صابر حسين يكتب…. هل يحتاج الدورى المصرى لعالم فيزياء؟

موقع مصرنا الإخباري:

أدركت جميع الأندية أهمية الاستثمار فى كرة القدم، وصارت اللعبة أرضاً خصبة لتحقيق إيرادات ومكاسب مادية بجانب الإنجازات والفوز بالألقاب، لذا عكف مسئولو الأندية على وضع خطط ما يسمى “المشروع الرياضى والاقتصادى” للنادى، والذى يشمل الاستثمار فى كرة القدم بجانب التعاقد مع مدربين أكفاء ولاعبين محترفين، فضلاً عن متخصصين فى القياسات البدنية، والتحليل الفنى والبدنى أو ما يعرف بقسم الـ Data والتى أشار إليها أحد المرشحين لرئاسة نادي برشلونة فى الانتخابات المقبلة وهو خوان لابورتا، مؤكداً نيته فى استحداث قسم تحليل البيانات فى البارسا، لأهميته الفنية والاقتصادية فى مشروعه الرياضى، إلا أن هذا القسم موجود فى بعض الأندية الكبرى، ومنها ليفربول الإنجليزى، ولكن ماذا يفعل هؤلاء فى الأندية، وكيف يعمل هذا الفريق ليصبح صاحب اليد العليا فى اتخاذ القرارات المهمة بالنادى؟.

بعض التقارير كشفت عن الدور المحورى الذى يلعبه “إيان جراهام” فى ليفربول، وحقيقة وظيفة أستاذ الفيزياء الذى تخرج من جامعة كامبريدج، ويهتم بالتحليل والتفاصيل الدقيقة فى اختيار الصفقات المثالية، وبأقل تكاليف، بداية من مراقبة اللاعب وتحليل بياناته، وطريقة التسديد والتمرير الدقيق، أو حتى تنفيذه لرميات التماس، وصولاً إلى تأثيره على الأداء الجماعى والفردى بالفريق، ما أثار العديد من التساؤلات حول دور “جراهام”، وماذا يفعل قسم تحليل البيانات فى اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بمستقبل النادى فنيا واقتصاديا.

“مهندس الصفقات الناجحة فى ليفربول”.. هكذا يلقبه البعض، بفضل أسلوبه فى استكشاف المواهب ومراقبة اللاعبين بتحليل البيانات والمراقبة المباشرة، ومعرفة مدى ملاءمة اللاعب مع أسلوب المدرب، ثم يُعقد اجتماع ثلاثى بينه وبين المدير الرياضى ومدرب الفريق لمناقشة كل ما يتعلق باللاعب وصولاً لقرار حاسم حول مدى استفادة النادى من التعاقد معه أم لا.

مهمة “جراهام” لم تتوقف عند اختيار المواهب، بل تتعدى ذلك بالدراسة والتحليل لتطوير أداء اللاعبين بما يعود بالنفع على الفريق، وهو ما ترجمه حرفياً فى اكتشاف لاعب مغمور مثل روبرتسون، لم يكن معروفاً فى هال سيتى وانتقاله إلى ليفربول مقابل 7 ملايين يورو، ليتحول لأحد أفضل اللاعبين بالعالم فى مركزه ويتوج مع ليفربول بدورى أبطال أوروبا وكأس العالم للأندية والدورى الإنجليزى، كما تعاقد مع فينالدوم من نادٍ هابط فى ذلك الوقت هو نيوكاسل، وتحول اللاعب الهولندى إلى أحد نجوم خط الوسط فى الفريق، ومن قبله كوتينيو الذى جاء من إنتر وتألق فى ليفربول قبل انتقاله إلى برشلونة فى صفقة مدوية، كما حدث أيضاً مع عثمان، وكلاهما مازال النادى الإنجليزي يجنى ثمار مكاسب رحيلهما حتى الآن.

أما الدور الأهم لـ”جراهام” فيتمثل فى “المشروع الرياضى الاقتصادى المتكامل”، والذى لا يقل أهمية عن الجانب الفني، بامتلاكه قاعدة بيانات لأكثر من 100 ألف لاعب حول العالم، حسب التقارير المنشورة، لدراسة وتحليل بيانات هؤلاء اللاعبين واختيار من يناسب طموحات ومشروع النادى وفلسفة المدرب، وكيفية توظيف هؤلاء اللاعبين لتطبيق خططه، وهو ما تحقق بالفعل خلال السنوات الماضية، فنجح ليفربول فى تطوير أدائه بصورة ملحوظة، فانتقل من ثامن الترتيب عام 2015 للمركز الرابع فى 2016 و2017، ثم الصعود للمركز الثانى فى 2018 بفارق ضئيل عن أقرب منافسيه مانشستر سيتى، وصولا للتتويج التاريخى بالدورى الإنجليزى الموسم الماضى ليتحقق نجاح المشروع الرياضى بالنادى.

أما على الجانب الاقتصادى فحقق النادى من رحيل لاعبين أمثال كوتينيو، مامادو ساخو، لوكاس ليفا، إعارة أوريجي، ستوارت، وإعارة ستوريدج، سولانكي، إنجز، بينتيكي، سكرتيل، ايبي، آلان، مينيوليه، كينت، ويلسون، كلاڤان، حوالى 366 مليون يورو، بينما أجرى تعاقدات كلفته 437 مليون يورو، ما يعنى أن ليفربول تكلف 70 مليون يورو فقط.

فى النهاية لا تتوقف أهمية قسم الـ Data عند اختيار اللاعبين أو اكتشاف مواهبهم أو حتى تطويرها، وإنما يتعدى ذلك بالعديد من المكاسب المالية للأندية، ولو كان هذا القسم موجوداً مثلا فى نادٍ كبير مثل برشلونة لما تعاقد البارسا مع صفقات باهظة لا ترقى لطموحات العملاق الكتالونى وصارت علامات استفهام كبيرة من جانب جماهيره، أمثال كوتينيو أو جريزمان أو ديمبلي ممن يفتقدون كيمياء نادٍ بحجم برشلونة، بحسب تصريحات لابورتا نفسه.

هل تحتاج أندية الدورى المصري لتطبيق مشروع جراهام الناجح فى ليفربول؟.. هذا السؤال يحتاج لدراسة عاجلة وتفكير موضوعى بعقلية استثمارية، خاصة بعد الأرقام الفلكية التى صارت تنفقها الأندية للتعاقد مع لاعبين وسرعان ما تكتشف أنهم لا يستحقون هذه المبالغ فتضطر للاستغناء عنهم، ولو امتلك الأهلى قسما لتحليل البيانات على غرار جراهام لما تعاقد مثلا مع حسين الشحات مقابل 100 مليون جنيه، ولما ضم أيضاً مع أليو بادجى أو جيرالدو وسرعان ما فسخ تعاقدهما لعدم تأقلمهما مع الفريق، ولو امتلك الزمالك أيضا هذا القسم لما تعاقد الزمالك مع خالد بو طيب فى صفقة كلفت خزائنه 30 مليون جنيه قبل أن يرحل فى صمت، وقس على ذلك باقى أندية الدوري.

إذن فالأندية المصرية باتت فى حاجة لاستحداث هذا القسم والاستفادة من تجربة ليفربول مع جراهام، إن كانت فعلاً تسعى لتطبيق مشروعات رياضية وتحقيق أقصى استفادة مع الاستثمار فى كرة القدم.

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى