موقع مصرنا الإخباري:
بإتقان ومهارة يتحكم سيد أبو غالي من مدينة غزة بقطع الطين، لتدور على آلة متحركة فتتشكل بعد لحظات جسما فخاريا يظهر الطين جميلا يعكس التراث الأصيل عبر أوان فخارية ما زلت تستخدم لغاية اليوم، تقاوم الاندثار وتقاوم الصناعات الأخرى التي حلت مكانها.
منذ الصغر تعلم أبو غالي صناعة الفخار وورثها أبا عن جد، وكان بعد عودته من المدرسة يلتحق بمعمل والده يتعلم منه ويهيم شغفا بقطع الفخار التي تأخذ أشكالا جمالية حيث بدأ والده العمل عام 1945 في ورشته وسط قطاع غزة.
ويقول أبو غالي أن المرحلة الأولى في صناعة الفخار تتمثل في جلب الطين الخام من الأراضي، ثم يجري تجفيفه، ويمزج جيداً ويصفى من الشوائب ثم يوضع الطين في حوض مساحته 5 أمتار، ليصبح جاهزاً للمرور عبر آلة خاصة تُشكله إلى أعمدة، وبعد ذلك يكون الطين وصل لمرحلة التشكيل اليدوي بواسطة الدواليب.
بضربات تبدو عشوائية لكنها محسوبة، تتحرك يدا سيد المجبولتان بالطين لتشكل الجسم المراد تصميمه، وبانسيابية وليونة تتحرك قطع الطين بين يدي سيد، كأن بينهما تناغم وفهم مشترك بعد قرابة 30 عامًا من العمل في هذا المجال الذي يبدو أقرب إلى ممارسة فن أكثر من مهنة يكتسب منها قوت عياله، وكل حركة وكل لفة لها دور في تشكيل وتصميم معين.
ويقول أبو غالي بعد اكتمال تشكيل الجسم الفخاري يجري عرضه تحت أشعة الشمس لمدة أسبوع كي يجف من الماء، ومن ثم يتم إدخاله إلى فرن تصل درجة الحرارة فيه إلى 900 درجة مئوية، بعدها يتشكل حسب متطلبات السوق، فهناك: الزبادي، وفخاريات الرز، والزير، وأباريق الفخار، وأشكال أخرى للزينة.
صناعة الفخار في فلسطين توشك على الاندثار فأغلب المصانع التي كانت تعمل أغلقت أبوابها بسبب قلة التصدير وتراجع الإقبال على استخدام تلك الأدوات، إلى جانب أن تلك المصانع التي لازالت مفتوحة، قد أصبحت تعمل بأقل من نصف قدرتها، مقارنة مع الماضي الذي كان الناس يعتمدون على الفخار في الطهي وحفظ المياه وتخزين الزيتون.
ويقول أبو غالي: “لقد انخفض الاهتمام بالأواني الفخارية مع شيوع استخدام الأواني الزجاجية والبلاستيكية، ليصل عدد المعامل الخاصة بصناعة الفخار حاليا في قطاع غزة إلى ثلاثة معامل بعدما كانت خمسين معملا ما بين عامين 1950- 1970”.
ويأمل سيد أبو غالي أن يتاح لصانعي الفخار المجال مجددا لتصديره للخارج، لما يشكل ذلك من دعم لصناعيه، ويقوم حاليا بتعليم أبنائه الذين يشاركونه هذه المهنة وتوريثها لهم، لتشق مهنة الأجداد طريقها إلى المستقبل وتقاوم الاندثار.