مساعد وزير الخارجية الأمريكي يجيب … لماذا تغير موقف “بايدن” في ملف سد النهضة

موقع مصرنا الإخباري:

توقع الدبلوماسى الأمريكى، مساعد وزير الخارجية الأمريكى للشؤون الإفريقية السابق، تيبور ناجى، التوصل إلى اتفاق نهائى بخصوص سد النهضة الإثيوبى بين مصر والسودان وإثيوبيا فى غضون عام من الآن، مشيرا إلى أن إدارة الرئيس الأمريكى جو بايدن باتت تبدى اهتمامًا متصاعدًا بالأزمة فى القرن الإفريقى بين الدول الثلاث.

وأوضح، خلال حوار أن أحد أسباب فشل مفاوضات واشنطن بين المصريين والسودانيين والإثيوبيين خلال العام الماضى تولى وزارة الخزانة الأمريكية رعاية المفاوضات، بينما كانت وزارة الخارجية الأمريكية هى الأقدر على التعامل مع أزمة معقدة مثل ملف سد النهضة. وتابع «تيبور ناجى»- الذى سبق وشغل منصب السفير الأمريكى فى إثيوبيا- أن رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد لا يملك حرية كبيرة للتفاوض فى ملف السد، خاصة أنه يواجه موسمًا انتخابيًا صعبًا فى إثيوبيا، لافتا إلى أن المناورات العسكرية المصرية- السودانية طريقة فاعلة لزيادة الوزن النسبى فى المفاوضات.. وإلى نص الحوار:

 

■ كيف تنظر إلى الموقف الأمريكى فى أزمة سد النهضة؟

 

– فى البداية، كانت الولايات المتحدة محايدة تمامًا، وكانت تراقب المفاوضات الجارية بين مصر والسودان وإثيوبيا بشكل روتينى ورمزى، وكان الدور الأمريكى وقتها أقرب إلى الاجتماع بكل الأطراف والإعراب عن تفهم مخاوف جميع الأطراف، كما كنا نؤكد أن واشنطن تأمل فى أن يتم التوصل إلى اتفاق.. وهكذا.

 

وعندما كنت مساعد وزير الخارجية خلال إدارة ترامب، بدأت واشنطن تنخرط بشكل مباشر فى الأزمة، حيث قاد الرئيس ترامب موقف الولايات المتحدة لرعاية المفاوضات بين الأطراف الثلاثة (مصر والسودان وإثيوبيا) بهدف التوصل إلى اتفاق، وقد كان الموقف الأمريكى مؤيدًا للغاية للموقف المصرى بعد سنوات طويلة من الحياد فى الأزمة، متأثرا بالعلاقة القوية بين الرئيس المصرى السيسى والرئيس الأمريكى وقتها ترامب. وفشلت مفاوضات واشنطن، وفشلت الرعاية الأمريكية للمفاوضات فى التوصل إلى اتفاق، وجاءت إدارة بايدن، التى كانت تميل إلى الحياد التام فى أزمة السد الإثيوبى، لكن المؤشرات الأخيرة تظهر اهتماما متزايدا من البيت الأبيض بالانخراط بشكل مباشر فى أزمة سد النهضة، فخلال الفترة الأخيرة تم تعيين السفير جيفرى فيلتمان كمبعوث أمريكى خاص بالقرن الإفريقى، الذى تكررت زياراته للمنطقة، ربما للتمهيد لدور أكبر لواشنطن، فضلا عن أن الاهتمام المتزايد من الخارجية الأمريكية والبيت الأبيض بالملف أصبح أمرًا لا تخطئه العين، وبالإضافة إلى هذا وذاك، المكالمة الرئاسية بين الرئيس بايدن والرئيس عبدالفتاح السيسى فى أعقاب التوصل لاتفاق لوقف إطلاق النار فى غزة برعاية مصرية، ولن أكون مبالغا عندما أقول إن موقف إدارة الرئيس بايدن من أزمة سد النهضة تغير بعد حرب غزة.

 

■ ولماذا فى تقديرك لم تنجح رعاية واشنطن لمفاوضات سد النهضة خلال العام الماضى؟

 

– لم تنجح مفاوضات واشنطن حول سد النهضة لثلاثة أسباب رئيسية:

 

أولا: المنهجية المختلفة للدول.. أرادت مصر اتفاقا سياسيا يشمل كل الأمور، بينما أرادت إثيوبيا اتفاقا فنيا يشمل الأمور الفنية فحسب، وكان السودان عالقا بين الطرفين.

 

ثانيا: رعاية وزارة الخزانة الأمريكية للمفاوضات بين الأطراف الثلاثة وليس وزارة الخارجية التى لها باع طويل وخبرة فى قضايا المياه، وفى الحقيقة لا أدرى خلفية قرار الرئيس ترامب بتكليف وزارة الخزانة وليس وزارة الخارجية بالتوسط.

 

ثالثا: الميل الأمريكى العلنى للموقف المصرى أثر بشدة على حيادية الدور الأمريكى، وهو ما جعل المفاوضين الإثيوبيين ينسحبون فى نهاية المطاف.

 

■ لكن مفاوضات واشنطن العام الماضى كانت واحدة فقط من سلسلة المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا حول السد، والتى امتدت لما يقرب من ١٠ سنوات.. فى تقديرك لماذا فشلت المفاوضات فى كل مرة فى التوصل إلى اتفاق حول السد؟

 

– أحد الأمور المدهشة بالنسبة لنا فى واشنطن كان أن السد فى الحقيقة هو مشروع تنموى كبير قد يحقق منفعة عظيمة لدول المنطقة إذا تم التفاهم والاتفاق حوله، وقد أكد لنا المصريون أكثر من مرة أنهم مع حق إثيوبيا فى التنمية، كما أعرب لنا الإثيوبيون مرات عديدة عن أنهم لا يعتزمون إلحاق أى ضرر مائى بدولتى المصب (مصر والسودان)، وأن السودان مهتم فقط بالاتفاق لتعظيم الاستفادة المرجوة من السد، لذلك فعدم التوصل إلى اتفاق بالرغم من الاتفاق على المبادئ الأساسية كان أمرا مثيرا للدهشة، لكن هناك عدة عوامل هى التى منعت وتمنع التوصل إلى اتفاق حتى الآن.

 

أهم هذه العوامل أن الطرفين اتخذا مناهج مختلفة ومقاربات أساسية مختلفة، كما ذكرت، بين المصريين والسودانيين الآن وإثيوبيا، وثانى هذه العوامل هو اقتراب موسم الانتخابات الإثيوبية وأهمية قضية السد بالنسبة للرأى العام فى إثيوبيا.

 

وأعتقد أن اكتمال بناء السد يضغط على كل الأطراف للتوصل إلى اتفاق.. وكما ذكرت، مشروع السد يمكن أن يكون جيدًا جدًا لكل منطقة القرن الإفريقى.. أكبر إشكالية تتمثل فى أن مصر لديها مخاوف من عدم انتظام تدفقات المياه، وإذا تم حل هذه الإشكالية فلن يكون هناك سبب يمنع التوصل إلى اتفاق، والآن بعد الانخراط الأمريكى المباشر يمكن أن تعود الأمور لتسير فى الاتجاه الجيد، وسوف أكون متفائلا وأقول لك: أعتقد أنه فى غضون الـ 12 شهرًا القادمة سنكون قادرين على رؤية اتفاق مُرضٍ بين الأطراف المختلفة، حيث سنكون تجاوزنا الانتخابات الإثيوبية، وستكون مرحلة الملء الثانى مرت بسلام، كما ستكون الولايات المتحدة فى وضع أفضل يؤهلها للعب دور أكبر فى جهود الوساطة.

 

■ ذكرت أن موسم الانتخابات فى إثيوبيا يؤثر على مسار مفاوضات سد النهضة.. كيف هذا من خلال خبرتك خلال وقت سابق كسفير للولايات المتحدة الأمريكية فى إثيوبيا ولديك معرفة قوية بالمجتمع الإثيوبى؟

 

– قلت هذا طوال الوقت.. طالما رئيس الوزراء الإثيوبى آبى أحمد يواجه انتخابات فهو لا يتمتع بالحرية الكاملة فى مفاوضات سد النهضة، دعنى أوضح لك أن الانتخابات الإثيوبية عامل مهم للغاية فى مسار مفاوضات سد النهضة، فكما يعلم الجميع أن هناك خلافات عديدة وعميقة للغاية الآن فى المجتمع الإثيوبى، سواء كان الأمر يتعلق بالسياسة العرقية فى البلاد أو السياسات المحلية وغيرهما من الأمور الأخرى، ولكن هناك قضية واحدة يتفق عليها كل إثيوبى، وهى سد النهضة. وفى واقع الأمر، السد ممول من الشعب الإثيوبى، فكما تعلم كنا نرى مواطنين إثيوبيون ربما دخلهم السنوى 500 دولار فقط، وكانوا يشترون سندات لبناء السد، كما أن الجالية الإثيوبية فى أمريكا كانت تتبرع لبناء السد بشكل مرعب، ولذلك فإنه من المستحيل لرئيس الوزراء الإثيوبى تقديم تنازلات طالما يواجه انتخابات.

 

■ كيف تنظر إلى مرحلة الملء الثانى لبحيرة السد المقررة الشهر المقبل والتى سبق وأعلنت أديس آبابا عن عزمها البدء فيها بشكل أحادى؟

 

– دعنى أكُن صريحا معك، سيكون هناك ملء ثانٍ هذا الصيف، لأن هذا هو موسم الأمطار فى إثيوبيا، فلا يمكنك إيقاف الملء الثانى لأنه لا يمكنك إيقاف هطول الأمطار.. فكما تعلمون، إذا كان معدل هطول الأمطار فى إثيوبيا طبيعيًا أو أعلى من المعتاد، فسيكون هناك ملء خلف السد، والله فقط هو من يمكنه منع الملء الثانى بإيقاف هطول الأمطار.

 

■ مؤخرًا، ارتفعت وتيرة التعاون العسكرى المصرى السودانى، كما تم إجراء العديد من المناورات العسكرية بين الطرفين، تزامن هذا مع توقيع مصر عددًا من اتفاقيات التعاون العسكرى مع دول حوض النيل.. كيف تنظر إلى مثل هذه التحركات فى ضوء تحذير العديد من الخبراء والمراقبين من تصعيد كارثى فى أزمة السد إذا ما أقدمت إثيوبيا على الملء الثانى بشكل أحادى؟

 

– لدينا تعبير دبلوماسى يسمى «Saber Rattling»، ويعنى «إنها طريقة رائعة لإضافة أوزان إضافية إلى جانبك من الميزان»، لكن فى نهاية الأمر، كما تعلمون، مجرد أن الناتو يجرى تدريبات عسكرية على حدود روسيا، فهذا لا يعنى أن الناتو يستعد لغزو روسيا، أو العكس، فالعديد من التدريبات العسكرية تكون طريقة للإدلاء ببيان سياسى.

 

الجميع فى واشنطن يدرك قوة الجيش المصرى، لكننا نعلم جميعًا أن القوات المسلحة المصرية لن تتورط فى قتال فى جبال إثيوبيا لتسيطر على السد، ولا الجيش السودانى أيضًا، كما سيكون من الصعب جدًا إطلاق نوع من الهجوم الجوى على السد، لأن الأمر سيفتح بابًا من الجحيم لكارثة إنسانية جديدة فى المنطقة التى تعانى فى الأساس من اضطرابات كبيرة. لذلك أعتقد حقًا أن الحل العسكرى غير مطروح على الطاولة، وأن الحل الوحيد للأزمة هو التفاوض.

 

■ بماذا ستنصح الفريق الأمريكى المكلف بالوساطة فى ملف سد النهضة إذا كنت موجودا فى الخدمة فى الخارجية الأمريكية؟

 

– يجب على الولايات المتحدة أن تنخرط بجهود الوساطة بشكل حصرى، أى يجب ألا يكون هناك وسيطان أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة.. وسيط واحد فقط وهو الولايات المتحدة، لأن الوسطاء المختلفون لن يساعدوا فى تسريع عملية المفاوضات.

 

وجهت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، ضربة قوية إلى نظام رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد، ومسئوليه عبر فرض عقوبات عليهم بسبب إقليم تيجراي.

واعلن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، فرض قيود على منح تأشيرات إلى أي مسئول أمني أو حكومي حالي أو سابق إثيوبي أو أريتري، ثبت ضلوعه في الانتهاكات التي ترتكب بإقليم تيجراي.

ودعت الخارجية الأمريكية، المجتمع الدولي إلى الانضمام لهذه الإجراءات.

 

كما أعلنت الخارجية الأمريكية فرض قيود واسعة النطاق على المساعدات الاقتصادية والأمنية إلى إثيوبيا، مؤكدة مواصلة مساعدة إثيوبيا فقط في مجالات الصحة والأمن الغذائي والتعليم الأساسي ودعم النساء والفتيات وحقوق الإنسان والديمقراطية والحكم الرشيد وتخفيف حدة النزاعات.

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى