تتصاعد الدعوات العالمية لتقييد أو وقف تصدير السلاح إلى إسرائيل في ظل العدوان المتواصل على قطاع غزة، الذي تسبب بسقوط عشرات آلاف الضحايا من المدنيين بين شهيد وجريح غالبيتهم من الأطفال والنساء. وتبنى مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قبل أيام قرارا بحظر تصدير السلاح إلى إسرائيل، ودعا القرار إلى محاسبة إسرائيل على جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية محتملة في قطاع غزة، وذلك بأغلبية 28 صوتا مقابل اعتراض 6 دول وامتناع 13 عن التصويت. ووقعت أكثر من 160 منظمة إنسانية وجماعة حقوقية على دعوة لفرض حظر على الأسلحة، صدرت لأول مرة في 24 يناير/كانون الثاني الماضي، وانضم موقعون جدد بعد أن قتلت غارات جوية إسرائيلية 7 أعضاء في قافلة مساعدات “وورلد سنترال كيتشن” (المطبخ المركزي العالمي) قبل أيام، مما سلط الضوء على مخاطر العمليات الإنسانية في غزة. وقبل ذلك، اعتبر عشرات الخبراء الأمميون أن أي نقل للأسلحة أو الذخيرة إلى إسرائيل محظور حتى إذا لم تكن الدولة المُصدرة تنوي أن تُستخدم الأسلحة في انتهاك القانون، أو تعلم يقينا أنها ستُستعمل بمثل تلك الطريقة، طالما وجد خطر واضح لذلك. ورحب الخبراء بقرار من محكمة الاستئناف الهولندية في 12 فبراير/شباط الماضي يأمر هولندا بوقف تصدير أجزاء الطائرات الحربية من طراز “أف-35” لإسرائيل، كما رحبوا بتعليق نقل الأسلحة إلى إسرائيل من بلجيكا وإيطاليا وإسبانيا وشركة إيتوتشو اليابانية. وذكروا أن “الحاجة لفرض حظر على الأسلحة على إسرائيل، تعززت بالحكم الصادر من محكمة العدل الدولية في 26 يناير/كانون الثاني الماضي بشأن وجود خطر معقول بحدوث إبادة جماعية في غزة والضرر الخطير المستمر على المدنيين منذ ذلك الوقت”. نتعرض في هذا التقرير إلى الزيادة الكبيرة في حجم استيراد إسرائيل للأسلحة من بعد عملية طوفان الأقصى، وأهم الدول التي تقف وراءها، رغم دعوات الحظر والتقييد. لا تزال إسرائيل تتلقى دفعات كبيرة من الأسلحة والعتاد العسكري، ونشر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام “سيبري” (SIPRI) تقريرا في مارس/آذار 2024 كشف أن الولايات المتحدة وألمانيا زودتا إسرائيل ما يقارب من 99% من جميع الأسلحة التي استوردتها منذ عام 2019 وحتى الآن. وأظهر التقرير أن 69% من الأسلحة التي تستوردها إسرائيل تأتي من الولايات المتحدة، في حين تم شراء 30% منها من ألمانيا، وتسلط هذه البيانات الضوء على اعتماد إسرائيل الكبير على هذين البلدين فيما يتعلق بقدراتها العسكرية. وقد لعبت الأسلحة المستوردة، ولا سيما الطائرات المقاتلة التي وردت من أميركا، دورا رئيسيا في العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد حركة حماس وحزب الله اللبناني. وبعد عملية طوفان الأقصى التي نفذتها المقاومة الفلسطينية، وفي مقدمتها كتائب عز الدين القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)- في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أمر كل من الرئيس الأميركي جو بايدن والمستشار الألماني أولاف شولتس بتسريع شحنات الأسلحة إلى إسرائيل. وبالفعل سلمت أميركا آلاف القنابل والصواريخ الموجهة إلى إسرائيل، واشتملت الأسلحة الرئيسية المصدرة إلى إسرائيل 61 طائرة مقاتلة من أميركا و4 غواصات من ألمانيا، كما شملت عمليات البيع آلاف الذخائر الموجهة بدقة، والقنابل ذات القطر الصغير، والذخيرة المصممة لاختراق الأهداف الصلبة أو الأهداف الموجودة في أعماق الأرض، والأسلحة الصغيرة وغيرها من المساعدات الفتاكة. أسلحة فتاكة وأشار تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست” الأميركية إلى أن الولايات المتحدة صادقت في مارس/آذار الماضي على نقل 1800 قنبلة من طراز “إم كيه 84” التي تزن ألفي رطل، و500 قنبلة من طراز “إم كيه 82” التي تزن 500 رطل إلى إسرائيل. وقد تم ربط القنابل التي يبلغ وزنها ألفي رطل بأحداث سابقة أدت إلى خسائر جماعية في جميع أنحاء الحملة العسكرية الإسرائيلية في غزة. قنبلة تابعة للقوات الجوية الأميركية من طراز “مارك-82” Mark-82 تزن 500 رطل على طائرة هجومية (شترستوك) وقال مسؤولون أميركيون إنه وفي الأول من أبريل/نيسان الجاري، وهو اليوم نفسه الذي قتلت فيه الغارات الجوية الإسرائيلية 7 من عمال الإغاثة التابعين لمنظمة “المطبخ المركزي العالمي”، وافقت وزارة الخارجية على نقل أكثر من ألف قنبلة من طراز “إم كيه 82” التي تزن 500 رطل. كما وافقت على أكثر من ألف قنبلة ذات قطر صغير، وصمامات لقنابل “إم كيه 80″، كل ذلك من التراخيص التي منحها الكونغرس قبل عدة سنوات من بدء حرب إسرائيل على غزة. كما ذكر تقرير الصحيفة أن الولايات المتحدة ظلت تحتفظ بمخزون من الأسلحة في إسرائيل منذ عام 1990، مع إعادة توجيه بعض القذائف المخزونة إلى الجيش الإسرائيلي بعد طوفان الأقصى. ومنذ بدء الحرب في أكتوبر/تشرين الأول، كررت الولايات المتحدة التأكيد على أن دعمها لأمن إسرائيل “صارم”، وواصلت دعم هذا التعهد بأكثر من 100 عملية بيع عسكرية لإسرائيل. دول أخرى وسلط تقرير معهد ستوكهولم الضوء على دور الدول الأخرى في توريد الأسلحة ومكونات الطائرات الحربية والمروحيات والسفن الحربية والغواصات الإسرائيلية. وعلى سبيل المثال، توفر المملكة المتحدة 15% من مكونات الطائرات المقاتلة من طراز “إف 35” (F-35)، وتسهم كندا وهولندا وبلجيكا أيضا بمكونات مهمة في تصنيع طائرات “إف 35”. على سبيل المثال كندا وحدها تشارك بنحو 2.3 مليون دولار كقيمة معدات مصنعة في كل طائرة “إف 35”. أما إيطاليا، فتعد ثالث أكبر مورد للأسلحة إلى إسرائيل، لكنها تمثل 0.9% فقط من الواردات الإسرائيلية بين عامي 2019 و2023. وبحسب ما ورد، فقد شملت هذه الواردات طائرات مروحية ومدفعية بحرية. وتمت الموافقة على صادرات بقيمة 2.1 مليون يورو في الفترة ما بين أكتوبر/تشرين الأول وديسمبر/كانون الأول من العام الماضي، على الرغم من تأكيدات الحكومة بأنها تمنعها بموجب قانون يحظر مبيعات الأسلحة إلى البلدان التي تشن حروبا، أو التي تنتهك حقوق الإنسان. الحرب على غزة والموازنة وفيما يتعلق بتأثير الإنفاق العسكري وحرب غزة على الموازنة العامة لإسرائيل، فقد سجلت الموازنة عجزا قدره 4.2% من الناتج المحلي الإجمالي في 2023، بعد فائض 0.6% في 2022، بسبب زيادة الإنفاق الحكومي لتمويل الحرب في غزة. وفي ديسمبر/كانون الأول 2023، بلغ العجز 33.8 مليار شيكل (9 مليارات دولار)، مقابل 18.5 مليار شيكل في العام السابق، حيث بلغ الإنفاق على الحرب 17.2 مليار شيكل، في حين تراجعت عائدات الضرائب بنسبة 8.4%. وبشكل عام، شهد الإنفاق العسكري الإسرائيلي زيادة كبيرة على مر السنين، وبحلول عام 2021، وصلت ميزانية الدفاع إلى 24.34 مليار دولار، مما يمثل زيادة كبيرة بنسبة 22.52% عن ميزانية عام 2017، ويؤكد هذا الاتجاه التصاعدي التزام إسرائيل بتعزيز قدراتها الدفاعية في مواجهة التهديدات المتطورة إقليميا. ويعكس النمو المستمر في الإنفاق العسكري النهج الاستباقي الذي تتبعه إسرائيل في مجال الدفاع، وعلى وجه الخصوص بتعزيز جيشها بأسلحة متقدمة تكنولوجيا، مما يضمن استعدادها وقدرتها على مواجهة التحديات الأمنية المعقدة بفعالية. رقابة على الأسلحة وقال تقرير صحيفة “واشنطن بوست” إن الرقابة العامة على المساعدات العسكرية لإسرائيل تصاعدت في أعقاب هجوم أكتوبر. وأشار تقرير الصحيفة إلى أن محكمة العدل الدولية بدأت هذا الشهر الاستماع إلى طعن قانوني بشأن صادرات الأسلحة الألمانية إلى إسرائيل، في حين أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة قرارا غير ملزم يدعو إلى إنهاء “بيع ونقل وتحويل الأسلحة والذخائر وغيرها من المعدات العسكرية” إلى إسرائيل. لكن التقرير أوضح أن تفاصيل العديد من الصادرات العسكرية ليست علنية، مما يجعل من غير الواضح كم من عمليات النقل الأخيرة تمثل إمدادا روتينيا، في مقابل التصعيد الذي يهدف إلى تجديد الذخائر المستخدمة في القصف الإسرائيلي على غزة. تصدير السلاح الإسرائيلي في المقابل، احتلت إسرائيل المرتبة التاسعة عالميا على قائمة أعلى الدول المصدرة للسلاح في العالم بين عام 2019-2023 بنسبة بلغت 2.4% من إجمالي صادرات العالم، وهو تراجع يمثل 25% عن الفترة السابقة بين 2014 و2018 حيث كانت تبلغ نسبة صادراتها نحو 3.1% من إجمالي صادرات الأسلحة في العالم. الصادرات العسكرية الألمانية إلى إسرائيل المصدر : وزارة الخارجية الألمانية وسبق أن شكلت صادرات الأسلحة الإسرائيلية نحو 3% من الإجمالي الصادرات العسكرية عالميا في الفترة من 2015 إلى 2019، والتي كانت تحتل حينها الثامن كأكبر مورد للأسلحة في العالم، وقد كانت صادراتها من الأسلحة أعلى بنسبة 77% مما كانت عليه في الفترة 2010-2014. وفي عام 2022، صدرت إسرائيل أسلحة بقيمة 357 مليون دولار، كانت الوجهات الرئيسية لصادرات الأسلحة من إسرائيل هي أميركا بقيمة بلغت 123 مليون دولار، ثم الفلبين بقيمة بلغت 65.7 مليون دولار، ثم الهند ثالثا بقيمة بلغت 41.1 مليون دولِار، ثم تايلاند بنحو 27.1 مليون دولار، وإسبانيا بقيمة 12 مليون دولار. وكانت أسواق التصدير الأسرع نموا لأسلحة إسرائيل بين عامي 2021 و2022 هي السلفادور بقيمة بلغت 8.46 ملايين دولار، ثم أستراليا بنحو 6.53 ملايين دولار، فالبرازيل بنحو 6.46 ملايين دولار. كما ساهمت الحرب الروسية على أوكرانيا في فبراير/شباط 2022، التي بدأتها بحملة من الهجمات الصاروخية، بزيادة الطلب أوروبيا على أنظمة الدفاع الجوي، مما وضع إسرائيل ضمن أهم الدول المصدرة لمنظومات الدفاع الجوي عالميا. المصدر : الجزيرة + مواقع إلكترونية
المصدر :الميادين