غليان البحر الأحمر مجرد البداية بقلم توفيق الناصري

موقع مصرنا الإخباري:

عندما بدأت إسرائيل هجماتها القاتلة على غزة، لم يتصور سوى القليل من الناس أن اليمن قد يصبح أحد اللاعبين الرئيسيين في هذه الحرب.

إن تدخل أنصار الله في اليمن في الحرب الأخيرة يخضع لعدة اعتبارات وتحليلات. أحد أبعاد هذا التدخل هو الاقتصاد. وفي الواقع، فتحت أنصار الله الجبهة الاقتصادية الثالثة ضد إسرائيل. الجبهة الأولى تتعلق بغزة. واستدعت تل أبيب 360 ألف جندي احتياطي لمهاجمة غزة، كما غادر عشرات الآلاف جنوب إسرائيل. وعلى الجبهة الثانية، أدت تحركات حزب الله في شمال إسرائيل أيضاً إلى إصابة اقتصاد هذه المنطقة بالشلل.

وكانت التكاليف الاقتصادية على هاتين الجبهتين باهظة بالنسبة للنظام. واعترفت مصادر رسمية في إسرائيل بأن اقتصاد النظام انكمش بنسبة 15 بالمئة خلال الأشهر الثلاثة الأخيرة من العام. وتوقفت صناعة السياحة تقريباً، كما تراجعت تجارة التجزئة بشكل ملحوظ. وبلغ معدل البطالة نحو 10 بالمئة، بينما كان هذا المعدل في الشهر الذي سبق أكتوبر أقل من 4 بالمئة.

وبدأت أنصار الله حربها الاقتصادية ضد النظام في مجال التجارة الخارجية بفتح الجبهة الثالثة. لقد بدأوا عملهم منذ أقل من شهر بالاستيلاء على Galaxy Leader. وأعلنوا مؤخرًا أنه لن يتم استهداف السفن الإسرائيلية فقط، وأصروا على أنه سيتم الاستيلاء على أو مهاجمة جميع السفن التجارية التي تسافر من الموانئ الإسرائيلية إلى دولة أخرى أو العكس.

وفي الأيام الأخيرة، هاجموا عدة سفن حاويات في البحر الأحمر. وأدت الهجمات إلى إغلاق ميناء إيلات، واضطرار السفن التجارية إلى الإبحار حول أفريقيا بأكملها للوصول إلى الموانئ الإسرائيلية دون أي متاعب، مما أدى إلى زيادة وقت السفر وبالتالي ارتفاع تكاليف النقل. كما أدت هذه الهجمات إلى زيادة تكاليف التأمين على السفن المتجهة إلى إسرائيل وأثقلت كاهل الاقتصاد الإسرائيلي الذي يعاني بالفعل من ضغوط.

إن ممر البحر الأحمر حيوي بالنسبة للاقتصاد الإسرائيلي، واستمرار الوضع الحالي سوف يصبح صعبا ومكلفا بشكل متزايد بالنسبة لهم. لديهم العديد من الحلول في الاعتبار لحل هذه المشكلة.

أصدر “مجلس الأمن القومي” تعليمات عاجلة إلى موانئ إسرائيل لإزالة المعلومات المتعلقة بوصول ومغادرة السفن من مواقعها الإلكترونية.

والحل الآخر الذي يقترحه بعض الخبراء الصهاينة هو نقل البضائع إلى بورسعيد في مصر وتفريغها هناك، ثم نقلها إلى سفن أصغر ونقلها إلى الموانئ الإسرائيلية. ومع ذلك، فإن هذا الحل ليس ممكنا عمليا. وفي الواقع، فهم يعلمون أنه ليس لديهم أي خيارات عملية وعسكرية في مواجهة أنصار الله.

لكن الأمل الأهم بالنسبة لإسرائيل هو محاولة تحويل مشكلتهم إلى مشكلة الجميع. إنهم يبذلون قصارى جهدهم للتظاهر بأن تصرفات اليمن تعرض أمن التجارة الدولية في البحر الأحمر للخطر وبالتالي تجبر الآخرين على حل مشكلتهم.

ورغم أن الأميركيين منخرطون في هذا المشروع مع إسرائيل، كما صرحت السلطات الثورية في اليمن، إلا أنه لا يمكن لأحد أن يمنعهم من نصرة شعب فلسطين المظلوم. لقد أعلنوا بوضوح عن الحل: وقف المجزرة في غزة وإيصال الغذاء والدواء والسلع الحيوية إلى الشعب المحاصر.

ولا تقتصر مواجهة أنصار الله مع إسرائيل على الحرب الاقتصادية، وعلى الرغم من المسافة الكبيرة من الأراضي المحتلة، فقد شنوا هجمات صاروخية وطائرات بدون طيار على إسرائيل. وأدت تصرفات اليمنيين الشجاعة إلى إحراج بعض الدول الإسلامية التي تمتلك أدوات ضغط عديدة لوقف آلة القتل الإسرائيلية لكنها لا تستخدمها.

كل هذا يحدث واليمنيون أنفسهم يواجهون حربا وحصارا شديدا منذ أكثر من 8 سنوات، لكنهم رغم كل هذه الضغوطات هم أقوى من أي وقت مضى في المعادلات الإقليمية. ولا شك أن جعل البحر الأحمر غير آمن لاقتصاد النظام الإسرائيلي ليس الورقة الأخيرة لليمنيين في هذه اللعبة. وقد تكون في الطريق مفاجآت أكبر سيكشفها اليمنيون في الوقت المناسب.

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى