موقع مصرنا الإخباري:
شهر رمضان مناسبة لفعل الخير، وهناك كثيرون يحرصون خلال هذا الشهر على تقديم شنط الغذاء الجاف، أو موائد الرحمن التى تم استبدالها بوجبات بسبب كورونا، وهناك ظاهرة الجمعيات الأهلية التى تملأ الأجواء فى الإذاعة والتليفزيون والطرقات بالإعلانات التى تطلب التبرع، من أجل الفقراء، أو المرضى أو الأيتام والغلابة عموما. وخلال سنوات كانت هذه التبرعات تذهب إلى جهات مجهولة أو غامضة، بل وبعضها ذهب لتمويل الإرهاب والأنشطة السياسية بستار خيرى، بل هناك من سرق أموال الإغاثة من الداخل وصدرها لمنظمات متطرفة فى الخارج.
وخلال عقود كان هناك جامعو التبرعات لبناء مساجد يجمعون الملايين، بعيدا عن أى رقابة، لأن جمع التبرعات يخاطب العاطفة والرغبة فى فعل الخير، وأى اعتراض يقابله اتهام بالوقوف ضد الدين وهى تهمة كافية لإسكات أى معترض.
المهم أن هناك محترفين نجحوا فى بناء جمعيات وإمبراطوريات لها أسماء رنانة، وخلال رمضان تنفق هذه الجمعيات والجهات ملايين على الدعاية ورعاية مسلسلات أو برامج أو غيرها، وهناك وجهة نظر لدى القائمين على هذه الجمعيات أنها من دون دعاية وإعلان لا يمكن أن تنجح فى جمع الأموال، وفى المقابل هناك حملات تبرع لمستشفيات أو معاهد طبية مستمرة من سنوات ولم تتوقف، ورغم أنها جمعت مليارات، لم تظهر هذه الأموال فى صورة بناء أو أساسات لمعهد أو غيره.
بعض الجمعيات الكبرى ذات الأسماء الرنانة تجمع مئات الملايين، لكنها لا تتجاوب مع كثير من طلبات لعلاج أو مساندة الفقراء، طبعًا بعض هذه الجمعيات أو الجهات التى تجمع مئات الملايين تقدم خدمات لكنها لا تتناسب أبدًا مع حجم ما يتم جمعه من أموال، وبعض القائمين على هذه الجمعيات كونوا ثروات ضخمة من أموال التبرعات، تحت بنود القيام على هذه الأموال، وهى ثغرات يتخذها البعض طريقًا للإثراء غير المشروع، حتى لو كان يتخذ شكلًا قانونيًا، وبعض القائمين على هذه الأنشطة الخيرية ليسوا أخيارًا تمامًا، وبعضهم أصبح مليارديرًا، ويكتفى بتقديم مدفوعات لسد أبواب التساؤلات.
والنتيجة أن صناعة الخير، تتحول إلى نوع من البيزنس والتجارة، لأصحابها وتدر عوائد وثروات على من يفترض أنهم مستأمنون عليها، يحولونها إلى مصادر إثراء، وفى المقابل تبدو الدهشة قائمة، حيث تظل التبرعات مطلوبة ولا أحد يعرف كم تم تجميعه، وماذا تم فى هذا البناء أو المشروع، وتظل إعلانات التبرع مستمرة.
وفى المقابل هناك جهات مؤكدة تقدم خدمات فعلية للمرضى، مثل المعهد القومى للأورام، أو مستشفى أبو الريش للأطفال وعشرات الأماكن تستحق التبرعات، وفى المقابل تظل هناك مشروعات مجرد عناوين بلا فعل ولا تقدم.
فى الماضى تحولت الحملات الخيرية إلى أدوات لتمويل الإرهاب والأنشطة المتطرفة، واليوم هناك جمعيات وجهات بحاجة إلى رقابة على تدفقات الأموال التى يتم جمعها باسم الخير، وتتحول إلى ثروات فى جيوب البعض.
هناك فرق بين صناعة الخير، وبين بيزنيس وإثراء غير مشروع، طبعًا لسنا مع التعميم، لكن هناك ألغاز وفوازير تظهر فى كل رمضان، بحاجة إلى من يراقبها، والتفرقة مهمة بين صناعة الخير، وبيزنيس التبرعات الدائمة.
بقلم
أكرم القصاص