تعهد محامون دوليون ومنظمات حقوقية بمواصلة متابعة الدعاوي القضائية وإجراءات الملاحقة لرئيس منظمة الشرطة الجنائية الدولية “الإنتربول” المسئول الأمني الإماراتي أحمد ناصر الريسي على خلفية جرائم التعذيب والاعتقال التعسفي.
وأبرزت المنظمات الحقوقية أن انتخاب الريسي نهاية الأسبوع الماضي لرئاسة الإنتربول “بعث برسالة تقشعر لها الأبدان: يتم تمثيل منظمة الشرطة الدولية الآن من قبل نظام استبدادي”.
وقال مركز الإمارات للدراسات والإعلام “إيماسك” إن الانتخاب لريسي يعطي الهيئة الدولية لشخصية مرتبطة بالتعذيب وانتهاكات حقوق الإنسان، ليفرض المزيد من الرقابة على قراراتها.
ووصفت الباحثة في شؤون الخليج في منظمة هيومن رايتس ووتش هبة زيادين، انتخاب الريسي بأنه “يوم حزين لحقوق الإنسان وسيادة القانون في جميع أنحاء العالم”.
وقالت إن الجنرال الإماراتي يعتبر “ممثلًا لما يمكن القول إنها أكثر حكومة سلطوية في الخليج، حكومة تساوي بين المعارضة السلمية والإرهاب”.
فيما أكدت منظمة منَا لحقوق الإنسان أن انتخاب الريسي “يبعث برسالة تقشعر لها الأبدان: يتم تمثيل منظمة الشرطة الدولية الآن من قبل نظام استبدادي يعتبر النقد إرهابًا يبيح التجسس، والاعتقال والتعذيب لمعارضيه”.
بوريس ثيولاي الصحفي الفرنسي البارز كتب يقول حول حصول الريسي على ثلثي الأصوات: ثلثا الأصوات … كل شيء يُشترى، كل شيء يُباع. وتُتهم الإمارات بدعم الإنتربول منذ 2015 من أجل الحصول على منصب الرئيس.
وقال موقع روسيا اليوم: أحمد الريسي، المتهم بالتعذيب منذ فترة طويلة، سيرأس منظمة الشرطة الإنتربول. يأتي اللواء من الإمارات – وهي واحدة من أكبر الجهات المانحة للمنظمة، ويقال إنها ستستخدم الإنتربول لاضطهاد المعارضين.
وكان ديفيد كالفيرت سميث، المدعي العام السابق في إنجلترا، نشر تقريرًا في أبريل/نيسان الماضي يؤكد فيه فيه أن الريسي “أشرف على حملة القمع المتزايدة ضد المعارضين، واستمرار التعذيب والانتهاكات في نظام العدالة الجنائية” في الإمارات.
وقال ماثيو هيدجز، طالب الدكتوراه البريطاني الذي سُجن في الإمارات قرابة سبعة أشهر في عام 2018 بتهمة التجسس: “هذا يوم حزين للعدالة الدولية والشرطة العالمية”.
وأضاف أنه تعرض للتعذيب خلال شهور من الحبس الانفرادي.
علي عيسى أحمد، أحد مشجعي كرة القدم الذي قال إنه تعرض للتعذيب على يد جهاز الأمن الإماراتي خلال بطولة كأس آسيا لكرة القدم 2019: “لن أتوقف عن كفاحي من أجل العدالة بسبب التعذيب والإساءات التي تعرضت لها في عهد الريسي. آمل ألا يسمح له الإنتربول بإساءة معاملة أي شخص آخر “.
“يشرعن سلوك جهاز الأمن”
وقالت صحيفة الغارديان البريطانية يرتبط ترقّي “الريسي” في صفوف وزارة الداخلية في أبوظبي بتحول الإمارات إلى المراقبة عالية التقنية.
وتشمل إنجازاته الشخصية دبلوم في إدارة الشرطة من جامعة كامبريدج، ودكتوراه في الشرطة والأمن والسلامة المجتمعية من جامعة متروبوليتان لندن وميدالية شرف من إيطاليا.
وظل الريسي لفترة طويلة مفتشًا عامًا في وزارة الداخلية الإماراتية ومشرفا على مراكز الاحتجاز، ويتهمه عدة محتجزون سابقون بإعطاء الضوء الأخضر للانتهاكات بحقهم، بما في ذلك التعذيب.
وقال “ماثيو هيدجز”، “يشرعن انتخاب الريسي دور وسلوك قوات الأمن في الإمارات”.
وأضاف “هيدجز”، الذي نال عفوًا في النهاية، إن الريسي كان مسؤولا عن اعتقاله وأشرف أيضا على التعذيب الذي يقول إنه مر به خلال احتجازه.
وتابع قائلًا: “انتخاب الريسي يمثل ضوء أخضر للدول القمعية لمواصلة انتهاك حقوق الإنسان والاستمرار في الممارسات غير القانونية”.
وقال المحامي، رودني ديكسون، إن موكليه “هيدجز” و”عيسى”: “سيضاعفون جهودهم للسعي لتحقيق العدالة لتعذيبهم وملاحقة الجنرال الريسي في المحاكم الوطنية أينما سافر في منصبه الجديد”.
وافتخر الريسي بالتحولات التكنولوجية التي عززت قدرات الشرطة في الإمارات. وأدت التغييرات التي أدخلها على الشرطة المحلية إلى جعل أبوظبي ودبي من أكثر المدن مراقبة في العالم، وفرضت تجسساً قمعياً على السكان.
وقد ترافق هذا الصعود في المراقبة مع حملة قمع الناشطين والمعارضين في الداخل، وقالت “هيومن رايتس ووتش”: “أدت المراقبة الحكومية المكثفة إلى الرقابة الذاتية لدى السكان والمؤسسات الموجودة في الإمارات”.
وقال “عبد الله العودة”، من منظمة “الديمقراطية للعالم العربي الآن” في واشنطن، إن الإمارات تطبق نهجا ذو شقين تجلى في فوز “الريسي” برئاسة الإنتربول، وهو “قمع كل صوت معارض بقسوة، وفي الوقت ذاته الاستثمار في جهود العلاقات العامة مثل اللوبيات والقوة الناعمة والرياضة والترفيه”.
خدمة الأنظمة الديكتاتورية
أما لوموند الفرنسية فكتبت تتحدث عن عودة النظام السوري للإنتربول وعلاقته بصعود الإمارات داخل المنظمة الأمنية الدولية ما يهدد المعارضين السوريين.
وقالت لوموند: يتزامن صعود الإمارات داخل الإنتربول مع إعادة ادماج تروس داخل المنظمة لبلد يعتبر سجله في مجال حقوق الإنسان أكثر إدانة: سوريا.
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول، يمكن لدمشق مرة أخرى الوصول إلى نظام تبادل المعلومات التابع للإنتربول، والذي يسمح للدول الأعضاء بإرسال رسائل مباشرة إلى بعضها البعض.
أما وول ستريت جورنال الأمريكية فكتبت تقريراً تقول إن انتخاب الريسي يعتبر تحدياً لاعتراضات المسؤولين الغربيين الذين يقولون إن الحكومات الاستبدادية استغلت الإنتربول في السنوات الأخيرة.
وأبرز مراقبون أن برلمانيين ونشطاء حقوق إنسان يتخوفون من أن الإمارات تريد توسيع نفوذها في الإنتربول وسط تساؤلات أن الريسي المتهم بانتهاكات حقوق الإنسان والتعذيب كيف سيكافح الجرائم؟.
معهد الخليج للديمقراطية وحقوق الإنسان قال: ليس متهمًا فقط بالتعذيب، ولكنه أيضًا جزء من جهاز أمني يواصل استهداف المعارضين السلميين بشكل منهجي. السماح لدولة قمعية بتمثيل الإنتربول يتعارض مع مهمة الهيئة الدولية وأهدافها.
مصداقية الإنتربول ولت
اعتبر “كريستوفر إم ديفيدسون”، وهو مؤلف كتاب عن الحوكمة في الشرق الأوسط، “الريسي” مثالًا على “الأفراد الذين ساهموا في إنجاح الحملات الحكومية ضد الفساد”.
وقد تضمنت هذه الحملات في بعض الأحيان القبض على الأثرياء والنقاد مثل المستشار السابق للعائلة المالكة ورجل الأعمال “خادم القبيسي” الذي يحتجز حاليًا في سجن الوثبة. ويقبع في نفس السجن (الذي أشرف عليه الريسي) المدافع عن حقوق الإنسان “أحمد منصور”.
وقال “رياض إبراهيم”، الذي قضى أكثر من عام في السجن، إنه تعرض للتعذيب، مضيفًا: “لا يوجد تطبيق لسيادة القانون في الإمارات فالناس يتعرضون للاضطهاد على جرائم لم ترتكب”، وأضاف أنه شعر بالفزع بسبب فوز “الريسي” في انتخابات الإنتربول.
أما “ديفيدسون” فقد قال إن الإمارات تستخدم ثروتها ومواردها لشراء طرق مختصرة لبناء السمعة على الساحة الدولية.