أكّد الأمين العام لحزب الله، السيد حسن نصر الله، اليوم الأربعاء، أنّ اغتيال الاحتلال الإسرائيلي، ليل أمس، لنائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس، القائد الشهيد الشيخ صالح العاروري عبارة عن عدوانين، الأول اعتداء على الشيخ صالح ورفاقه، والثاني اعتداء على الضاحية الجنوبية. وفي خطابٍ متلفز في الذكرى الرابعة لاستشهاد القائدين قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس ورفاقهما، هدّد السيد نصر الله بالقول إنّ هذه “الجريمة الخطيرة لن تبقى من دون رد وعقاب”، قائلاً: “بيننا وبينكم الميدان والأيام والليالي”. وذكر السيد نصر الله أنّ الشيخ الشهيد صالح العاروري “قائد جهادي كبير أمضى عمره حتى ليلة استشهاده في الجهاد والمقاومة والعمل والأسر”. السيد نصر الله يُحذّر: من يفكّر في الحرب معنا سيندم وفي معرض حديثه عن جبهة لبنان المفتوحة عند الحدود الفلسطينية المحتلة ضد الاحتلال الإسرائيلي، أكّد السيد نصر الله أنّ “قرار فتح جبهة الجنوب في 8 تشرين الأول/أكتوبر كان قربةً إلى الله، وإسناداً لأهلنا المظلومين في غزة، وتخفيفاً عنهم وهو قتال فعّال جداً”. وأوضح في خطابه الذي نقله الإعلام العربي والإسرائيلي، أنّ الدخول على الجبهة “كشف قرار إسرائيل القضاء على المـقاومة وحـزب الله، كما أفقدها عنصر المفاجأة”، وأيضاً أدّى إلى “استنفار الإسرائيلي بكل أسلحته وعتاده”. كذلك، بيّن السيد نصر الله أنّ أهم رسالة أرسلتها المقاومة عند فتح جبهة الجنـوب، “أنّها مـقاومة جريئة شجاعة ولا تخاف أحداً وليست مردوعة، وليست لها حسابات يمكن أن تقف في وجه الدفاع عن شعبها وأرضها”. وتابع: “نحن حتى الآن، نقاتل في الجبهة بحسابات مضبوطة، لذلك ندفع ثمناً غالياً من أرواح شبابنا”، مشدداً على أنه “في حال شنّ العدو حرباً على لبنان، فسيكون قتالنا بلا سقوف وحدود وقواعد وضوابط”. وحذّر السيد نصر الله أيضاً كلّ من يفكّر في الحرب معنا، بأنّه “سيندم”، لأنّها “ستكون حرباً مكلفةً جداً جداً”. سليماني حاضر بقوة في معركة “طوفان الأقصى” وبالحديث عن الشهيد قاسم سليماني، أكّد السيد نصر الله أنّه “حاضر في معركة طوفان الأقصى اليوم وبقوة، فنحن نراه في كل ساحاتنا، وبوجوه مقاتلينا، وبدموع الأطفال وصبر النساء”. وأضاف أنّ الحاج قاسم سليماني كان يسعى لتصل كل حركات المقاومة إلى “مستوى الاكتفاء الذاتي لتعتمد على قدراتها وإمكانياتها، بحيث كان نهجه دعم حركات المقاومة وتجهيزها عدةً وخبرةً وتصنيعاً”. ولفت السيد نصر الله إلى أنّ البطولات والإبداعات والإنجازات الميدانية في قطاع غزة هي “وليدة عقدين من الزمن من العمل الدؤوب” الذي كانت تقوم به الفصائل الفلسطينية، “ومعهم كان الحاج قاسم والإخوة في الحرس الثوري الإيراني”. وإذ ذكّر بخروج قوات الاحتلال الأميركي من العراق في مثل هذه الأيام عام 2011، بفعل المقاومة من عام 2003 إلى عام 2011، فإنّه أوضح أنّ هذه المقاومة “القوية المقتدرة” هي التي صنعت الانتصار في العراق، والحاج قاسم “لم يتخلّ عنها على الرغم من كل التهديدات”. كذلك، رأى السيد نصر الله أنّ جبهة المقاومة بُنيت في السنوات الأخيرة، بعدما كان الحاج قاسم سليماني هو الشخصية المركزية التي “أمّنت التنسيق والتعاون بين قوى محور المقاومة، وهو الأمر الذي لم يكن موجوداً قبل سنوات طويلة”. محور المقاومة الذي سعى له سليماني في هذا الإطار، شدّد السيد نصر الله على أنّ “الحاج قاسم سليماني كان حريصاً جداً على أن تكون العلاقة مباشرة بين حركات المقاومة من خلال التعاون والتنسيق وتبادل الخبرات، وتكوين رؤية استراتيجية واحدة للمنطقة ولمستقبل الصراع في المنطقة”. كما بيّن أنّ محور المقاومة ليس على شاكلة غيره من المحاور “برئاسة شخص يدير ويعطي الأوامر”، بل هو محور يلتقي على رؤية استراتيجية واضحة، “فالأعداء محدّدون، والأصدقاء معروفون، والأهداف واضحة”. وأكّد السيد نصر الله أنّ كل حركة مقاومة “تتصرّف بقرارها”، وهي التي تفتح الجبهة أو تغلقها، “انسجاماً مع الرؤية الاستراتيجية ومواءمة مع الرؤية والملاحظات الوطنية”. وأضاف أنّه “بتجربة محور المقاومة لا يوجد عبيد، بل يوجد السادة الشرفاء الذين يصنعون النصر لأمتهم”، ضمن نموذج فريد في تاريخ البشرية، معتبراً أنّ هذا النموذج تُعلّق عليه “الآمال الكبيرة لصنع الانتصارات، وهو يصنعها بالفعل، مثل ما حدث في اليمن وسوريا”. ولفت السيد نصر الله إلى أنّ “الحاج قاسم كان أميناً على هذا العمل والنموذج والمدرسة والثقافة، إذ لم يدخل فيه شيئاً من هوى النفس، بل كان ذائباً في الإسلام والمعذبين والمستضعفين، ولذلك كان مسار هذه الحركات هو مسار انتصار”. نتائج معركة “طوفان الأقصى” في هذا السياق، قال السيد نصر الله إنّ “التجلّي الأهم لمحور المقاومة والتحدي الأخطر كان في هذه الأشهر القليلة الماضية خلال معركة طوفان الأقصى”. ففي هذه المعركة، قامت حركات المقاومة بخطوات مهمة باستهداف الكيان والقواعد الأميركية، لكن “الخطوة النوعية كانت التحدّي في البحر الأحمر” معتبراً أنها خطوة “شجاعة وعظيمة ومؤثّرة الى أبعد الحدود”، وفق السيد. وأردف قائلاً: “عندما نرى حجم النتائج والإنجازات التي تحقّقت حتى الآن، إضافةً إلى ما يمكن أن يتحقّق لاحقاً، سندرك وسنزداد تسليماً ورضى بحجم التضحيات في كل الساحات”. وبشأن نتائج معركة “طوفان الأقصى”، عدّد السيد نصر الله عدة نتائج منها “إعادة إحياء القضية الفلسطينية بعد أن كادت تُنسى وتُصفّى، وفرض البحث من جديد في كل أنحاء العالم عن حلول”. وأيضاً، إسقاط الرهان الإسرائيلي على تعب الفلسطينيين ويأسهم وتخلّيهم عن قضيتهم، بحيث أثبتت طوفان الأقصى أنّ هذا الشعب الفلسطيني “لا يمكن أن ينسى شعبه ومقدّساته وتاريخه”، وذلك مصحوباً بــ”ارتفاع مستوى التأييد للمقاومة وخيار المقاومة داخل الشعب الفلسطيني وعلى مستوى الأمة”. كذلك، أسقطت طوفان الأقصى صورة “إسرائيل” في العالم التي عمل عليها الإعلام الغربي “وساعد على تلميعها إعلام رسمي عربي”، وفق السيد نصر الله الذي أكّد أنّ “لهذه النتيجة تأثيراً كبيراً في معادلات الصراع في المنطقة”. وأضاف أنّ “طوفان الأقصى” وما بعدها، “وجّهت ضربةً قاصمة لمسار التطبيع”، كما “أوضحت للعالم أنّ إسرائيل لم تحترم أي قرار دولي”. إضافةً إلى ذلك، فإنّ من نتائج “طوفان الأقصى” كان “تهشيم الردع الاستراتيجي الإسرائيلي الذي قال الإسرائيليون إنّهم يعملون على إعادة ترميمه”، وأيضاً “عدم ادّعاء أحد في كيان الاحتلال الإسرائيلي أنّه أمام صورة نصر حتى الآن”، بحسب السيد نصر الله. ومن نتائجها أيضاً “انعدام ثقة مستوطني كيان الاحتلال بـالجيش والأجهزة الأمنية والقيادات السياسية الإسرائيلية”، ناهيكَ عن خسائر الاحتلال الإسرائيلي “البشرية والعسكرية”، وأيضاً “تعميق الانقسام الداخلي الإسرائيلي”. وبيّن السيد نصر الله أنّ فتح المقاومة للجبهات في المنطقة، كان من نتائج هذه المعركة، ما دلّ على أنّها “لم تكن مردوعة، وهي اليوم أكثر جرأة واستعداداً للإقدام”. ووفقاً للسيد، فإنّ “طوفان الأقصى” وما يجري على كل الجبهات، “أسقط نظرية الملجأ الآمن التي على أساسها قامت هجرة اليهود إلى فلسطين المحتلة، التي هي فقط للشعب الفلسطيني من النهر إلى البحر”. كما كسرت هذه المعركة “صورة دولة إسرائيل المقتدرة، إذ أثبتت أنّها بحاجة إلى حماية الولايات المتحدة، فيما لا يُمكنها حماية أحد”. كذلك، فإنّ هذه المعركة جعلت “كيان العدو يعاني من مئات الآلاف من النازحين والهجرة العكسية والأوضاع النفسية للصهاينة والاقتصاد المتدهور”. كما أنّها “فضحت الولايات المتحدة بتدمير الصورة الأميركية التي جرى الترويج لها، وقدّمها بأبشع حقائقها”، إضافةً إلى إثبات أنّ المؤسسات الدولية والمجتمع الدولي والقانون الدولي ليست قادرة على حماية أي أحد. هذه التجربة أثبتت أيضاً، وفقاً للسيد نصر الله، أنّ “العالم لا يعترف بك ولا يدافع عنك ولا يبكي عليك إن كنت ضعيفاً”، وأنّ الذي يحميك “هو قوتك وشجاعتك وقبضاتك وسلاحك وصواريخك وحضورك في الميدان”. وأخيراً، فإنّ “طوفان الأقصى” وضعَ “إسرائيل” على طريق الزوال، أمّا “العروش العربية فلتحفظ نفسها”، بحسب السيد نصر الله. تعزية وتبريكات بالشهداء على طريق القدس وتوجّه السيد نصر الله في بداية خطابه بالتعزية إلى عائلات الذين استشهدوا في جوار المرقد الطاهر للشهيد القائد قاسم سليماني في كرمان. كما توجّه بالتعزية بمناسبة رحيل فقيد الجهاد والمقاومة اللبنانية، القائد المؤسس الحاج محمد ياغي، وبالتبريك والتعزية بشهادة القائد الإيراني العميد السيد رضي الموسوي، الذي استشهد قبل أيام في دمشق بغارة إسرائيلية. كذلك، بارك وقدّم تعزيته أيضاً بشهادة القائد الكبير الشيخ صالح العاروري ورفاقه الذين استشهدوا بالأمس في عدوان إسرائيلي فاضح في الضاحية الجنوبية لبيروت في ليلة استشهاد القائدين سليماني وأبو مهدي المهندس. وتوجّه السيد نصر الله أيضاً بالتعزية والتبريك بكل الشهداء من غزة إلى الضفة الغربية إلى شهداء العراق وسوريا واليمن وشهداء المقاومة في لبنان.
المصدر الميادين