات، الذين جمعوا المليارات نتيجة فساد المحليات وغياب الرقابة، وعدم وجود الإرادة الشجاعة لفتح هذا الملف ومواجهة مخالفاته مهما كانت النتيجة.

إنهاء ملف مخالفات البناء قضية قومية يجب أن تستمر فيها الحكومة مهما كانت النتائج والتحديات، حفاظاً على مستقبل الأجيال المقبلة، ومنعاً من ظهور أي كيانات عشوائية أو أبنية بدون تراخيص أو مخالفة، فالضرب بيد من حديد يجب أن يستمر في هذا الملف، ويد القوة والقانون يجب أن تتدخل دائماً ولا تسمح أبداً بتكرار مشهد عقار فيصل مرة أخرى، وعلى من هاجموا تحركات الحكومة خلال الأشهر الماضية لتقنين مخالفات البناء ووضع ضوابط صارمة لارتفاعات الأدوار ومنح التراخيص أن يتعظوا من الحادث، ويتأكدوا أنه بين عشية وضحاها من الممكن أن تكون الحرائق فى منازلهم، خاصة أن هناك عقارات ومناطق سكنية مثل الهرم وفيصل، شوارعها لا تتعدى 6 أمتار وارتفاعها أكثر من 10 أدوار، بما يعنى أنه حال حدوث كارثة مثل “حريق ضخم” لن تتمكن وسائل الحماية المدنية من الوصول إلى العقار فى الوقت المناسب واستخدام طاقاتها المتاحة فى إخماد النيران.

بالطبع سندفع ثمن مخالفات وفساد السنوات الماضية، نتيجة عشوائية البناء وسوء التخطيط والإدارة، إلا أن ما يعطينا الأمل أن الدولة لن تسمح مرة أخرى بتكرار ما حدث فى الماضى، وكل عقار جديد سيتم تأسيسه وفق ضوابط فنية وهندسية تليق بحجم الجهد المبذول من كل مؤسسات الدولة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى