موقع مصرنا الإخباري:
أجواء صعبة عاشتها البلاد عقب فض اعتصامي رابعة والنهضة المسلحين، واقتحام العناصر الإرهابية لعدد من المواقع الشرطية وحرق دور العبادة، واستهداف رجال الشرطة، لا سيما مجزرة كرداسة التي وقعت تزامنًا مع الفض.
حاول الإرهابيون، بعد ارتكاب مجزرة كرداسة، تحويل المدينة وكرًا للإرهابيين، خاصة أن عدد من العناصر الإرهابية التي ارتكبت مذبحة المركز وجدت من المدينة وكرًا للاختباء، وعلى رأسهم الإرهابية “سامية شنن” التي مثلت برجال الشرطة، وقدمت مياه نار للعقيد عامر عبد المقصود نائب المأمور، كما ظهر في مشهد من مسلسل الاختيار 2.
لم يك طبيعيًا أن تترك الشرطة الإرهابيون ينتعشون داخل كرداسة، فكان التحرك سريعًا، من قبل كافة أجهزة وزارة الداخلية، خاصة جهاز الأمن الوطني الذي جمع معلومات دقيقة عن العناصر الإرهابية وأماكن تمركزهم وحجم السلاح الموجود بالمنطقة في وقت زمني قصير، فضلًا عن دور الأمن المركزي في الاقتحام، خاصة رجال العمليات الخاصة وعلى رأسهم اللواء مدحت المنشاوي قائد العمليات الخاصة وقتها، ومديرية أمن الجيزة وعلى رأسها اللواء محمود فاروق مدير المباحث وقتها، واللواء مجدي عبد العال مدير المباحث الجنائية وقتها.
مع أول ضوء للفجر يوم 19 سبتمبر 2013 تحرك رجال الشرطة نحو كرداسة، وعلى أطرافها فتح الإرهابيون الرصاص على الشرطة، ليسقط “اللواء نبيل فراج” شهيدًا، ثم تقتحم قوات الشرطة المنطقة وتشتبك مع العناصر الإرهابية، في ملحمة جديدة، تضاف لسجل الشرف لرجال الشرطة.
كنت محظوظًا بتغطية هذا الحادث الهام، حيث شاركت لمدة 3 أسابيع في اقتحام كرداسة مؤديًا عملي كصحفي أرصد الأحداث، فشاهدت رجال الشرطة يضبطون الإرهابية “سامية شنن”، ويسقطون كبار العناصر الإرهابية، ويتعاملون باحترافية شديدة مع المتفجرات التي يتم ضبطها مع الإرهابيين، وشاهدت كتب سيد قطب وحسن البنا تغزو منازلهم.
وثقت لحظات فارقة من عُمر الوطن، أثناء اقتحام رجال الشرطة لمزارع في كرداسة هرب إليها إرهابيون، شاهدت رصاص يتطاير فوق رؤوسنا، ومع كل لحظة كان الموت يقترب مني، لم أخاف من مواجهته، كنت مؤمنًا بعملي، ودور القارىء في المعرفة والحقيقة، حتى لو كلفني الأمر حياتي.
ربما كنت أتناسى بعض الشيء، نصائح رؤسائي في العمل، بعدم الاقتراب حفاظًا على حياتي، ورصد الأحداث من بعيد، لكن فضولي الصحفي وشغفي بالسبق كان أقوى من الرصاص، كنت أتغول، أصور وأرصد وأكتب، وأدقق المعلومات عن قرب، من داخل المعركة، والرصاص يتطاير فوقنا.
شاهدت بطولات لرجال الشرطة، واحترافية شديدة في التعامل، وحسن معاملة للمواطنين ومراعاة حقوق الإنسان، والحفاظ على الأنفس، خاصة الأطفال والسيدات.
عاصرت رجال شرطة أبطال، لو كلفت القلم بسرد أسمائهم لمل وتعب وما استطاع من كثرتهم، وهم يواصلون العمل ليل نهار، لم يعودوا لمنازلهم ولم يروا أطفالهم أكثر من 21 يوم، مؤمنين برسالتهم النبيلة في حفظ الوطن.
أيقنت أن ما وصلنا إليه من استقرار، أعقبها تنمية ومشروعات ضخمة، لم يك يأتي لولا وجود رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، لم يبالوا الموت، ولم تزعجهم رصاصات الغدر، كان اختيارهم الأول والأخير هو “الوطن”.
بقلم محمود عبدالراضي