موقع مصرنا الإخباري:
لا زالت الدول الكبرى، تواصل نهجها في إستغلال الأزمات الإنسانية في مصلحتها الشخصية، حيث أن الحروب التي تدور في الدول النامية، وغيرها من الكوارث ما زالت هذه الدول تسخدمها استخدام سيء، وذلك من بيع الأسلحة وغيرها من الطرق غير الإنسانية، وبين أيدينا الآن ازمة جديدة، وهي أزمة كورونا، حيث تكالبت هذه الدول على بني الإنسان، وبالخصوص إنسان الدول النامية، وذلك بتسيس هذه الأزمة، حيث ان الكل بات يعرض سلعته( لقاح كورونا) ويدعي أنه الأفضل، كما تفعل شركاتهم، الكاتب الصحفي بيشوي رمزي يكتب عن هذه الأزمة الإنسانية، ويعرض كيف استفادت منها هذه الدول…
“قومية اللقاحات”.. مصطلح جديد يخرج من رحم أزمة “كورونا”، أطلقه رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، للحديث عن استئثار دول بعينها بكميات كبيرة من لقاحات كورونا، بينما تتجاهل الدول الفقيرة، ليقدم أبعادا جديدة لنهج دولى يعتمد فكرة “تسييس” الأزمات الإنسانية، في العديد من مناطق العالم، ليطرح العديد من التساؤلات حول الدور الذى ينبغي أن تقوم به القوى الدولية العظمى في احتواء الكوارث الكبرى، خاصة في الدول النامية، والتي ربما يمثل فيها تفشى الفيروس خطرا كبيرا، في ظل النقص الكبير في الإمكانات، مقارنة بالدول الكبرى، والتي فشلت في بعض مراحل الأزمة احتواء الزيادة الكبيرة في أعداد الإصابات.
ولعل الحديث عن “قومية” اللقاحات، يمثل امتدادا لمواقف الدول الكبرى، من العديد من القضايا التي تمثل تهديدا جماعيا للنظام الدولى، حيث كان خيارها الأول هو البطش بالأكثر فقرا، من أجل مواصلة التنمية، والتقدم، على حساب شعوب دول العالم النامى، وهو ما يبدو مع بزوغ أزمة التغيرات المناخية قبل عدة سنوات، عندما طالبت أمريكا وحلفائها في أوروبا الغربية، الدول النامية بالالتزام بتقليص الانبعاثات الكربونية بنفس درجة التزام الغرب، متجاهلين حاجة تلك الدول لتحقيق التنمية نظرا لظروفها، ناهيك عن أن الطفرة الصناعية التي قادها الغرب كانت السبب الرئيسى وراء ما آلت إليه البيئة مما يمكننا تسميته بـ”ثورة المناخ”، وبالتالي فعليه تقديم التزامات أكبر تجاه الأزمة.
وهنا كانت أزمة التغيرات المناخية بمثابة مقدمة مهمة، لم ينتبه لها الكثير من متابعى الشأن الدولى، لحالة “ثورة” دولية، تخوضها معسكر الدول الفقيرة في مواجهة العالم المتقدم، الذى يفرض قبضته على السياسة والاقتصاد والثروة، بينما بات يتجاهل مسئوليته للوصول إلى معادلة “الأمن والأمان” العالمى، في ضوء كوارث طبيعية وأزمات وأوبئة، لتضيف المزيد من الصعاب على كاهل الدول التي تعانى من الفقر والبطالة، ناهيك عن تهديدات أخرى إرهابية وأمنية.
إلا أن تفشى فيروس كورونا، والفشل الذريع في مجابهته، سواء في أوروبا الغربية أو الولايات المتحدة، ربما ساهم بصورة كبيرة في تعميق الفجوة بين المعسكرين، حيث لم تقم الدول الكبرى بدورها في مساعدة نظرائها النامية، في تجاوز الأزمة، بينما كانت الأولوية بالنسبة لهم في توزيع اللقاح على دولهم، على حساب الدول الفقيرة، لتضع كل هذه العوامل أبعادا جديدة لشكل الصراع الجديد الذى ربما يهيمن على العالم في المرحلة المقبلة.
و”قومية” توزيع اللقاحات تمثل امتدادا لسياسات عدة سيطرت عليها تلك النزعة في الأعوام الماضية، تزامنا مع بزوغ نجم التيارات اليمينية في أوروبا والولايات المتحدة، حيث أصبحت الأولوية للدولة الوطنية، على حساب الدور العالمى، وهو ما تجلى مثلا في شعار “أمريكا أولا” الذى تبنته إدارة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الولايات المتحدة، وظهر في العديد من سياساته، سواء الاقتصادية أو التجارية أو الأمنية، وهو ما دفع الأوروبيين، حتى الليبراليين منهم، إلى استلهام هذا النهج ولو جزئيا، من أجل استرضاء شعوبهم الغاضبة، جراء السياسات التقليدية القائمة على فكرة “العولمة”.
في الواقع، فإن سلوك الغرب المتقدم في السنوات الأخيرة، ربما يدفع باتجاه وقوف دول العالم النامى، وراء الصين، حتى يمكنها تمثيلهم والدفاع عن مصالحهم في مواجهة النهج “الأنانى” الذى تبنته واشنطن وحلفائها الغربيين، خاصة وأن سوابق بكين تشفع لها، عندما تصدت إلى الخطاب الغربى في بداية أزمة التغيرات المناخية، لتحظى في نهاية المطاف بشرعية القيادة العالمية، ومزاحمة الولايات المتحدة على عرش النظام الدولى، في المرحلة المقبلة.