رد حزب الله: عندما تتجاوز المقاومة حدود الفعل إلى التأثير النفسي والسياسي
في ظل الأحداث المتسارعة في المنطقة، جاء رد حزب الله الأولي ضد الكيان الصهيوني ليشعل جدلاً واسعاً ويثير موجة من النقاشات الحادة. ورغم أن البعض قد يعتبر أن هذا الرد لم يحقق الفائدة المرجوة في البداية، إلا أن الواقع يروي قصة مختلفة تمامًا، حيث كشفت ردود الأفعال عن حقيقة مغايرة تماماً لما يظهر على السطح.
عندما نعود إلى ردة الفعل الصاخبة التي جاءت من جانب بعض العرب الداعمين لإسرائيل عبر وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعي، نجد أن هذه الردود كانت متشنجة ومليئة بالغضب والقلق. وهو ما يثير سؤالاً مهماً: لماذا هذا الغضب العارم إذا كان الرد كما يدعون لم يحقق شيئاً؟ من المفترض أنه إذا كان هذا الرد عديم الفائدة، لكان الفرح هو رد الفعل الطبيعي، ولكن بدلاً من ذلك، نرى حالة من القلق والتوتر الظاهرين.
الحقيقة التي لا يمكن تجاوزها أو إنكارها هي أن هذا الرد، بغض النظر عن تقييم البعض له من حيث النتائج المباشرة، قد أوجع بالفعل. أوجع هؤلاء الذين يرون في حزب الله تهديداً دائماً، وأوجع أيضاً أولئك الذين يدعمون إسرائيل بشكل سافر ويشعرون بالتهديد المستمر من قوة المقاومة المتزايدة في المنطقة. هذه الحقيقة تؤكد أن المقاومة، مهما كانت الظواهر، ما زالت تشكل قوة يصعب كسرها أو تجاهلها.
ما نشهده الآن هو أكثر من مجرد رد عسكري؛ إنه رد ذو أبعاد نفسية وسياسية عميقة. لقد أثار هذا الرد مخاوف كبيرة لدى أولئك الذين يراهنون على ضعف المقاومة، وأظهر أن المقاومة ما زالت تشكل قوة حقيقية يصعب التعامل معها بسهولة. إن حالة الذعر التي أصابت من يعتبرون أنفسهم حلفاء لإسرائيل تؤكد أن هذا الرد كان له تأثير يتجاوز حدود الفعل المباشر، ليصل إلى مستويات أعمق من التحليل والاستنتاج.
إذن، ما يجري الآن ليس مجرد معركة في ساحة الحرب، بل هو اختبار للقوة النفسية والمعنوية. إنه اختبار لقدرة المقاومة على إزعاج خصومها وإثارة مخاوفهم، حتى عندما يبدو أن تأثير الرد محدود. وما يثبت ذلك هو هذه الحالة من الاضطراب والقلق التي اجتاحت مناصري إسرائيل، والذين أدركوا ربما للمرة الأولى أن حزب الله والمقاومة في المنطقة لن يكونوا مجرد قوة عابرة يمكن التغاضي عنها.
احمد آدم