موقع مصرنا الإخباري:
واقع دولى ومحلى متوتر بات يفرض نفسه على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، بينما تتحسس خطواتها الأولى، داخل البيت الأبيض، في ظل المستجدات الكبيرة داخل المشهد السياسى، سواء داخل الولايات المتحدة، وهو ما بدا في الاحتجاجات الكبيرة التي شهدتها البلاد في الآونة الأخيرة، بالإضافة إلى عودة الرئيس السابق دونالد ترامب، مجددا عبر ظهوره على منبر المعارضة، خلال ملتقى المحافظين الأخير، من جانب، أو على المستوى الدولى، في ظل رغبة الإدارة الجديدة في لملمة الحلفاء، ناهيك عن إحياء المبادئ التي أرستها واشنطن لعقود طويلة، قبل تقويضها جزئيا من قبل الإدارة السابقة، وعلى رأسها الديمقراطية وحقوق الإنسان، وغيرها.
ولعل النتائج التي آلت إليها الانتخابات الرئاسية الأخيرة، والتي عقدت في نوفمبر الماضى، تحمل فى طيات التقارب الكبير بين المتنافسين، حالة من الاستقطاب، كان الجزء الأكبر منه في الداخل، بينما حمل تداعيات في المواقف الدولية، والتي تم الإعلان عنها، سواء ضمنا أو صراحة، في العديد من التصريحات التي أدلى بها قطاع كبير من المسئولين الدوليين، حيث وضع عددا من حلفاء واشنطن في الغرب أمالهم على انتصار بايدن، ليس فقط لإعادة التحالف التاريخى مع أمريكا إلى سابق عهده، ولكن أيضا لإعادة الاعتبار لتلك المبادئ “العتيقة”، والتي ساهمت في اعتلاء الولايات المتحدة عرش النظام الدولى، بعدما انتهكتها الإدارة السابقة، بحسب رؤيتهم، في ظل التقارب غير المسبوق مع الأنظمة التي طالما نظروا إليها باعتبارها “رموز” الديكتاتورية” في العالم، على غرار روسيا وكوريا الشمالية، بالإضافة إلى الدعم المطلق من قبل “نشطاء” العالم، لاستعادة دورهم الذى فقدوه خلال سنوات ترامب في البيت الأبيض.
وهنا تجسدت معضلة بايدن وإدارته في الكم الكبير من “الفواتير” المستحقة، والتي ينبغي عليه سدادها في الداخل أو الخارج، بعدما راهن عليه “دعاة” الديمقراطية، سواء من الأنظمة الحاكمة في العالم، أو من “النشطاء”، والذين يرونه امتدادا لإدارة الرئيس الأسبق باراك أوباما، والتي كان بايدن هو الرجل الثانى بها، حيث اعتمدت الحلفاء الدوليين، لممارسة الضغوط على الخصوم، في إطار رسمي، من جانب، بينما لعب النشطاء، الدور غير الرسمي، عبر استخدامهم لنشر الفوضى في المجتمعات، ليكونوا أداة ضغط إضافية على الحكومات في بلدانهم، للخضوع لرغبات واشنطن، من جانب أخر.
وبعد الانتصار الانتخابى الذى حققه بايدن، ربما أصبحت الحاجة ملحة، لسداد تلك “الفواتير”، عبر إعادة توجيه “البوصلة” الأمريكية إلى حقبة “ما قبل ترامب”، من خلال العودة للصفقات التاريخية، مع الدول الحليفة، عبر إعادة المزايا التجارية والحماية الأمنية، والتي انتزعت واشنطن، في مقابلها، القيادة الدولية للعالم، بالإضافة إلى رد الاعتبار للنشطاء، بعد سنوات التجاهل في حقبة ترامب، وهو الأمر الذى أدى إلى زيادة الضغط بصورة كبيرة على الإدارة الجديدة، مع تواتر الاختبارات التي تلاحقها في أيامها الأولى داخل البيت الأبيض، والحاجة الملحة لتحقيق التوازن بين المستجدات في الداخل، والتطورات الدولية الكبيرة في الخارج.
فلو نظرنا إلى الموقف الأمريكي من الاحتجاجات التي تشهدها روسيا، على خلفية اعتقال نافالنى، نجد أن ثمة تناقض كبير، إذا ما قورنت بالموقف من الاحتجاجات في الداخل، والتي اندلعت منذ الإعلان عن فوز بايدن بانتخابات الرئاسة الأخيرة، والتي وصفتها العديد من المؤسسات الأمريكية بـ”الإرهاب” المحلى، في الوقت الذى تصف فيه المظاهرات في المدن الروسية بأنها انتصارا للديمقراطية.
ولا تتوقف الاختبارات التي تواجهها إدارة بايدن، على الدعم المتوقع للنشطاء، وإنما امتدت إلى عدد من المستجدات الدولية، التي راقبها العالم، وأبرزها الانقلاب الذى شهدته في ميانمار، والذى أدى إلى الإطاحة بالرئيسة أون سان سو تشى، والمعروفة بتقربها الشديد من الديمقراطيين في الولايات المتحدة، ليضع المزيد من الضغوط على الرئيس الجديد، في مراقبة دولية للكيفية التي قد تتحرك بها واشنطن لحماية حلفائها، تحت شعار “حماية الديمقراطية”، إلا أن أي تحرك أمريكى سيكون مراقبا من قبل الداخل الأمريكي، والذى كان بمثابة الأولوية القصوى للإدارة السابقة.