كيف تحبط مجموعة البريكس طموحات نتنياهو الاستعمارية؟ بقلم توفيق الناصري

موقع مصرنا الإخباري: في ظل التقلبات التي تشهدها المتغيرات الدولية والإقليمية، تشكل طموحات الكيان الصهيوني الاستعمارية مصدر قلق، إذ يعتبر بنيامين نتنياهو العدوان على الشعبين الفلسطيني واللبناني حرباً وجودية.

منذ نشأته، ارتبط المشروع الصهيوني بنمو الاستعمار الإمبريالي. ويُنظَر إليه كوسيلة لتوسيع الهيمنة في غرب آسيا، وهي منطقة استراتيجية تربط أبرز طرق التجارة في آسيا بأوروبا وأفريقيا.

بعد الحرب العالمية الثانية، استند المشروع الصهيوني إلى توسع الإمبراطورية البريطانية. أما الولايات المتحدة كدولة أنجلو ساكسونية فقد ورثت سياسات الهيمنة كإمبراطورية استعمارية تنافس روسيا والصين وإيران بشراسة.

التأثير التاريخي لعائلة روتشيلد

منذ القرن الثامن عشر، ارتبط المشروع الصهيوني بتوسع الإقطاع الرأسمالي بقيادة عائلات يهودية علمانية، وتحديداً عائلة روتشيلد (عائلة أشكينازية ثرية أصلها من ألمانيا). ومع توسع ثروة ماير أمشيل روتشيلد، وهو مسؤول في المحكمة الألمانية، أنشأ أبناؤه الخمسة بنوكاً في باريس وفرانكفورت ولندن وفيينا ونابولي، وسيطروا على النظام المالي الأوروبي.

مولت عائلة روتشيلد، التي تتخذ من فرنسا مقراً لها، حروب نابليون. وبعد فشل حملته في مصر، شُجِّع على إنشاء كيان يهودي في فلسطين، معتقدين أن ذلك سيحافظ على النفوذ الفرنسي في بلاد الشام.

من جانبهم، تأثرت عائلة روتشيلد بالحركة البروتستانتية التي أعادت العهد القديم في تحدٍ للكنيسة الكاثوليكية. كما تأثروا بالمدرسة الوضعية التي ركزت على البعد المادي في العلوم، مما دفعهم إلى اعتبار العهد القديم كتابًا لتاريخ الشعب اليهودي.

شهد القرن التاسع عشر حركة اجتماعية ساعدت اليهود على ترك الجيتو والاندماج في المجتمعات الأوروبية، على عكس مصالح البرجوازية المالية اليهودية. هذه الطبقة اعتبرت نفسها متميزة عن محيطها بسبب مكانتها المالية النخبوية. تحول هذا الانفتاح إلى حركة قومية علمانية تسعى إلى إنشاء وطن قومي لليهود، وكان أساسها مفهوم “الدولة القومية”.

بعد فشل حلم نابليون الثالث في إنشاء إمبراطورية مهيمنة في أوروبا القارية – بسبب هزيمته على يد الألمان في عام 1870 – قرر آل روتشيلد تأسيس أنفسهم في لندن، حيث وعد البارون دي روتشيلد وزير الخارجية البريطاني اللورد آرثر جيمس بلفور بتأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين.

وفي النصف الثاني من القرن التاسع عشر، نقل آل روتشيلد مراكز نفوذهم إلى السوق الأميركية، حيث تحالفوا مع عائلة مورغان البروتستانتية.

وهناك برزت أيضاً عائلات يهودية أشكنازية من أوروبا، وعلى رأسها جولدمان وشيف، اللذان أسسا ـ في عام 1913 ـ نظام الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، ليصبح نظاماً لحماية المصالح الرأسمالية اليهودية. وتزامن ذلك مع احتلال بريطانيا لفلسطين، وتسهيلها مرور المستوطنين اليهود واستيطانهم فيها.

ومع نهاية الحرب العالمية الثانية، توسع نفوذ الحركة الصهيونية في العالم من خلال البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، وتزامن ذلك مع سيطرتها على كامل أرض فلسطين التاريخية.

وفي عام 1991، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي وتوسع نفوذ النظام الأميركي أحادي القطب، تصاعد دور الرأسمالية. وبالتوازي مع ذلك، انكشفت النوايا الصهيونية للسيطرة على كامل غرب آسيا، ولا سيما ما أعلنه نتنياهو في بداية الحرب الدائرة.

عملة البريكس تهدد أحلام نتنياهو

حاليا، يواجه المشروع الاستعماري لنتنياهو، الذي يخدمه بصفته وكيلا استعماريا للولايات المتحدة، عراقيل وتحديات من جانب إيران، إلى جانب شعوب محور المقاومة، فضلا عن روسيا والصين، التي عقدت العزم ــ وخاصة بعد إنشاء منظمتي شنغهاي والبريكس ــ على تحدي الهيمنة المالية الأميركية. فالولايات المتحدة هي الركيزة الأساسية لحماية القاعدة العسكرية الاستعمارية الأولى للغرب والتي تسمى “إسرائيل”. كما أنها الممول الأساسي لطموحاتها الفاشلة في المنطقة، بما في ذلك الحملات الإبادة الجماعية الحالية في فلسطين ولبنان.

إن القرار الذي اتخذته قمة قازان بإطلاق عملة البريكس المشتركة يهدد حلم نتنياهو، الذي يدرك جيدا أن اعتماد كيانه الاستعماري الوظيفي على هيمنة الرأسمالية المالية العالمية لم يعد مضمونا. ويعتقد المراقبون أن هذا التهديد الوشيك هو الذي يدفعه إلى المزيد من الإبادة. على أية حال، فإن دماء المظلومين كانت تنتصر دائمًا على الميركافا والقبة الحديدية ومنظومة ثاد وجميع الأسلحة الاستخباراتية والعسكرية الغربية المتقدمة.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى