يقول الكاتب البريطاني بيتر أوبورن إن هناك رواية مثيرة للقلق تتزايد باطراد في السياسة البريطانية، وهي أن إسلاميين “متطرفين” يسيطرون على شوارع لندن، ويرهبون السياسيين، ويدمرون سلطة البرلمان، ويهددون الديمقراطية، ويفسدون النظام السياسي في البلاد، وقد بلغت هذه الرواية أوجها خلال اليومين الماضيين. وسرد أوبورن في مقال له بموقع “ميدل إيست آي” البريطاني عددا من التصريحات لسياسيين وصحفيين بريطانيين تروّج لهذه الرواية؛ منهم: روبرت جينريك الوزير السابق في الحكومة، الذي تحدث في مجلس العموم يوم الخميس قائلا إن بريطانيا “سمحت للمتطرفين الإسلاميين بالسيطرة على شوارعنا”. وتحدث عن “نمط من المتطرفين الإسلاميين الذين يخيفون من يختلفون معهم، مثيرين احتمال انتشار العنف”. وأضاف أنه في اليوم نفسه أثار رئيس الوزراء ريشي سوناك المخاوف، محذّرا من أنه “ينبغي لنا ألا نسمح أبدا للمتطرفين بترهيبنا لتغيير الطريقة التي يعمل بها البرلمان”. شعور بالذعر وقال إن مواقع الإعلام البريطانية أيّدت هذه الادعاءات. فقد أثارت أليسيا فيتزجيرالد، وهي مراسلة سياسية، شعورا بالذعر على قناة “تالك تي في”، عندما قالت إنها كانت تتحدث إلى نواب حزب العمال، خاصة النساء، الذين كانوا “مرعوبين للغاية” من مغادرة مجلس العموم في مواجهة “الحشود المؤيدة للفلسطينيين بالخارج”. وأورد الكاتب كثيرا من التصريحات من سياسيين كبار وصحفيين شهيرين تذهب في هذا المنحى. وقال إن هذه اتهامات قوية، لكن مطلقيها لم يقدموا أي أدلة لدعمها، مضيفا بأنها انتشرت بعد أن قدم الحزب القومي الأسكتلندي اقتراحا في مجلس العموم يدعم بقوة وقف إطلاق النار في غزة. وقال إن تقديم الحزب الأسكتلندي اقتراحه، أوقع زعيم حزب العمال كاير ستارمر في حرج؛ نظرا إلى أنه يؤيد إسرائيل في حربها على غزة، بينما يؤيد كثير من نواب حزبه الفلسطينيين. ستارمر وهويل وكانت مصادر إعلامية أخرى قد أشارت إلى أن رئيس مجلس العموم ليندسي هويل وقع هو الآخر في مأزق؛ بسبب إذعانه لضغط من ستارمر بالتصويت على اقتراح مخفّف مقدم من الأخير يدعو إلى “وقف إطلاق النار الإنساني في غزة” بدلا من التصويت على مقترح الحزب الأسكتلندي الذي يدعم الموقف الفلسطيني بقوة. سياسيون وصحفيون بريطانيون زعموا أن النواب بمجلس العموم يتعرضون للتهديد من إسلاميين (رويترز) وأشارت تلك المصادر إلى أن ستارمر كان قد أبلغ هويل بأنه قلِق جراء تهديدات يتعرض لها نوابه، وضغط على هويل بالتهديد -تلميحا- بعدم التجديد له لرئاسة البرلمان فترة أخرى، الأمر الذي دفع هويل إلى اتخاذ قرار بتعديل الاقتراح. ووسط دعوات غاضبة تطالبه بالاستقالة، قال هويل علنا إنه عندما اتخذ قراره المثير للجدل، كان “قلقا للغاية” بشأن سلامة النواب وعائلاتهم وموظفيهم. وقال الكاتب إن رئيس مجلس العموم لم يوضح بالضبط مَن الذي يهدّد سلامة نواب حزب العمال. لا دليل وأكد الكاتب أن الاتهامات الموجهة ضد المسلمين خطيرة للغاية، وتتطلب اتخاذ إجراءات فورية، لكن لم يُقدّم أي دليل. ولا يوجد دليل من رئيس مجلس العموم، الذي أطلق هذه العاصفة الإعلامية. وفنّد الكاتب في مقاله المطول المزاعم من السياسيين والصحفيين، واحدة وراء أخرى، بوقائع لا تقبل الشك، وأضاف أنه في حال وُجهت مثل هذه التهديدات، كما يزعم ستارمر وهويل، فلا بد من التعامل القضائي معها، وإصدار أحكام بالسجن. وتساءل الكاتب عن السبب في عدم إصدار ستارمر وهويل بيانا عاما حول تهديد بهذه الخطورة للسياسيين البريطانيين يحضره رئيس الحكومة، مؤكدا أن رواية التهديد الإسلامي للبرلمان لا تتوافق سوى مع “أجندة” كلٍّ من رئيس مجلس العموم، وزعيم حزب العمال. وأشار الكاتب إلى أن ستارمر وهويل بحاجة إلى التحرك؛ لأن تصريحات رئيس مجلس العموم، سواء عن قصد أو بغير قصد، أدّت إلى انفجار مشاعر الكراهية ضد الإسلام والمسلمين، الذين يحتجون على الحرب الإسرائيلية في غزة. وطالب أوبورن رئيس مجلس النواب، إذا كانت هناك اتهامات حقيقية، أن يقدم، بمساعدة ستارمر، أدلة عليها، وإذا لم تكن كذلك، فعليه أن يسحبها. وقال إنه من المهم أن نتذكر أن هذه ليست المرة الأولى التي تُوجّه فيها افتراءات وتلميحات كاذبة حول معارضي الحرب الإسرائيلية في غزة.
المصدر : ميدل إيست آي