موقع مصرنا الإخباري:
لقد انتقلت إيران في المعادلة الدولية من مرحلة «الاستيعاب» إلى مرحلة «الارتداد» وعكس الضربات في الاتجاه الذي تخرج منه.
إن الاستراتيجية الأميركية في غرب آسيا بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر هي استراتيجية خفض التصعيد، إذ لا تملك أميركا القدرة ولا المصلحة في توسيع الحرب والتعامل مع محور المقاومة برمته. وهي تواجه حالياً كل كيانات محور المقاومة بشكل مستقل ودفاعي، حيث يمثل السابع من تشرين الأول/أكتوبر نقطة التحول في العملية العسكرية المقاومة الهجومية لأول مرة.
في أعقاب قيام كيان الاحتلال الإسرائيلي بقتل جنرال فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني، رازي موسوي، في أواخر ديسمبر/كانون الأول، سعت أمريكا إلى النأي بنفسها عن الهجوم، في إطار جهود متواصلة لتجنب المواجهة المباشرة وسوء التفاهم مع إيران. إن جمهورية إيران الإسلامية في حالة رد هجومي ومعلن على العديد من الهجمات التي تحدث داخل أراضيها وخارجها، مثل الهجوم الذي وقع في كرمان خلال إحياء الذكرى الرابعة للجنرال سليماني. وردا على ذلك، قصفت إيران قاعدة للموساد في أربيل ومجموعة جيش العدل في مقاطعة بلوشستان الباكستانية، المرتبطة بالإرهابيين الذين نفذوا هجوم كرمان.
لقد انتقلت إيران في المعادلة الدولية من مرحلة «الاستيعاب» إلى مرحلة «الارتداد» وعكس الضربات في الاتجاه الذي تخرج منه. إيران لم تنتظر أو تؤجل هجماتها، بل ردت سريعا في أماكن غير متوقعة، تماما في مقر المؤامرة. وكما قال وزير الخارجية الروسي لافروف، فإن الضربات ليست بعيدة في جوانب الصراع في غزة، أي أن الضربات الإيرانية هي رد على ضربات كيان الاحتلال الإسرائيلي، من خلال ضرب أدواته الإقليمية الموجهة ضد إيران. .
ولا شك أن إيران سترد على المراكز التي انتشرت منها هذه الهجمات ضد إيران، والفارق الآن هو المكان والزمان المخصصان للرد، اللذين أصبحا في المتناول والقريب، حاسمين ومفاجئين وغير متوقعين. وتقول إيران إنها في وضع آخر قادر على منع هذا الأمر من التمادي.
وسرعان ما تراجع رد الفعل التخويف الباكستاني الأولي وضعفت عندما أدركت أن أمريكا لا تملك ترف الاهتمام بهذا الاستفزاز، كما أنها لم تكن مهتمة باستخدام باكستان في هذا المسعى. الحرب الحالية في غزة هي ما يشغل اهتمام أميركا. لم يعد أمامها الوقت الكافي لإحصاء خسائرها المتتالية وجمع أدواتها، فيما يرتجف بين يديها مشروعها الأهم في المنطقة، كيان الاحتلال الإسرائيلي. والحقيقة أن الساحة الدولية تتغير بسرعة، في حين أن أمريكا في عالم آخر عن عالم اتباع السياسات الاستفزازية والترهيبية؛ إنه حاليًا في وقت مختلف عن هذا.
والحقيقة أن الأطراف التي كانت بالأمس مخالب المواجهة ضد سياسات إيران، الداعمة للمقاومة ضد الاحتلال والطغيان، تبحث الآن عن حلول وسط بسبب تحول الوضع على الأرض. وكان السابع من أكتوبر هو العامل الحاسم الذي أظهر من هم أهل الحق الذين يسعون لخلاص شعوبهم وتحريرها، ومن هم الأدوات التي تسعى إلى تدمير إرادة شعوبهم، بما في ذلك الحكام العرب الرهائن للمصالح الغربية.
وقد تبين الجهات الخاضعة والفاعلة، ومن بينها من يسكت لضعف أو تآمر. إن شعوب المنطقة والعالم تتغير، ويرفع الرأي العام الإقليمي والدولي حجابه، فسقطت الأقنعة وظهرت الحقائق. لقد أصبحت الحقائق واضحة حول من هو راعي الجريمة الدولية، وانكشفت الآن، ومن هو راعي الذل والخضوع. كما تم توضيح أن أولئك الذين يلهمون التحرر والتحرر، مجهزون بأدوات المواجهة، وإلهام الحركة، والكرامة.
وقد بدأت شعوب المنطقة والعالم تدرك هذا الواقع، ولم يعد الخداع والتحليل الكاذب وأنماط الكذب تمر أو تخدع. ولم يدرك الموقف الباكستاني الرسمي الأولي بداية هذه المرحلة وحاول منح نفسه فرصة في دور لم يعد له مكان أو مكان لدى الأميركيين. والخبر السار هو أن باكستان لم تكن متوهمة، ولم تستغرق وقتا طويلا حتى تدرك ذلك، رغم تأخرها.