موقع مصرنا الإخباري:
أخطر ما يحدث فى أيامنا أن تفقد الذنوب الكبرى “خطرها” وتتحول إلى مجرد أخطاء صغيرة، أو إلى طريقة لمسايرة الحياة ومداهنة الأيام، ومن هذه الذنوب الكبيرة “شهادة الزور”.
عندما نقرأ فى المصحف الشريف قوله تعالى فى سورة الحج “وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ” نشعر برجفة عظيمة تليق بهذا الذنب الكبير الذى يغير كل شىء ويحول مصائر الناس، وذلك لأن فيه مضيعة للحقوق.
ولنا أن نتخيل أن كلمة “اجتنبوا” فى معناه أن يترك الإنسان مسافة بينه وبين الفعل، أى ابتعدوا عن شبهة قول الزور، وحاذروا أن تقعوا فيه.
وأقول، إن الأخطاء فى حياة الإنسان نوعان، الأول متعلق بشخصه، حيث يؤذى الإنسان نفسه، بأن يهمل فى حقه، أو يتراخى عن فعل يفيده، أو يعانى من الكسل، وغير ذلك الكثير الذى ينعكس ضرره على ذاته، والخطأ الثانى الأفدح والأكثر ضررا يتعلق بإيذاء الآخرين، ومن ذلك شهادة الزور، لأنها تضيع الحقوق وتعمل على انتشار الفساد فى الأرض، لأنها مثيرة للحنق والغضب ومضيعة لثوابت الحياة مثل العدل.
وقول الزور نوع من الكذب، ولكنه أخطر أنواع الكذب، فهو “كذب مركب” لو صحت الجملة، بمعنى أن الكذب قد يكون بسيطًا، فبعض الناس يحبون المبالغة فيدعون أنهم شجعان وهم جبناء وأنهم كرماء وهم بخلاء، وغير ذلك، فهذا كذب ولكنه لا يقارن بقول الزور فهو يبدأ من الكذب، ولكن هدفه تغيير الحقائق فى أمور تتعلق بحقوق الآخرين، وقد يتسبب فى دخول مظلومين إلى السجون وفى تبرئة ظلمة ومجرمين.
وفى شهادة الزور نوع من الألم لا يعرفه إلا من وقع عليه الظلم، وضيعت الكلمة الحرام حقه، لا يعرفه شاهد الزور، الذى وقف أمام قاض أو حتى فى مجلس عرفى وقال قولته الكاذبة، لا يعرف أن هذا النوع من الجرائم لا تغتفر بسهولة أبدا، وأن النبى الكريم عليه الصلاة والسلام حسبما ورد فى الحديث الشريف فيما معناه أنه كان يتحدث متكئا ولكنه عندما حذر من قول الزور اعتدل فى جلسته حيث جاء فى الحديث الصحيح “ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قلنا: بلى يا رسول الله! قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متكئًا فجلس فقال: ألا وقول الزور ألا وشهادة الزور، فما زال يكررها حتى قلنا: ليته سكت
بقلم أحمد إبراهيم الشريف