موقع مصرنا الإخباري:
إن اتباع منهج الشريعة الإسلامية فى ترشيد الإنفاق الاستهلاكى، من شأنه أن يساعد كثيرًا فى تجنب النشاط الاقتصادى الإسلامى التقلبات الدورية، التى تنشأ عن تقلبات الإنفاق الاستهلاكى، وما يترتب عليها من تقلبات فى المستوى العام للأسعار، وكذلك فى قيمة النقود.
فمنهج الشريعة الإسلامية يقوم على العدل والتوازن فى الإنفاق والاستهلاك، وهو استهلاك لا يزيد طرديا مع زيادة الدخل، وهو كذلك لا يتأثر برخص الأسعار، فالنهم الاستهلاكى مرفوض فى الإسلام، وهو ما يقى المجتمع الكثير من ويلات تقلبات الأسواق.
منهج الشريعة فى ترشيد الاستهلاك يجعل الإنتاج بديلا عن الاستهلاك، فهناك الكثير من السلع التى يدور إنفاقها بين الاستهلاك والإنتاج، فإذا دعت الشريعة إلى ترشيد الاستهلاك وامتثل المسلم فإن هذا يعنى زيادة القدر الموجه للإنتاج، مما يحقق التنمية الاقتصادية للمجتمع.
وهناك الكثير من الأمثلة على ذلك، فترشيد الاستهلاك فى الطاقة والكهرباء يعنى توجيه الفائض إلى الإنتاج لتشغيل المعدات والمصانع، فتكون الكهرباء عاملا من عوامل الإنتاج، وتسهم فى نمو المجتمع، وهذا يقتضى عدم الإسراف فى استعمال الكهرباء وبدون فائدة، سواء على النطاق الفردى أو النطاق العام للمجتمع.
وكذلك ترشيد استهلاك المياه، يعنى المحافظة عليها من الضياع والإهمال، وهذا يعنى توفير كل المياه التى تذهب بلا فائدة، فتستغل فى استصلاح الأراضى وتعمير الصحراء، وإمداد سائر المشروعات الصناعية، ومشروعات الإنتاج الحيوانى بكل ما يلزمه من المياه، وهو ما سيؤدى قطعا إلى المشاركة الفعالة فى نمو المجتمع وتقدمه.
وهذا ما حرص الرسول صلى الله عليه وسلم على توجيه الأمة إليه من خلال نهيه عن الإسراف فى استعمال الماء.
فعن عبدالله بن عمر ـ رضى الله عنهما ـ قال: مرَّ رسول الله – بسعد وهو يتوضأ، فقال: «ما هذا السرف يا سعد؟» فقال: أوفى الوضوء سرف؟، قال: «نعم، وإن كنت على نهر جار».
فالإسراف يقضى على كل محاولات زيادة الإنتاج فهو يبدد أموالا كثيرة فى الكماليات وتوافه الحياة، فضلا عن المحظورات والموبقات، فإذا ما أصبح الاعتدال فى الإنفاق والاقتصاد فى الاستهلاك خلقا عاما فى الأمة، فهنا تتوفر الأموال الضخمة، وتتحول من مجال الإنفاق الاستهلاكى إلى مجال الإنفاق الإنتاجى.
بقلم
د. محمد عبدالرحمن الضويني