برلين – أعلن عدد من المحامين الألمان رفع دعوى عاجلة ضد الحكومة الألمانية لإلزامها بوقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل بتكليف من فلسطينيين في قطاع غزة، وذلك للاشتباه في أن هذه الأسلحة “مستخدمة في انتهاكات جسيمة للقانون الدولي”. وتعد هذه ثاني دعوى قضائية يرفعها هؤلاء المحامون المنتمون إلى منظمات فلسطينية تعمل في أوروبا. ويطلب المشتكون من الحكومة الألمانية “حماية حياتهم” ووقف تصدير الأسلحة، وفق ما ذكره كل من “مركز الدعم القانوني الأوروبي” و”معهد فلسطين للخدمات العامة الدبلوماسية” ومنظمة “القانون من أجل فلسطين” ووكالة “فورينسيس للأبحاث”، وهي جهات داعمة للدعوى القضائية. وارتكز المحامون على عدة وقائع من بينها أن ألمانيا باتت أكبر داعم أوروبي لإسرائيل في السلاح، وبلغت قيمة الأسلحة الألمانية التي وصلت إلى إسرائيل نحو 326 مليون يورو عام 2023، غالبيتها تم إرسالها بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، مما ضاعف صادرات الأسلحة الألمانية لإسرائيل بقرابة 10 مرات. وتقول نادية سمور، وهي محامية رفعت الدعوى باسم مركز الدعم القانوني الأوروبي، “نعتقد أن القضية تملك حظوظا بالحكم لصالحها لأن محكمة العدل الدولية تجد باستمرار أن عمليات إسرائيل وتوفير الحكومة الألمانية للأسلحة يتناقضان مع القانون الدولي”. وتضيف “ولأن القضاء الهولندي حكم بحظر تصدير قطع المقاتلات إف-35 إلى إسرائيل، وهو حكم مبني على تشريعات الاتحاد الأوروبي، التي تلزم ألمانيا كذلك، وبالتالي هي جزء من دعوانا”. وتؤكد أن من الأسباب الأخرى التي تدعم نجاح الدعوى العاجلة هو أن مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة صوت بالأغلبية لصالح وقف تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، فضلا عن أن موكليهم يعيشون حاليا في غزة، وهم متضررون بالدرجة الأولى ومن حقهم رفع دعاوى مماثلة. دعم متواصل وذكر بلاغ عن المنظمين أن الحكومة الألمانية مستمرة في دعم إسرائيل خلال عام 2024، وأنها تخطط للموافقة على تصدير 10 آلاف قذيفة دبابات من عيار 120 مليمترا. كما أعطت الموافقة على تصدير 3 آلاف قطعة سلاح محمول مضاد للدبابات، ونصف مليون من الذخيرة الموجهة للمسدسات والرشاشات، فضلا عن تقديم 5 طائرات مسيّرة من نوع “هيرون تي بي” (إيتان)، وهي طائرات تصنعها إسرائيل، وكانت برلين قد استأجرتها منها. ونقل البلاغ هذه الأرقام عن تقرير لـ”فورينسيس للأبحاث” المتخصصة في التحقيق في سجلات التسلح. وذكر هذا المصدر -نقلا عن أرقام معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري” (SIPRI)- أن ألمانيا تعد ثاني أكبر مورد للسلاح إلى إسرائيل في العالم بعد الولايات المتحدة. وكانت برلين مسؤولة عن 47% من إجمالي واردات إسرائيل من السلاح عام 2023. ودأبت الحكومة الألمانية على الموافقة على طلبات تصدير السلاح إلى إسرائيل، وبلغت نسبة الاستجابة للطلب الإسرائيلي 99.75% منذ عام 2003 بواقع 3.3 مليارات يورو، واستجابت لـ4427 طلبا، في حين لم ترفض سوى 54. كما بلغت نسبة الأسلحة الموجهة للاستخدام الحربي 1.1 مليار يورو خلال الفترة نفسها. دعوى أولى وكانت هذه الهيئات قد رفعت دعوى ضد الحكومة الألمانية نهاية فبراير/شباط الماضي بتهمة “المساعدة والتحريض على الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني في غزة”. وقدمت الدعوى تحديدا ضد أعضاء مجلس الأمن الفدرالي، وهي الجهة التي توافق على تراخيص الأسلحة، وتتكون من أعضاء الحكومة الألمانية ومنهم المستشار الألماني أولاف شولتس ووزيرة الخارجية أنالينا بيربوك. وحول هذه الدعوى، توضح المحامية سمور أنه لم يتم التعليق عليها بعد من طرف الادعاء العام الألماني، لكنها كانت حافزا لعدة أشخاص من أجل الانضمام إلى التحرك ورفع دعاوى مماثلة. كما تشدد على أن المحامين الذين رفعوا الدعوى هم جزء من حركة عالمية تدعو إلى وقف فوري لإطلاق النار ووقف كل تراخيص تصدير السلاح في الحرب على غزة. وأعربت عن أملها في أن تؤدي هذه الجهود، وكذلك مطالب المنظمات الحقوقية والمظاهرات في الشارع، إلى الضغط على الحكومة الألمانية لمراجعة موقفها. وكانت دولة نيكاراغوا قد رفعت دعوى أمام محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة ضد ألمانيا بسبب تقديمها مساعدات مالية وعسكرية لإسرائيل، ولتوقفها عن تمويل وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، وطالبت بإصدار تدابير طارئة تلزم برلين بالتوقف عن دعم تل أبيب عسكريا وإلغاء قرار وقف تمويل الأونروا. وحددت المحكمة يومي السابع والثامن من أبريل/نيسان الجاري لبدء النظر في الدعوى.
المصدر : الجزيرة