تورطها بجريمة التهجير القسري.. وكالات الإغاثة ترفض خطة إسرائيل لتوزيع المساعدات في غزة
كشف جيش الاحتلال الإسرائيلي عن نظام جديد لتوزيع المساعدات داخل قطاع غزة يديره جنود أو متعاقدون من القطاع الخاص، وهو ما أثار ردود فعل غاضبة من جانب وكالات الإغاثة، وفق ما نقلت عنهم صحيفة “فايننشيال تايمز” البريطانية.
وذكرت الصحيفة، في تقرير نُشِر على موقعها الإلكتروني: ” على مدار الشهرين الماضيين، منعت إسرائيل دخول الغذاء والدواء وحتى المياه العذبة إلى القطاع، حيث يواجه نحو مليوني مدني فلسطيني الآن نقصًا حادًا في الغذاء.. ويعيش الكثيرون منهم على وجبة واحدة هزيلة يوميًا”.
وبموجب النظام الإسرائيلي الجديد لتوزيع المساعدات داخل غزة، سيتعين على الفلسطينيين السفر إلى ما يسمى بالمنطقة الإنسانية والحصول على طرود غذائية لحملها إلى عائلاتهم، وفقًا لعدة عمال إغاثة ومسؤول إسرائيلي.
واستبعد جيش الاحتلال الإسرائيلي توزيع المساعدات بنفسه، لكن النظام سيسمح لإسرائيل بفحص الفلسطينيين وتحديد من يتم السماح لهم بتلقي الغذاء، حسبما قال هؤلاء الأشخاص.
وإذا تم تنفيذ هذا النظام، فإنه قد يؤدي إلى إبعاد بعض وكالات الإغاثة الأكبر حجمًا والأكثر خبرة والأكثر امتلاكًا للموارد من عملية توزيع المساعدات على السكان المحاصرين الذين عانوا خلال 19 شهرًا من الحرب.
وهذا أحد الخيارات المتعددة التي ناقشها المسؤولون الإسرائيليون للسماح بعودة المساعدات إلى غزة، وهو الاحتمال الذي يعارضه بشدة حلفاء رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في الائتلاف اليميني المتطرف.
وحتى الآن، كانت الأمم المتحدة والوكالات الأخرى تجلب المساعدات إلى غزة عبر نقاط العبور التي تسيطر عليها إسرائيل إلى مستودعاتها الخاصة، ومن هناك يتم إرسالها إلى نقاط توزيع أصغر، أو إعطاؤها لمطابخ المجتمع أو المخابز التي تديرها الجمعيات الخيرية.
وزعمت إسرائيل -دون تقديم أدلة- أن حماس تحول المساعدات إلى مقاتليها وتغذي مواردها المالية بفرض رسوم حماية، ويعتقد المؤيدون أن النظام الجديد سيمنع ذلك.
وقالت الأمم المتحدة إنها لا تستطيع المشاركة في نظام من شأنه أن يمنح إسرائيل سلطة التحقق من المستفيدين، الأمر الذي من شأنه أن ينتهك مبادئ الحياد والاستقلال، حسبما قال مسؤول في الأمم المتحدة لفايننشيال تايمز.
ونقلت الصحيفة عن توم فليتشر، منسق الإغاثة الإنسانية في الأمم المتحدة، في بيان هذا الأسبوع، دون تحديد الاقتراح الذي كان يشير إليه: “إن الطريقة الأخيرة التي اقترحتها السلطات الإسرائيلية لا تلبي الحد الأدنى للدعم الإنساني المبدئي”.
وقال جافين كيليهر، من المجلس النرويجي للاجئين: “ما نشهده هو محاولة لاستغلال إيصال المساعدات لتحقيق أهداف عسكرية.. إن اقتراح تمكين طرف من أطراف النزاع من فحص موظفي أو مدنيي طرف آخر في النزاع لا يتماشى إطلاقًا مع الاستجابة الإنسانية المبدئية”.
وأضاف “كيلهير” أن النظام من شأنه أن يورِّط منظمات الإغاثة في النزوح القسري للأشخاص من خلال الموافقة على توزيع الإمدادات الإنسانية في بعض المناطق وتقييدها في مناطق أخرى.
ورفض مسؤول إسرائيلي مطلع على المناقشات اعتراضات الأمم المتحدة، مرجحًا أن تشارك وكالات إغاثة أخرى فيما وصفه بـ”المشروع التجريبي”، إذ قد يكون فرصتها الوحيدة لإيصال المساعدات إلى غزة.
ولم يُناقَش اقتراح جيش الاحتلال رسميًا بعد في مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي، كما حذَّر المسؤول من أنه اقتراح أولي، وقد يستغرق تنفيذه أسابيع، بل شهورًا.
وفي مارس، انتهكت إسرائيل وقف إطلاق النار مع حماس وفرضت حصارًا على القطاع، وزعم مسؤولون إسرائيليون بأن الحصار ضروري لإضعاف حماس وإجبارها على إطلاق سراح المحتجزين الـ59 المتبقين، والذين يُعتقد أن نحو 24 منهم لا يزالون على قيد الحياة.
ورفض نتنياهو مرارًا الموافقة على وقف إطلاق نار أطول لضمان إطلاق سراحهم، وعزز قراره استئناف الحرب على غزة دعم حلفائه في الائتلاف اليميني المتطرف، إذ صرح وزير المالية القومي المتطرف بتسلئيل سموتريتش، الشهر الماضي، بأن غزة “لن تدخلها حتى حبة قمح”.
ويأتي النزاع بشأن المساعدات في الوقت الذي أبلغت فيه عدة دول هذا الأسبوع أعلى محكمة في الأمم المتحدة (محكمة العدل الدولية) أن منع منظمات الإغاثة الدولية من جلب الغذاء وغيره من المساعدات إلى غزة ينتهك القانون الدولي.
ولم تعد الفاكهة والخضروات واللحوم الطازجة متوفرة في أسواق غزة، كما نفدت مخزونات برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، وتقوم وكالات الإغاثة الأصغر مثل مطبخ العالم المركزي بجمع الأخشاب لمحاولة الاستمرار في تشغيل عدد قليل من المخابز.
في هذه الأثناء، يقول مسؤولو الإغاثة إن آلاف الأطنان من المواد الغذائية تتعفن بسبب حرارة الصيف خارج غزة.