موقع مصرنا الإخباري:
أطلق رئيس الموساد السابق تامير فاردو تحذيرات غير مسبوقة في حدّتها ووضوحها قائلاً: “إنه من أجل تفكيك دولة لا حاجة لإيران فإسرائيل متورطّة في كارثة”.
و جاءت تحذيرات فاردو خلال حديث مطول بثته القناة العبرية 12، ليلة أمس، على خلفية السجال الإسرائيلي الساخن، والانقسام المتصاعد حول “الإصلاحات القضائية” الحكومية، التي تعتبرها المعارضة عملية انقلاب سياسي وتأسيساً لنظام دكتاتوري وفاشي.
و قال: “عملية تل أبيب ربما تكون، في توقيتها الحساس، ومكانها، بمثابة “فَرَجٍ عربي” لإسرائيل، في ساعة كانت تبدو التطورات الداخلية تتجه للانفجار”.
وجاء هذا الحديث المسجّل بعد إعداده قبل عملية تل أبيب، التي ربما تكون، في توقيتها الحساس، ومكانها، بمثابة “فَرَجٍ عربي” لإسرائيل، في ساعة كانت تبدو التطورات الداخلية تتجه للانفجار، وشيوع حالة فوضى ظهرت تجلياتها في تصاعد حالة التمرّد والعصيان داخل الجيش، وعَزْل جنرال في سلاح الجو، وفي المواجهات القاسية بين المتظاهرين وبين الشرطة في تل أبيب، وفي إقدام وزير الأمن الوطني إيتمار بن غفير بعزل قائد الشرطة لـ “تراخيه في قمع المتظاهرين”.
وضمن حملته الشرسة على رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، قال فاردو إنه أسيرٌ بيد شركائه في الائتلاف الحاكم، وإنه توقّف عن الإصغاء للآخرين، والنتيجة: “انكسار كبير بدأ يتغلغل الآن، حتى لداخل الموساد والمؤسسة الأمنية”.
فاردو الذي عَيَّنه نتنياهو رئيساً للموساد يخاف حالة فوضى خطيرة ناجمة عن أزمة دستورية بقوله، بالصوت والصورة، إن هناك تسويات وحلول وسط لم تعد ممكنة الآن، وإن نتنياهو فاقدٌ للسيطرة، وإنه يخشى “نقطة اللاعودة”: إذا احتاج رئيس الموساد أن يقرّر لمن يمتثل، لرئيس الوزراء أم للقانون، فإنه، حسب رأيي، من المفترض أن يمتثل للقانون، وهذه معضلة مرعبة”.
ورداَ على سؤال عن وصفه الوضع الراهن في إسرائيل، قال: “بكلمة واحدة؛ نحن في مصيبة تحدث الآن، وهي في حالةِ تَكَوّن. في هذا الشهر سأبلغ السبعين من عمري، ولو كان أحدهم قد سألني قبل سنة أو سنتين أو ثلاث أن هذه ستكون صورة إسرائيل الحالية لقلت له: “أنت تهذي”، لأن إسرائيل لن تبلغ أبدا لهذه النقطة فهذا غير ممكن، ولكن ها نحن نقف أمام الخطر الوجودي الأكبر منذ 1948”.
وقال فاردو إن الأعداء يجلسون على الجدران، والإيرانيين لم يلقوا بعد قنبلة نووية، ومن أجل هدم دولة وتفكيك دولة لعناصرها الأولى لا حاجة للإيرانيين، يمكن فعل ذلك بشكل مهني جداً وذاتي”. ورداً على سؤال حول تقديراته كيف يتخّيل الأعداء، خاصة الإيرانيين، أمام ما تشهده إسرائيل، يقول فاردو: “لو شهدتْ دولةٌ معادية ما نشهده اليوم لقلت لرئيس حكومتي: اسمع، أنا لا أريد أي ميزانيات من أجل مواجهة هذه الدولة المعادية، فهي قرّرت القيام بنفسها بتفعيل جهاز التدمير الذاتي. ويمكن شطبها من قائمة أهدافنا، ولم تعد تهمني، فهي دولة في مسيرة تَفكّك، ولا حاجة للاستثمار في مواجهتها. ولا بد أن المخابرات الأمريكية ستطرح صورة مشابهة عن إسرائيل للرئيس الأمريكي. لا شك عندي أن هذا ما يفعلونه اليوم في طهران وفي بيروت وغزة وفي كل الدول العربية”.
ويؤكد فاردو أن “الخيول قد هربت، والحظيرة التي كانت داخلها تحترق”. وردّاً على سؤال لماذا تتحدث بهذه الطريقة القاسية مستخدماً مصطلحات يوم القيامة غير مسبوقة، تابع فاردو: “هذا إلغاء غلبة السلطة القضائية واستقلاليتها، وجعل كل السلطات الثلاث بيد الحكومة، كما حصل في هنغاريا وبولندا، وهذا يعني أننا نمزق “وثيقة الاستقلال” إرباً إرباً، وأساس توافقنا كإسرائيليين تم تدميره”.
وضمن هجومه على نتنياهو، استذكرَ فاردو أن الأخير “سبق وأعلن سلّم أولوياته بمواجهة إيران، مكافحة غلاء المعيشة، وتسوية أزمة السكن، وتوسيع اتفاقيات التطبيع، لكن كل هذا غير موجود، وهو منشغل بإحداث انقلاب على النظام السياسي”. وتابع: “نتنياهو لا يستطيع وقف هذا الانقلاب، ولا يريد له أن يتوقف، بسبب وضعه الشخصي من الناحية القضائية. نتنياهو تغيّرَ كثيراً جداً، خاصة بعد انتخابات 2015، التي بدأ بعدها يتصرف كأنه هو شخصياً فاز وتغلبَ على الجميع بمفرده، وليس حزبه، ومن وقتها يتصرف بثقة مفرطة بالنفس، ولا يرى أحداً أمامه ولجانبه، ويبدو أن هذه مفاعيل شعور لا ينتهي بالعظمة”.
ثم سئل فاردو: “هذا يعني أنك لا ترى نتنياهو الآن يستطيع أو يرغب الضغط على دوّاسة الفرامل؟”. عن ذلك قال، محلّلاً صورة الوضع الدقيق المركّب الذي تورطت فيه إسرائيل: “هو لا يريد، وهو لا يستطيع، لعدة أسباب ترتبط بما نتج خلال وبعد الانتخابات الأخيرة. فقد قام ائتلاف يريد ما نحن فيه: وزير القضاء ياريف لافين، ورئيس لجنة الدستور، سمحا روطمان، يمتلكان حلماً بتغيير النظام السياسي، وهما مصممان على ذلك، ولذا لا أرى فرصة للتفاهم، فبالنسبة لهما هذه صفقة من نوع إما تنجز أو يستقيلا ويذهبا للبيت. الأمر الثاني متعلّق بوزير الداخلية والصحة المقال والمدان بالفساد آرييه درعي، معني لدوافعه بإضعاف الجهاز القضائي، كي يتمكن من العودة لمقعد الوزير.
أما سموتريتش وبن غفير فيشكلان العنصر الأخطر في هذا الوضع، فهما يدفعان نحو تأسيس دولة شريعة، ودولة فصل عنصري أبرتهايد، وتغيير الجهاز القضائي هو وسيلة تمكّنهما من مأربهما، لأن المحكمة العليا الآن تحول دونه. أما العنصر الرابع فهم اليهود الحريديم، الذين يناصبون العداء الشديد للمحكمة العليا، ويريدون إضعافها وتقزيمها”.
أما سموتريتش وبن غفير فيشكلان العنصر الأخطر في هذا الوضع، فهما يدفعان نحو تأسيس دولة شريعة، ودولة فصل عنصري أبرتهايد، وتغيير الجهاز القضائي هو وسيلة تمكّنهما من مأربهما،
وبذلك ينضم عدد كبير من خريجي المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ممن يرون أن التصدّعات الداخلية قد أحدثت أضراراً أمنية وإستراتيجية فادحة، منهم الجنرال في الاحتياط عاموس جلعاد، الذي قال للإذاعة العبرية، صباح اليوم الجمعة، إن أعداء إسرائيل يرقبون هذا التفكّك الداخلي، لكن نتنياهو يتجاهله. وتابع: “هذا سؤال لافت؛ لماذا تغيّر نتنياهو لهذا الحد؟”.
وقد عاد رئيس إسرائيل يتسحاق هرتسوغ وأطلّ على الإسرائيليين بـ “بيان للأمة”، هو الرابع منذ تفجّر الأزمة الداخلية، لكنه هذه المرة اتخذ موقفاً بخلاف السابق، ودعا “لإلقاء التشريعات القضائية الجديدة في سلة المهملات، لكونها خطيرة، ودون توافق”، محذراً من أن “إسرائيل تقف على حافة الهاوية، فإما الحل، وإما الدمار”، مطالباً القيادة بالاختيار بين إسرائيل وبين ذواتهم.
ومن إيطاليا بدا رئيس حكومة الاحتلال أكثر ليونة في موقفه وتصريحاته، فقد قال معقّباً على بيان هرتسوغ: “إننا إخوة، ولا بد من التفاهم الواسع”. ولكن في الأثناء تستمر الاستعدادات لتجدّد الاحتجاجات والمظاهرات، ليلة غد السبت، بعدما توقفت نتيجة عملية تل أبيب.
المصدر: فلسطين اليوم