تفجير “بيجر” في لبنان: حين يصبح التناحر الطائفي سلاحاً لإسرائيل بقلم احمد آدم

موقع مصرنا الإخباري:

تفجير “بيجر” في لبنان: حين يصبح التناحر الطائفي سلاحاً لإسرائيل 

 

في عالمٍ تحكمه الانقسامات الطائفية والتنافسات الداخلية بين المسلمين، تبدو فكرة الاتحاد أحياناً وكأنها أمل بعيد المنال. وفي ظل الأحداث الأخيرة، تحديداً في لبنان مع تفجير منطقة “بيجر”، تصاعدت ردود الفعل من مختلف الأطياف الإسلامية. الغريب أن البعض من المسلمين، خاصة من السُّنة، عبّروا عن شماتتهم بما حدث لـ”حزب الله”، الحزب الشيعي الذي لطالما كان محل جدل في الساحة العربية.

لكن هذه الشماتة، وهذا الفرح غير المبرر بما يحدث لمكون آخر من الأمة، يحمل في طياته إشارة إلى ضعفنا جميعاً. في الوقت الذي نتقاتل فيه نحن، ونشمت بعضنا ببعض، تتربص إسرائيل، وكأنها تقول: لا فرق بينكم عندي، أنتم جميعاً عدو لي.

الصراعات الطائفية ليست جديدة في العالم الإسلامي، بل هي قديمة قدم الفتنة الكبرى التي حدثت بعد وفاة النبي محمد صلى الله عليه وسلم. تطورت تلك الفتن وأخذت أشكالاً مختلفة مع مرور الزمن، بين السنة والشيعة، الزيدية والإباضية، وحتى بين الفرق السنية والشيعية نفسها. ولكن ما يجمع كل هذه الطوائف هو الانتماء للإسلام، الدين الذي يوحّدنا تحت راية واحدة رغم اختلافاتنا.

 

الحقيقة أن كل طائفة تعتقد أنها على الحق المطلق، وأن الآخر على ضلال. لكن هذا التصور الخاطئ ينسى أن أعداء الأمة الإسلامية لا يفرقون بين هذه الطوائف. إسرائيل، القوة التي تعتبر عدواً تاريخياً للعرب والمسلمين، ترى الجميع كتلة واحدة، لا يهمها إن كانوا سنة أو شيعة، زيدية أو إباضية. الهدف هو القضاء على قوة الإسلام ككيان سياسي وثقافي.

 

ما حدث في مجزرة “بيجر” ليس حدثاً منفصلاً، بل هو جزء من سلسلة طويلة من الصراعات التي تواجهها الأمة. حزب الله، رغم كل الانتقادات التي يتعرض لها من بعض المسلمين، هو جزء من المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي. وهو، كغيره من المجموعات الإسلامية، يواجه عدوًا لا يرى في التمايز الطائفي إلا أداة لتفكيك القوة الإسلامية. تفجیر “بيجر” وما تلاه من شماتة من بعض المسلمين السنة يكشف عن خطر هذه الفجوة الطائفية.

شماتة بعض السنة بما حدث لحزب الله ليست جديدة. فالمواقف السياسية والدينية التي تتخذها بعض الحركات السنية تجاه الشيعة، وخاصة حزب الله، بنيت على سنوات من التوتر والخلافات. هذه الخلافات أحياناً ما تكون دينية، وأحياناً أخرى تكون سياسية بحتة.

لكن، هل من المنطقي أن نفرح بتدمير جزء من الأمة الإسلامية؟ هل أصبح العداء الطائفي أقوى من عدائنا للمحتل؟ إسرائيل لا تراعي هذا التناحر، بل على العكس، تستغله لصالحها.

 

المقولة الشهيرة “الاتحاد قوة” هي الحقيقة التي يجب أن نواجهها. في ظل هذا التناحر والتشرذم بين الطوائف الإسلامية، يبقى العدو الخارجي المستفيد الأكبر. كلما ازددنا انقساماً، ازدادت قوتهم.

إن أحداث تفجیر “بيجر” وتداعياتها يجب أن تكون جرس إنذار لكل من يسعى لتفريق الأمة على أسس طائفية. الفتنة الداخلية لن تؤدي إلا إلى تدميرنا جميعاً. بينما إسرائيل، كعدو مشترك، لا تفرق بين مسلم وآخر. إن الحل يكمن في الاتحاد والتكاتف، فالعدو المشترك لا يميز بيننا، ونحن كذلك يجب أن ندرك أن قوتنا في وحدتنا، مهما اختلفت طوائفنا.

 

في خضم التحديات التي تواجه الأمة الإسلامية، من الواضح أن التناحر الطائفي ليس الحل، بل هو أحد أهم أسباب الضعف الذي نعانيه اليوم. إن شماتة بعض المسلمين بما حدث لحزب الله في مجزرة تفجیرات “بيجر” هو مثال حي على هذا الخلل الفكري والاستراتيجي. فالعدو الحقيقي ليس هو الآخر المسلم، بل هو العدو الخارجي الذي يسعى لتفتيتنا واستغلال خلافاتنا.

الرسالة التي يجب أن نخرج بها هي أن الاتحاد هو الحل. اختلافاتنا الطائفية قد تكون موجودة، لكنها لا يجب أن تكون سبباً في هزيمتنا.

احمد آدم

 

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى