مازال إقليم تيجراي يمثل أكبر الازمات التي تواجه رئيس الوزراء الاثيوبي آبي أحمد، فعلى الرغم من فوز حزبه رئيس بـ 410 مقاعد في انتخابات 21 يونيو، بينما حصلت المعارضة على 11 مقعدًا فقط، بينما حصل أربعة مستقلين على مقعد في مجلس النواب. يوجد في إثيوبيا 547 دائرة انتخابية، لكن بعض المناطق، بما في ذلك تيجراي، لم تصوت، الا ان هزائمه الاخيرة في تيجراي كشفت عن عجز أحمد في اخضاع كامل الدولة لسيطرته.
وزعم أبي أن الانتخابات الوطنية السادسة كانت شهادة على فوز إثيوبيا، ولكن لم تكن هذه هي القصة الرئيسية التي طالعها العالم من خلال عيون مراسلي الصحف العالمية في أديس أبابا، فهناك قصة أخرى وهي الهزيمة المروعة للقوات الفيدرالية الإثيوبية على يد قوات دفاع تيجراي.
نشرت صحيفة الجارديان سلسلة من الصور لحوالي 7000 من أسرى القوات الفيدرالية الأثيوبية وهم يسيرون لمسافة 75 كيلومترًا من عبدي إشير، جنوب غرب عاصمة الإقليم ميكيلي، إلى مركز إعادة تأهيل في عاصمة تيجراي.
وسارعت قوات تيجراي إلى ميكيلي قبل ثلاثة أسابيع بعد أن انسحب مسؤولون محليون وقوات الحكومة الفيدرالية فيما وصفته الحكومة الإثيوبية بوقف إطلاق النار من جانب واحد، قائلة إن الإقليم لم يعد “مركز ثقل للنزاعات”. من ناحية أخرى، وصفت قوات تيجراي تصريحات أبي أحمد حول تيجراي ووقف إطلاق النار بأنها “كذبة صارخة”.
وقال جيتاتشو رضا المتحدث باسم جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي لرويترز عبر هاتف يعمل عبر الأقمار الصناعية الأسبوع الماضي “إن زعم أبي الانسحاب من ميكيلي ليس سوى كذبة فاضحة، لقد تفوقنا عليهم في لعبتهم، وببساطة منيوا بالهزيمة”. كما اتهم رضا الحكومة الإثيوبية “بشن حملة إبادة جماعية لإبادة شعب تيجراي”.
إذن ما هي تداعيات ما بعد الحرب ؟
أدت الحرب في تيجراي إلى مزيد من الانقسامات في إثيوبيا، لا سيما بين أديس أبابا وميكيلي، وقال قادة منطقة تيجراي في أكتوبر من العام الماضي – قبل الحرب – إنهم لن يعترفوا بعد الآن بإدارة ابي في أديس أبابا، أو بقوانينها بعد أن أجل رئيس الوزراء آبي الانتخابات، وتحدى إقليم تيجراي أمر التأجيل ومضى قدما في إجاء الانتخابات المحلية، وهي خطوة وصفها أبي بأنها “غير قانونية”.
وأعقب ذلك اندلاع الحرب في نوفمبر بعد أن اتهم رئيس الوزراء آبي أحمد قوات تيجراي بمهاجمة معسكر للقوات الفيدرالية. وقال الباحث الإثيوبي المساعد بمكز Soas في لندن دانيال مولوجيتا لصحيفة فاينانشيال تايمز في أبريل، “أشك في أن هذا الصراع في تيجراي يشجع قوى الطرد المركزي التي تريد الانفصال عن البلاد”.
ووفقًا لمساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون إفريقيا تيبور ناجي، فإنه يعتقد أن قادة جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي لم يسعوا للانفصال وإنشاء دولة مستقلة عن إثيوبيا لأن الدستور الإثيوبي ينص على منح الولايات القدرة على الانفصال. وقال: “يبدو أنهم يفعلون ذلك أكثر لعزل رئيس الوزراء من السلطة وإعادة تأكيد أنفسهم في الموقع البارز الذي احتلوه على قمة الطيف السياسي الإثيوبي على مدار الـ 27 عامًا الماضية”.
يقول أستاذ الاقتصاد التطبيقي المساعد في جامعة ولاية أوريجون، كاساهون ميليس، في مقال نشرته مجلة فورين بوليسي، إن رئيس الوزراء آبي يقاتل النظام القديم والذي يهدف إلى استعادة النفوذ الاقتصادي والسياسي الذي كان يتمتع به من قبل وحمل المقال عنوان “حرب تيجراي ضد إثيوبيا ليست حول الحكم الذاتي.. بل تتعلق بالقوة الاقتصادية”.
وتوقع ميليس حل النزاع سلمياً، ولكن إذا لم يكن هناك خيار آخر، فسيكون “الخيار التالي عسكريًا. وفي أوائل يوليو الجاري، ذكر المتحدث باسم جبهة التحرير الشعبية لتحرير تيجراي، رضا، 10 مطالب يجب تلبيتها قبل إضفاء الطابع الرسمي على اتفاق وقف إطلاق النار. وتشمل انسحاب القوات الغازية من أمهرة وإريتريا من تيجراي وبدء تحقيق مستقل في الجرائم المرتكبة في المنطقة. وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق إلى سكان تيجراي؛ والوصول الكامل إلى جميع أشكال الخدمات مثل الكهرباء والاتصالات والبنوك ورحلات الطيران والتعليم والرعاية الصحية والتجارة دون انقطاع.
كما يطالب التيجرانيون الحكومة الفيدرالية باحترام حكومة تيجراي والسماح لها باستئناف عملها المعتاد، والإفراج عن أعضاء تيجرايين محتجزين في قوة الدفاع الوطني الإثيوبية، وإنشاء كيان دولي مستقل لمتابعة تنفيذ الشروط المسبقة والتفاوض بشأن وقف إطلاق النار.
كما أن التوقيت سيء بالنسبة لجبهة تحرير تيجراي لإعلان الاستقلال لأنها ضعيفة اقتصاديًا وعسكريًا لقيادة تيجراي المستقلة. ونفذ مقاتلو إقليم تيجراي الإثيوبي الذي دمرته الحرب عدة عمليات ضد القوات الموالية لحكومة أبي أحمد في منطقة عفار المجاورة، ونقلت صحيفة دايلي ميل البريطانية عن المتحدث باسم جبهة تحرير شعب تيجراي “جيتاتشو رضا” قوله ان “العمل المحدود جدًا” استهدف القوات الخاصة ومقاتلي الميليشيات من منطقة اوروميا الذين كانوا يحتشدون على طول حدود تيجراي وعفار.
وقال جيتاتشو “لقد اتخذنا هذه الإجراءات لضمان إعادة تلك القوات إلى أوروميا وتمكنا من القيام بذلك”، مضيفًا أن هناك بعض الضحايا لكنه لم يستطع تقديم أرقام. وتابع: “اقتصر عملنا على تشتيت ميليشيات أوروميا”.
وأرسل رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد حملته العسكرية إلى تيجراي في نوفمبر الماضي لاعتقال ونزع سلاح زعماء حزب الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي الحاكم في المنطقة ونزع سلاحهم. وقال إن هذه الخطوة جاءت ردًا على هجمات الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي على معسكرات الجيش الاتحادي.
وفي الشهر الماضي، اتخذت الحرب منعطفًا مذهلاً عندما استعادت القوات الموالية لجبهة تحرير تيجراي، العاصمة ميكيلي، وأعلن أبي وقف إطلاق النار من جانب واحد وانسحب الجيش الإثيوبي من تيجراي.
لكن بعد أن شن زعماء المتمردين هجوما جديدا يهدف إلى استعادة السيطرة على المناطق الغربية والجنوبية المتنازع عليها والتي احتلها مقاتلون من منطقة أمهرة المتاخمة لتيجراي جنوبا – تعهد أبي “بصدهم”. وحشدت حكومته منذ ذلك الحين قوات من مناطق لم تتأثر من قبل بالنزاع، بما في ذلك أوروميا. وبذلك فتحت أكثر من جبهة للصراع الذي لا يتوقع تسويته في القريب العاجل.
اتهم تقرير إعلامي رسمي نُشر أمس السبت الجبهة الشعبية لتحرير تيجراي، التي تعتبرها الحكومة منظمة إرهابية، بعرقلة وصول المساعدات إلى تيجراي عبر عفار باستخدام “القصف العنيف” و”المدفعية الثقيلة”، ونفى جيتاشيو تعطل أي مساعدات. وقال “حيثما وقع القتال، لم يكن هناك طريق سريع رئيسي يستخدم لأغراض الإغاثة”.
وأكد جيتاشيو الأحد أن وحدات المتمردين كانت نشطة أيضا في منطقة أمهرة الشمالية، حيث رأى صحفيو وكالة فرانس برس الأسبوع الماضي آلاف مقاتلي الميليشيات يتجمعون في البلدات الحدودية قبل العمليات المخطط لها ضد الجبهة. وقال “لقد أجرينا أيضا عمليات ناجحة في واج حمرة، الواقعة في منطقة أمهرة، وحتى ونحن نتحدث، تعمل بعض الوحدات بين ماي تسبري (في غرب تيجراي) وإقليم أمهرة المجاور”.
المصدر الرئيس نيوز