الكمباوند مجتمع سكنى متكامل الخدمات، لا يشتمل فقط على الوحدات السكنية، بل يضم مناطق خدمية وتجارية وترفيهية، ومساحات خضراء، ومدارس وحضانات ومستشفيات، وكل الوسائل التي تحقق الرفاهية للمقيمين فيه، لذلك تم تسويق هذه الفكرة على نطاق واسع خلال الـ 10 سنوات الماضية، وإن كانت أقدم من ذلك، لكن بمستويات أقل من الرفاهية والجودة.
المجتمعات السكنية فكرة ممتازة وهناك نماذج لمشروعات سكنية في مصر ناجحة جداً منذ سنوات، إلا أن تقليد الفكرة، ودخول الشركات الصغيرة، التي لا تمتلك الخبرات الكافية أو سوابق الأعمال التي تؤهلها لهذا الدور، أفسد مفهوم الكمباوند فلم يعد كما كان يتصور البعض، خاصة بعد ظهور نماذج بها مشكلات غير محدودة، مثل الكمباوند ذات المساحات الصغيرة الموحدة، التى لا يوجد بها تنوع أو اختلاف في المساحات أو أشكال الوحدات ومستويات الرفاهية والخدمة، خاصة أن أغلب هذه الوحدات تكون في حدود 80 متراً.
مشكلة إضافية ظهرت في “الكمباوند” مرتبطة بنقص الخدمات، وتهالك المرافق، وتباطؤ الصيانة، وهذا أمر تتحول معه المشكلات العامة إلى خاصة، فتعطل النوافير أو حمام السباحة أو غياب اللاند سكيب أسفل عدد من العمارات أو الوحدات السكنية كمشكلة عامة، سرعان ما تتحول إلى أزمة خاصة لدى السكان، لاسيما إن كان الكمباوند لا يتميز بمستويات صيانة جيدة.
جروبات السوشيال ميديا باتت أحد مشكلات الكمباوند في الوقت الراهن، وتحولت إلى باب مفتوح للشكاوى تارة، أو التسويق العقارى تارة أخرى، فالكل يبيع ويشترى عبر الجروب، دون ضوابط، لتصبح هذه المجموعات مصدراً لإزعاج كبير، فلا تنفك عن نشر الأخبار السلبية، ولا تتوقف فيها المنشورات الدعائية، وتتحول في النهاية إلى استيلاء مجموعة من السماسرة أو المكاتب العقارية على كل الوحدات السكنية المعروضة للبيع أو المطلوبة للشراء.
أسعار الوحدات السكنية في الكمباوند غالبا ما تكون ضعف الأسعار في مساكن الأهالى أو العقارات الخاصة المملوكة لأفراد، فلو أن سعر المتر في السكن الخاص 5 آلاف جنيه، سيكون سعر نفس المتر داخل الكمباوند 10 آلاف جنيه، في حين لا يفصلهما سوى سور خرسانى والفيو الخارجي واحد والخدمات تقريباً متساوية، إلا أن تسويق فكرة الكمباوند يكون سعره “ضعف الثمن”، حتى لو كان المشروع مجرد حوائط وأعمدة خرسانية، لذلك تخلى الكثيرون عن فكرة المجتمع السكنى المتكامل خلال الفترة الماضية، بعدما وجدوا أن جزء كبير من الشركات لا يلتزم بما تعاقد مع الزبائن!
البعض حاول التغلب على مشكلات الكمباوند بفكرة جديدة قديمة وهي “المينى كمباوند”، مجموعة عمارات سكنية متجاورة يجمعها سور خارجى على الواجهات، وتلتزم بنفس الألوان والأشكال الهندسية للمبانى والتقسيمات وأعداد الغرف، دون أن يكون بها مناطق خدمية أو تجارية، إلا أن الفكرة تم تشويهها حتى أصبح البعض يعتبر كل 3 عمارات متجاورة ميني كمباوند، وهذا يدعونا إلى ضرورة الوقوف على فكرة المجتمع السكنى المتكامل، وهل بات بالفعل يحقق الرفاهية للمواطن المصرى أم تحول إلى العشوائية والفوضى بصورة فاقت كل التوقعات.
بقلم محمد أحمد طنطاوي