بعد نحو 3 سنوات من الهدوء الحذر والبحث عن كلمة سياسية سواء، بدا في اليومين الأخيرين أن الفرقاء الليبيين قد يحتكمون لمنطق السلاح من جديد.
وقد دعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا الجمعة إلى “وقف التصعيد العسكري” و”تجنب المزيد من التوترات”، بعد تحركات لقوات موالية للواء المتقاعد خليفة حفتر في جنوب غرب البلاد الخاضع للحكومة المتمركزة في طرابلس والمعترف بها دوليا.
وطالبت البعثة الأممية، في بيان صحفي، “جميع الأطراف إلى ممارسة أقصى درجات ضبط النفس، وتجنب أي عمل عسكري استفزازي يمكن أن يعرض الاستقرار الهش في ليبيا وأمن سكانها للخطر”.
هذا وقد أعلنت هيئة الأركان العامة لقوات حكومة الوحدة الوطنية، المتمركزة في طرابلس (غرب)، الخميس، أنها وضعت وحداتها “في حالة تأهب”، وأمرتها “بالاستعداد لصد أي هجوم محتمل”.
ووفقا لوسائل إعلام محلية ومحللين، فإن قوات حفتر تهدف للسيطرة على غدامس الحدودية الحيوية التي يوجد بها مطار دولي ومنفذ بري يربطها بالجزائر، والواقعة على بعد 650 كيلومترا جنوب غرب طرابلس. وتخضع المدينة حاليا لسيطرة حكومة طرابلس.
وكانت قوات حفتر البرية والتي يقودها نجله الأصغر صدام حفتر، أعلنت مؤخرا عن تنفيذ “عملية واسعة” بهدف “تأمين الحدود الجنوبية للبلاد”.
وسارعت القوات الموالية لحفتر في وقت سابق إلى توضيح حقيقة التحركات العسكرية مؤكدة قيامها فقط بتأمين المناطق الخاضعة لسيطرتها في الجنوب الغربي. ولم تشر إلى نيتها التقدم إلى مدينة غدامس من الأساس.
نذر العودة للصراع
وأوردت قناة “ليبيا الأحرار” الخميس نقلا عن مصدر من رئاسة الأركان العامة أن “صلاح النمروش معاون رئيس الأركان الفريق أعطى تعليماته لوحدات الجيش برفع درجة الاستعداد لصد أي هجوم محتمل” في الجنوب الغربي.
والخميس، قال المجلس الأعلى للدولة -ومقره في طرابلس- إنه يتابع “بقلق بالغ التحركات العسكرية الأخيرة في منطقة الجنوب الغربي من قبل قوات حفتر خلال اليومين الماضيين، في مسعى فاضح وواضح لزيادة النفوذ والسيطرة على مناطق إستراتيجية مهمة مع دول الجوار”.
وأضاف المجلس في بيان “هذه التحركات قد ينتج عنها العودة إلى الصراع المسلح الذي يهدد اتفاق وقف إطلاق النار” المبرم عام 2020، ويقوض “مساعي توحيد المؤسسة العسكرية، ويقود إلى انهيار العملية السياسية”.
ويقول الخبير في الشؤون الليبية عماد بادي إن “غرب ليبيا غارق الآن في اضطرابات كبيرة في سياق حشد قوات حفتر، الذي ينظر إليه البعض على أنه مقدمة لهجوم محتمل على طرابلس”.
ووفق محللين آخرين ووسائل إعلام محلية، فإن الهدف الأساسي من هذه التعبئة هو السيطرة على مطار مدينة غدامس، الواقع على بعد 650 كيلومترا جنوب غرب طرابلس، والخاضع حاليا لسيطرة حكومة الدبيبة.
ويقدر بادي أن سيطرة القوات الموالية لحفتر على غدامس، وهي منطقة إستراتيجية عند تقاطع حدود ليبيا مع الجزائر وتونس، “ستمثل انهيارا لوقف إطلاق النار لعام 2020”.
مطامع قديمة
وسيكون للسيطرة على غدامس “العديد من الفوائد” لمعسكر حفتر، ومنها “منع أي تحرك (لأنصار الدبيبة) نحو الجنوب، وعزل الدبيبة، وتجريد عماد الطرابلسي (وزير داخليته) من ميزة” السيطرة على هذه المنطقة الحدودية، وفق ما قال الباحث في “المعهد الملكي البريطاني للخدمات المتحدة” جلال حرشاوي.
ويرى حرشاوي أن قوات حفتر “تطمع منذ عدة سنوات” في مطار غدامس والمناطق المحيطة به، لأن السيطرة عليه “من شأنها أن تعزز بشكل كبير وضع حفتر الإقليمي في مواجهة الجزائر وتونس والنيجر” بعد بسط سيطرته على الجنوب بأكمله من الشرق إلى الغرب.
وتعاني ليبيا من انقسامات منذ سقوط نظام معمر القذافي عام 2011. وتدير شؤونها حكومتان: الأولى معترف بها دوليا في طرابلس (غرب) برئاسة عبد الحميد الدبيبة، والثانية في شرق البلاد وتحظى بدعم البرلمان وخليفة حفتر ومعقله مدينة بنغازي.
يذكر أن حفتر شن هجومًا واسعا في الفترة من أبريل/نيسان 2019 إلى يونيو/حزيران 2020 للسيطرة على طرابلس، إلا أنه تم إيقافه على أطراف المدينة من قبل قوات حكومة الوحدة الوطنية، قبل انسحاب قواته بالكامل إلى الجفرة وسرت بوسط البلاد.
المصدر : وكالات