موقع مصرنا الإخباري:
القضية السكانية مازالت واحدة من أكبر العقبات والمشكلات التي تعترض طريق التنمية، وتحدد مصير ومستقبل الأجيال القادمة ونصيبهم من التعليم والصحة، والخدمات ومستوى جودة الحياة، وهذا بدوره لن يتحقق مع أرقام ومستويات الزيادة السكانية التي تشهدها مصر في الوقت الراهن، خاصة مع وجود السكان في المنطقة الضيقة من الوادى والدلتا، واستغلال 7% فقط من مساحة مصر، بمعنى أن بلد المليون كيلو متر مربع مازالت تعيش فقط على 70 ألف كيلو متر مربع، وهذا يخلق كل ما نراه من تكدس وعشوائية وفوضى وغياب للتخطيط.
أهم مشكلة في القضية السكانية هى الخطاب الموجه للجماهير، وعلى الرغم من وجود تجارب عديدة ناجحة فى هذا المجال، أهمها تجربة الدكتور فرج الكامل، أستاذ الاتصال السكانى، والمخطط الرئيسى لحملات تنظيم الأسرة في الثمانينيات ومطلع التسعينيات، مازال الخطاب قائم على فكرة التحذير والتخويف، ومعلومات الحصر العددى والإحصائى للسكان، دون أن تكون هناك محفزات إيجابية أو رؤية للتوعية الحقيقية بالقضية.
النموذج العلمى الذى وضعه الدكتور فرج الكامل، وطبقه على قضية الزيادة السكانية كان نظرية “المعرفة والتغيير الاجتماعى”، ومفاده أن الشخص الذى يعيش فى مناطق حضرية، المتعلم، المرتفع الدخل، الذى ينتمى إلى ذوى الياقات البيضاء، لا يُتوقع أن يكون أكثر استخداما لتنظيم الأسرة أكثر من الشخص الريفى، الأمى، الفقير، الذى يعمل فلاحا أو عاملا، إلا إذا كان الشخص الأول أكثر معرفة بوسائل تنظيم الأسرة من الشخص الثانى، أى أن العوامل الاجتماعية والاقتصادية فى حد ذاتها ليست هى التى تجعل الفرد يسلك سلوكا معينا.
وقد افترض نموذج فرج الكامل، أن المهم ليس وجود برامج أو حملات إعلامية فى حد ذاتها، وإنما المهم كيف تتم هذه الحملات وكيف تراعى هذا الارتباط بين المعرفة والاتصال والعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسلوك، لذلك يجب أن تكون الرسالة الإعلامية في قضية الزيادة السكانية مرتبطة بصورة مباشرة بكل ما سبق، وقادرة على إقناع الجمهور والتأثير فيه، دون أن تكون ” فكاهية مضحكة” أو تحذيرية ” منفرة”، فلن تنجح هذه أو تلك في إقناع الجماهير نحو قضية معينة.
ببساطة ودون تعقيد فإن سلوكيات الناس نحو قضية الزيادة السكانية لن تتغير إلا إذا توافرت لديهم معلومات كاملة عن هذه القضية، بما يحقق الوعى بخطورتها آنياً ومستقبلياً، وهذا يفرض تحديات كبيرة على من يقدم الرسالة الإعلامية، سواء كان مسئولاً أو مذيعاً أو صحفياً، أو خطيب المسجد أو عمدة القرية، فيجب أن تخاطب الرسالة ذاتية الجمهور بشكل واضح، وتراعى مصالحهم واحتياجاتهم دون أن تكون منصبة على فكرة التحذير والترهيب من الانفجار السكانى، وأن يكون توجيه الرسائل مركز وواضح ويتناول موضوعات محددة دون الحديث عن قضايا كلية لن تهم الناس على المستوى الفردى ولن تؤثر في سلوكياتهم حال التعرض لها.
قضية الزيادة السكانية تحتاج رسالة إعلامية تتواكب مع متطلبات العام 2021 وتراعى التأثير الكبير الذى باتت تتمتع به السوشيال ميديا خصماً من رصيد وسائل الإعلام التقليدية، بالإضافة إلى طبيعة الجمهور، وما يشغل الشباب، خاصة الفئة المقبلة على الزواج، وبناء على المعلومات التى سيتم جمعها من الميدان والتقصى المباشر، يتم تصميم رسائل إعلامية معاصرة، تصل للناس بصورة سهلة.