عاد حسن شحاتة، المدير الفنى السابق للمنتخب الوطنى، إلى دائرة المرشحين لقيادة الفراعنة خلفا لحسام البدرى، بعد قرار اتحاد الكرة بإقالته عقب التعادل مع الجابون فى تصفيات أفريقيا المؤهلة لكأس العالم 2022، وطبعا المعلم غنى عن التعريف، فمشواره سواء كان لاعبًا أو مدربًا ملىء بالإنجازات، وبهذه المناسبة أكرر نفس الكلمات التى كتبتها عنه فى وقت سابق بسبب ابتعاده عن المشهد الكروى رغم الحاجة الماسة إلى أفكاره ومجهوداته.
حسن شحاتة صعب على من يلتقيه أو يمر به ولو من بعيد أن يتخيل أنه تجاوز السبعين، فروحه تظهر شبابا في منتهى الحيوية والانطلاق.. بينما من يرصد مشواره الكروى كلاعب ومدير فنى، بالتأكيد سيتوهم أن هذا الرجل عاش ألف عام.. فهو اسم له رنته العجيبة ومجرد النطق به يسحبنا إلى زمان لم نعشه أنا وأبناء جيلى إلا قليلا.
بلا شك فإن حسن شحاتة هو أيقونة من أيقونات هذا الزمن الحلم، لاعب ومدرب من نوع خاص ونادر الوجود، فكان صاحب تاريخ طويل بصمة مؤثرة مع المنتخب المصري، فقد هجر عالم التدريب منذ فترة، ولكنه لم ينزو فى ركن مظلم يراقب الساحة من بعيد أو يغلبه الحنين إلى الماضى الجميل، بل راح بما عرف عنها من قوة تعترك مع الحياة بصورة أخري، فقد فضل منذ البداية أن يكون معترك وليس متفرج ، فهو صادق مع نفسه، فالصدق هو أقصر الطرق لإحترام الذات، حيث يجعل من يعرفه يزيد من احترامه له والأهم يجعل هو يحترم نفسه أكثر.
من هنا عرف المعلم بصدقه وصلابته وتمتعه بالروح الحقيقية للفرسان من نبل وشجاعة واعتزاز بالكرامة، ففى رحلة صعوده الكروى فى الستينيات والسبعينيات ركز اهتمامه على موهبته وعدم الالتفات للشائعات وغيرها من هذا القبيل، حتى بات واحد من أفضل اللاعبين الذين مروا في تاريخ الكرة المصرية، ونفس الحال عندما سلك مجال التدريب نجح فى فرض اسمه كواحد من أفضل المدربين الذين سطروا بأسمائهم بأحرف من ذهب في نجاحات منتخبنا الوطني قاريا وعالميا، وبطولاته معروفة للجميع وأبرزها ثلاثية أمم أفريقيا الشهيرة 2006 و2008 و2010 مع الجيل الذهبي للفراعنة، قبل أن يرحل عن تدريب الفريق ثم خوض بعض التجارب السريعة مع الأندية مثل تدريب الزمالك.
توقف حسن شحاتة بعد كل هذا المشوار الحافل فجأة عن التدريب وانسحب تدريجيًا من أضواء كشافات الساحرة المستديرة، لكنه لم يعلن أبداً أنه اعتزل التدريب، بل صرح فى أكثر من حوار رداً على أسئلة لاحقته بالابتعاد عن التدريب ورفضه العديد من العروض الخاصة بالأندية قائلا: كل ما يحدث أنني وقفت وقفة مع نفسي في لحظة صدق وقررت ألا أخوض تجارب محفوفة بالمخاطر وغير قابلة لتحقيق نجاحات توازى ما فعلته في السابق.
بالتأكيد هنا أنه من الطبيعي شخصية مثل المعلم ترفض دور الموظف في أي تجربة أو تصبح رحالة بين الأندية مثل بعض المدربين المعروفين بالاسم، وبالتأكيد أنه يحاول حاليا الحفاظ على ما حققه وأضاع عمره معه في تجربته ومسيرته داخل ملاعينا، تلك التجربة التي عاشها وواجه فيها تحديات كبيرة، لم يعتبر كل ذلك مغامرة غير مضمونة ولكنه خاضها بإيمان خاص بضرورة توظيف عشقه للوطن في خدمة بلده وهو ما أتي بثماره مع المنتخب المصري كما ذكرنا سابقا، ومن الطبيعى أيضا أن يكون شغفه الدائم لاستعادة بريقه في الحصول على فرصة تدريب منتخبنا مرة أخرى واحدا من أهم أسباب الابتعاد عن الساحة.
فى النهاية أعتقد أن ابتعاد حسن شحاتة عن الساحة الكروية حاليا لما تمر به من حالة غير صحية لا تساعد على النجاح بمنزلة هدف جديد يحرزه في الشباك، وكأنه يستعيد ذكريات الهتاف الشهير الذي كان يلازمه كلاعب: “حسن شحاتة يا معلم خلى الشبكة تتكلم”.. ومن هنا أتمنى من مسئولي اتحاد الكرة إيجاد دور مناسب له ولكل نجوم الزمن الجميل من خلال الاستعانة بخبراتهم والاستفادة فى خدمة الكرة المصرية.