دراسة جديدة تؤكد الحق الفلسطيني في مقاضاة قادة إسرائيل أمام الجنائية الدولية

موقع مصرنا الإخباري

قالت دراسة جديدة للقاضي الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة، إن عجز المجتمع الدولي ومنظماته الدولية عن وقف إطلاق النار بقطاع غزة الذي تجاوز الشهر المتواصل، وراح ضحيته عدد كبير من أهل غزة خاصة الأطفال والشيوخ والنساء، يجعل العقل البشري في حيرة عن أسرار عدم قدرة المجتمع الدولي لدفع جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان المحتل ضد شعب فلسطين، لإكراههم على التهجير القسري بالمخالفة للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. وتناولت الدراسة التي حملت عنوان: “محاكمة قادة إسرائيل عن جرائم الإبادة الجماعية للمدنيين بغزة والإكراه على التهجير القسري لسيناء أمام المحكمة الجنائية الدولية.. “العقبات والحلول”، في الجزء الأول منها كيفية قيام قادة إسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية لسكان غزة بأسلحة فتاكة التدمير بقصد تهجيرهم قسرياً ( جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية)، وأن الملاحقة القضائية لقادة إسرائيل لا يستهان بها، وربما أدت لوقف إطلاق النار الذي عجز عنه مجتمع الكرة الأرضية. ويتناول الجزء الثاني من الدراسة خمس نقاط تحمل أدلة قوية للرد على مزاعم إسرائيل بأن الفلسطينيون غير مؤهلين كدولة ذات سيادة، كما أنهم لا يخضعون لسلطة المحكمة الجنائية الدولية. أولًا: إشكالية اكتساب فلسطين صفة “الدولة” وكيف تغلبت عليها من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012. يقول الدكتور محمد خفاجى في بادئ الأمر أودعت فلسطين إعلانها الأول للانضمام للمحكمة الجنائية الدولية في 22 يناير 2009 بركيزة من نص المادة 3/12 من نظام روما الأساسي، التي ينص على أن قبول الدولة غير طرف لاختصاص المحكمة يتطلب أن تقوم بإيداع إعلان لدى مسجل المحكمة. وفي عام 2012 أعلن المدعي العام للمحكمة فتح دراسة أولية حول الحالة في فلسطين، لكنه انتهى إلى عدم فتح أي تحقيق أولى نظرًا إلى عدم وضوح شرط كون فلسطين “دولة” بموجب القانون الدولي، وتلك كانت إشكالية كبيرة تتعلق بمدى امتلاك فلسطين لصفة “دولة” حسب القوانين الدولية، وأوقفت المحكمة الجنائية الدولية عملها لحين استكمال هذه الصفة؟ وتوجهت فلسطين إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل التغلب على تلك الإشكالية والاعتراف لها بصفة الدولة، وبالفعل نجحت إرادة المجتمع الدولة ضد إرادة إسرائيل وإرادة الولايات المتحدة الأمريكية وبعض حلفائها الغرب، وأصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارها رقم 67/19 بجلستها المنعقدة في 29 نوفمبر 2012 بالاعتراف لفلسطين بصفة “دولة مراقب غير عضو ” في الأمم المتحدة وحثت في ذات الوقت مجلس الأمن الدولى على التوجه نحو الإعتراف بفلسطين دولة كاملة العضوية لتوافر العناصر الثلاثة المكونة للدولة من إقليم وشعب وسلطة ذات سيادة. ثانيًا: 138 دولة اعترفت لفلسطين بصفة “دولة مراقب غير عضو” وانضمت بهذه الصفة للمحكمة الجنائية الدولية وتذكر الدراسة أن القرار رقم 67/19 الصادر من الجمعية العامة للأمم المتحدة بجلستها المنعقدة في 29 نوفمبر 2012 بمنح فلسطين صفة “دولة مراقب غير عضو ” في الأمم المتحدة، هو الذي يرقي بمرتبة فلسطين من كيان غير عضو إلى دولة مراقب غير عضو، وقد أيد القرار غالبية العالم 138 دولة، وعارضته 9 دول، وامتنع عن التصويت 41، وتغيبت خمس دول، وقد أتاحت الصفة الجديدة لفلسطين إمكانية الانضمام لمنظمات دولية مثل المحكمة الجنائية الدولية. ومارست فلسطين بالفعل حقها في التصويت لأول مرة بموجب صلاحيتها الجديدة في المنظمة الدولية في 18 نوفمبر 2013، بالتصويت لانتخاب أحد قضاة محكمة الجنائية الدولية الخاصة بيوغوسلافيا السابقة ثالثاً : قصة إشكالية بسط اختصاص المحكمة الجنائية الدولية على الأراضي التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967 خاصة قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وكيف تغلبت عليها المحكمة ؟ ويضيف الدكتور محمد خفاجى، بناء على الاعتراف لفلسطين بأنها ” دولة مراقب غير عضو” تقدمت فلسطين بإعلانها الثاني للمحكمة الجنائية الدولية عام 2015 والذي ينص على قبولها لصلاحية المحكمة الجنائية الدولية على الجرائم الدولية التي تم ارتكابها في فلسطين منذ 13 يونيه 2014، ومن ثم تقدمت فلسطين بطلب الانضمام للمحكمة الجنائية، وبعد انضمام فلسطين إلى المحكمة الجنائية الدولية ترتب على ذلك أن المدعية العامة للمحكمة “فاتو بنسودا” فتحت دراسة ثانية وتحقيق أولي في فلسطين فى 16 يناير 2015 عن المدة من عام 2015 وحتى 2019 حول ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. وانتهت الدراسة الأولية إلى وقوع جرائم حرب في الإقليم الفلسطيني. وتشير الدراسة، أن المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية “فاتو بنسودا”عمدت إلى وقف الدراسة الأولية محل التحقيق الأولى ورفعت طلباً للدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية استنادا إلى المادة 3/19 من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة، طالبة من تلك الدائرة تقديم تأكيد حول كون الإقليم الذي تمارس عليه المحكمة الجنائية اختصاصها يشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية من عدمه ؟ وبجلسة 5 فبراير 2021 انتهت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية إلى قرار قضائي يعد انتصاراً للعدالة الغائبة عن المجتمع الدولي، مفاده أن ” الاختصاص الإقليمي للمحكمة بالنسبة للحالة في فلسطين، التي هي دولة طرف في نظام روما الأساسي، هو اختصاص يشمل الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 لا سيما غزة والضفة الغربية، وبما في ذلك القدس الشرقية” وتبعا لهذا القرار التاريخى للدائرة التمهيدية أضحت المحكمة الجنائية الدولية صاحبة اختصاص أصيل لا مراء فيه في النظر فى كافة الجرائم التي وقعت على الإقليم الفلسطيني منذ عام 2014 . ويترتب على ما تقدم، أنه وفقاً لقرار الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية في بسط المحكمة ولايتها على جميع الأراضي التي تحتلها إسرائيل منذ عام 1967 لا سيما غزة والضفة الغربية، وبما في ذلك القدس الشرقية، بات حقاً أصيلا لشعب لفلسطين في محاكمة قادة إسرائيل عن جرائم الإبادة التي ارتكبتها إسرائيل ضد سكان قطاع غزة بدءاً من أكتوبر ونوفمبر 2023 حتى اليوم وإكراههم على التهجير القسري. وينبغى على فلسطين أن تتقدم إلى تلك المحكمة بطلب رسمى على الفور – إن لم تكن قد قدمته فعلاً – لبدء تحقيق رسمي مفتوح أمام المحكمة الجنائية الدولية خاصة فى ظل حالات القذف بالقنابل والصواريخ والأسلحة الفسفورية المحرمة دوليا ، وقد أصبح لها الصلاحية الدولية لتقديم إدعائها الجنائى الدولي وهو السبيل القانوني القادر على مساءلة مجرمي الحرب الإسرائيليين عن الجرائم الإبادة بكل صورها المعروفة في القانون الدولي وهو ما يعطي لفلسطين والعرب اَمال دولية في ملاحقة مجرمي الحرب من قادة إسرائيل ومساءلتهم عن كافة جرائم الإبادة ضد المدنيين التي ارتكبوها ضد الفلسطينيين خاصة الأطفال والنساء والشيوخ في حرب الإبادة التى شنتها على سكان غزة . رابعاً : المحكمة الجنائية الدولية الملاذ الأخير لمعاقبة مجرمي الحرب بإسرائيل ضد فلسطين وعلى الدول الأعضاء في المحكمة أن تنهض لحماية استقلالها في مواجهة الضغوط والعداء المستمر من أمريكا وإسرائيل ويذكر الرأي عندي أن الفرصة قد سنحت لفلسطين أمام أعين المجتمع الدولى للحكم على مدى فاعلية المنظمات الدولية خاصة المحكمة الجنائية الدولية على الرغم من كافة العراقيل والعقبات، وإن قرار المحكمة في دائرتها التمهيدية يمثل خطوة إيجابية نحو محاسبة الأشخاص المتورّطين في النزاع المستمر منذ قرن من الزمن، عن جرائم ارتُكِبت ضد الإنسانية وعلى قمتها الإبادة الجماعية للمدنيين بغزة 2023 . ويؤكد الدكتور خفاجى، أن كل تلك الجرائم ترقى إلى جريمة حرب، وجريمة ضد الإنسانية يتعين مقاضاة قادة إسرائيل أمام المحكمة الجنائية الدولية حتى لا يظل الإفلات من العقاب على جرائم الحرب هو السائد على أعين المجتمع الدولي، فلا تكون هناك جدوى من قواعد القانون الدولي ولا القانون الدولي الإنساني، ولا يبقى أي أمل حقيقي في جدوى وفاعلية المنظمات الدولية، فمازال للمحكمة الجنائية الدولية دور حاسم يمكن تلعبه بحسبانها الملاذ الأخير لمعاقبة مجرمي الحرب بإسرائيل ضد فلسطين، وعلى الدول الأعضاء في المحكمة أن تنهض وتقف بكل قوتها لحماية استقلالية المحكمة الجنائية الدولية في مواجهة الضغوط والعداء المستمر للتحقيق في سلوك قادة مجرمى الحرب الإسرائيليين ومن يدعهمهم من قادة أمريكا . خامساً : حق أصيل لشعب لفلسطين في مقاضاة قادة إسرائيل بعد أن أخضعت الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية 2021 الإقليم الفسطينى المحتل منذ عام 1967 لولايتها بما فيها غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية وتشير الدراسة أنه بناء على طلب المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية “فاتو بنسودا” بإحالة طلبها للدائرة التمهيدية الأولى La Chambre préliminaire في المحكمة الجنائية الدولية استنادا إلى المادة 3/19 من نظام روما الأساسي المنشئ للمحكمة طالبة منها حول مدى جواز ممارسة اختصاص المحكمة على الإقليم الفلسطيني المحتل من إسرائيل الذي سوف تمارس عليه المحكمة الجنائية اختصاصها يشمل قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية من عدمه ؟ وبجلسة 5 فبراير 2021، أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية قراراً قضائياً تاريخياً بشأن بسط اختصاصها على جميع الأراضى الفلسطينية التي احتلتها إسرائيل منذ عام 1967 خاصة غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية، وصدر القرار القضائي برئاسة القاضي “مارك بيرين دي بريشامبو” وعضوية القاضي “بيتر كوفاكش” والقاضية “رين ألابيني-غانسو” وهم القضاة الثلاثة في الدائرة التمهيدية في المحكمة الجنائية الدولية، الذين كُلفوا بالنظر في وضع فلسطين بسريان الاختصاص الإقليمي المتعلق بفلسطين باعتبارها دولة جزء من نظام روما الأساسي لينبسط على كل ما يقع في الأراضي المحتلة من قبل إسرائيل منذ عام 1967،خاصة قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية , مما يجعل الإقليم الفسطينى المحتل يخضع للاختصاص الإقليمي للمحكمة. ويوضح الدكتور خفاجى أن الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية قد أشارت إلى المعنى العادي المعطى لمصطلحاتها في السياق وفي ضوء موضوع النظام الأساسي والغرض منه، فإن الإشارة إلى “الدولة” التي حدث السلوك المعني في أراضيها متحقق بشأن فلسطين، وأن ما تتمتع به من وضع قانوني فيما يتعلق بالقانون الدولي العام، بأن انضمام فلسطين إلى النظام الأساسي سيترتب عليه الإجراء الصحيح بعد قبول فلسطين كدولة طرف في نظام روما الأساسي وقد لاحظت الدائرة التمهيدية الأولى بالمحكمة الجنائية الدولية أن الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد صاغت قرارات أخرى ذات طبيعة مماثلة،منها في القرار 67/19 بحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير والاستقلال في دولة فلسطين الواقعة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، ومن ثم خلصت الدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية إلى أن الاختصاص الإقليمي للمحكمة في الوضع في فلسطين يقع على الأراضي المحتلة من إسرائيل منذ عام 1967، خاصة قطاع غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. ويختتم الرأي عندي أن القرار القضائي للدائرة التمهيدية بالمحكمة الجنائية الدولية في 5 فبراير 2021 بتأكيد اختصاص المحكمة على الوضع في فلسطين يفتح الطريق المنصف الذي طال انتظاره لتحقيق العدالة للضحايا الفلسطينيين من جرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبتها إسرائيل حديثاً فى أكتوبر ونوفمبر 2023، ضد المدنيين بقطاع غزة بترسانة الأسلحة المدمرة للشعوب، وأضحى حقاً أصيلاً لشعب لفلسطين بفتح تحقيق رسمي في فلسطين نظراً إلى الأدلة القوية على ارتكاب جرائم خطيرة عن الإبادة الجماعية والإكراه على التهجير القسرى بما يؤدي إلى محاكمة المسئولين الإسرائيليين عن ارتكاب جرائم الحرب وجرائم ضد الإنسانية في محاكمة عادلة.

المصدر بوابة الأهرام

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى