خيارات مريرة.. سكان غزة محاصرون بين نار القصف وجحيم النزوح القسري
أصدر جيش الاحتلال الإسرائيلي أوامر إخلاء جديدة لأحياء في شرق مدينة غزة، ما يضع الفلسطينيون أمام خيارين مؤلمين، إما البقاء في منازلهم رغم المخاطر وإما النزوح في ظروف إنسانية قاسية، في حين تأتي هذه الأوامر ضمن تصعيد عسكري متواصل منذ انهيار وقف إطلاق النار في مارس الماضي.
أوامر إخلاء متكررة
وأشارت صحيفة “نيويورك تايمز” إلى أن أوامر الإخلاء الجديدة استهدفت مناطق في شرق مدينة غزة، بعضها سبق أن تم إعلانها مناطق إخلاء الأسبوع الماضي، ما يشير إلى أن بعض السكان ظلوا في منازلهم رغم التحذيرات السابقة، وأشارت الأمم المتحدة إلى نزوح نحو 390 ألف شخص خلال الأسابيع الأخيرة فقط.
منذ انهيار الهدنة، أصدرت إسرائيل سلسلة من أوامر الإخلاء شملت ما يقرب من نصف أراضي القطاع، وفقًا لتحليل أجرته نيويورك تايمز لخرائط جيش الاحتلال الإسرائيلي.
وتظهر صور الأقمار الصناعية تقدم القوات الإسرائيلية نحو مدينة رفح جنوبي القطاع من اتجاهين.
البقاء أو الرحيل
“لا نريد المغادرة، إلى أين سنذهب؟ الأمر متعب للغاية،” هكذا عبر أحمد المصري ذو الـ26 عامًا، أحد سكان بيت لاهيا شمالي غزة، الذين رفضوا أوامر الإخلاء، كما نقلت عنه صحيفة “نيويورك تايمز”.
وأوضحت الصحيفة الأمريكية أن الفلسطينيين في غزة يواجهون خيارات صعبة، وهي إما البقاء في مناطق الخطر وإما النزوح نحو المجهول، فالذين يختارون البقاء يواجهون خطر الموت، بينما يعاني النازحون من الاكتظاظ ونقص المياه وانتشار الأمراض في مراكز الإيواء المؤقتة.
وأشارت الصحيفة إلى أن بعض الفلسطينيين الذين تجاهلوا أوامر الإخلاء أكدوا أنهم سيغادرون فقط إذا دخلت الدبابات الإسرائيلية إلى أحيائهم، متعاملين مع “الواقع على الأرض”، كما وصف المصري الوضع.
وأوضحت نيويورك تايمز أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يتبع نمطين في تنفيذ أوامر الإخلاء، وهما إما إصدار الأوامر متبوعة باجتياح بري، أو إصدار الأوامر دون إرسال قوات مشاة.
ومنذ انهيار وقف إطلاق النار، شنَّ جيش الاحتلال حملة قصف كبيرة واستولى على أراضٍ في تكتيك قال مسؤولون إسرائيليون إنه يهدف إلى إجبار حماس على إطلاق سراح المزيد من الرهائن.
حصيلة الضحايا تتزايد
أفاد الدفاع المدني الفلسطيني، باستشهاد 230 شخصًا في ضربات في الشجاعية الأربعاء الماضي، وتشير تقارير وزارة الصحة في غزة، كما نقلتها نيويورك تايمز، إلى استشهاد أكثر من 1,500 شخص منذ انهيار وقف إطلاق النار وأكثر من 50,000 شخص منذ بداية الحرب.
وأفاد أطباء في المستشفيات بأن العديد من الجرحى والشهداء في الأسابيع الأخيرة كانوا من الأطفال.
كارثة
تتزايد المخاوف الإنسانية مع كل موجة نزوح جديدة، خاصة مع شُحِّ المساعدات الإنسانية والغذائية والطبية، وتدمير البنية التحتية الأساسية في القطاع، في حين وصفت منظمات دولية الوضع الإنساني بأنه “كارثي”.
في ظل غياب الحلول السياسية، تتصاعد الدعوات الدولية لتوفير الحماية للمدنيين في غزة وضمان وصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن وفعال.
وتؤكد منظمات حقوق الإنسان والإغاثة على ضرورة احترام جميع أطراف النزاع للقانون الدولي الإنساني الذي يحظر استهداف المدنيين.