كابل- تسلم الرئيس الصيني شي جين بينغ، يوم الثلاثاء، أوراق اعتماد سفراء عدة دول، بما فيها أفغانستان المجاورة، وهو ما يعد أول اعتراف رسمي بالحكومة الأفغانية التي تتزعمها حركة طالبان من قبل دولة قوية مثل الصين. لكن النهج الذي تتبعه بكين، والذي يتمثل في تبادل السفراء دون اعتراف رسمي، يسمح لها بالحفاظ على علاقاتها مع عدم الانشقاق عن بقية العالم. وتعد الصين الدولة الوحيدة التي أرسلت سفيرها تشاو شينغ في أغسطس/آب الماضي، ليكون سفيرها الـ16 في كابل، وبالمقابل استقبلت السفير الأفغاني المولوي بلال كريمي، في حفل رسمي بقاعة الشعب الكبرى، إلى جانب سفراء كوبا وباكستان وإيران و38 دولة أخرى، في خطوة هي الأولى من نوعها في العلاقات الدبلوماسية مع حركة طالبان. ****داخليه**** 1. السفير الأفغاني بلال كريمي يقدم أوراق اعتماده لرئيس الصيني شي جين في بكين. (موقع الخارجية الأفغانية السفير الأفغاني بلال كريمي: هذه الخطوة ستفتح الطريق لدول أخرى قريبا” (موقع الخارجية الأفغانية) النظرة الصينية يقول مصدر في الخارجية الأفغانية للجزيرة نت “أخبرنا السلطات الصينية قبل عام أننا مستعدون لإرسال سفير أفغاني، ونحن لم نشعر خلال تعاملنا مع الصينيين أننا دولة غير معترف بها، وهي تتعامل معنا كدولة رسمية، وأعتقد أن بقية الدول ستختار هذا الطريق، وأن الأمور ستخرج من يد المجتمع الدولي الذي ينتظر الولايات المتحدة”. ويرى خبراء بالشأن الأفغاني أن الصين تيقنت خلال العامين الماضيين، أن الحكومة الأفغانية الحالية ملتزمة بالوعود التي قطعتها على نفسها أثناء تعاملها مع دول الجوار، وأنها لن تسمح بتهديد مصالحها انطلاقا من الأراضي الأفغانية، ورأت أن التعامل الرسمي مع طالبان يصب في مصلحتها، وقبلت الحكومة الأفغانية بالأمر الواقع، لتسجل الصين نفسها كأول دولة يقبل رئيسها أوراق اعتماد السفير الأفغاني. ويقول المتحدث باسم الحكومة الأفغانية ذبيح الله مجاهد، للجزيرة نت “لقد فهمت الصين ما لم يفهمه بقية العالم، نحن لسنا في عالم أحادي القطب، وأطلب من روسيا وإيران والدول الأخرى اتخاذ خطوات مماثلة، وتطوير العلاقات الدبلوماسية الثنائية مع كابل على غرار الصين”. وخلال الحكم الأول لحركة طالبان في الفترة ما بين عامي 1996 و2001، استضافت الحركة المئات من مسلحي الإيغور من الصين، واعتقلت الولايات المتحدة 22 منهم لسنوات في خليج غوانتانامو، لكن الحكومة الأفغانية الحالية قامت بإجلاء المسلحين الإيغوريين من المناطق الحدودية مع الصين إلى المناطق الغربية في أفغانستان، حتى لا تشعر بكين بالقلق من أي تهديد. يقول مصدر في الخارجية الأفغانية للجزيرة نت “بعد وصولنا إلى السلطة، قدّمت السلطات الصينية تقارير عن وجود مسلحي الإيغور، وبعد فترة تيقنا من صحة التقارير، وعلمنا أن دولة ثالثة حاولت التأثير على موقف الصين من الحكومة الجديدة، لكننا أثبتنا للصين أننا ملزمون بعدم استخدام الأراضي الأفغانية ضدهم، وهم يدركون ذلك”. ردود فعل متحفظة بعد ساعات من استقبال الرئيس الصيني شي جين بينغ السفير الأفغاني الجديد، ثارت ردود فعل كبيرة على المستوى الدولي والإقليمي، حيث طالبت الولايات المتحدة من الصين توضيح الأمر، وسألت عن ما إذا كانت الصين قد اعترفت رسميا بالحكومة الأفغانية الجديدة. وقالت جبهة المقاومة الأفغانية التي تعارض حكم طالبان إن “القرار الصيني مقلق للغاية”، وإنه “خرق للأعراف الدولية والدبلوماسية”، وقال مصدر في الجبهة للجزيرة نت “نعتبر قرار الصين ضد إرادة الشعب الأفغاني، ونطالب المجتمع الدولي أن يوحد موقفه ضد حكومة حركة طالبان، والامتناع عن قبول ممثليها كجهة رسمية، لأنها لا تمثل الشعب الأفغاني”. أهمية الخطوة يشكل اعتراف الصين بالحكومة الأفغانية الجديدة وقبول سفيرها خطوة مهمة، ولكن أفغانستان ستبقى معزولة ما لم تعترف دول أخرى بالحكومة الأفغانية الحالية، فحتى الأمم المتحدة رفضت منح مقعد أفغانستان لممثل حركة طالبان سهيل شاهين. ويقول السفير الأفغاني الجديد المولوي بلال كريمي للجزيرة نت “هذه خطوة جيدة في إطار العلاقات مع الصين، وتصب في مصلحة البلدين، علينا استغلال الظرف الحالي لتنمية بلادنا التي أنهكتها الحرب، وأسعى بكل قوة حتى أكون جسرا بين البلدين، والصين دولة مهمة في المنطقة والجميع يهتم بالعلاقات معها، وهذه الخطوة ستفتح الطريق إلى دول أخرى قريبا”. كما يقول السفير الأفغاني السابق لدى الصين جاويد قائم للجزيرة نت “نستطيع القول إن الخطوة الصينية اعتراف، الرسالة واضحة ولا لبس فيها، حيث لن يقبل رئيس أي دولة أوراق اعتماد سفير ما لم يعترف بحكومته، وفي هذه الحالة تعامل القيادة الصينية سفير طالبان بنفس الطريقة التي تعامل بها السفراء الآخرين، وهو مؤشر واضح على الاعتراف، وإن لم تصرح الصين بذلك”. ويأتي تبادل السفراء بين أفغانستان والصين في حكم حركة طالبان، التي لم تحظ حتى الآن بأي اعتراف دولي رسمي منذ وصولها إلى الحكم، في إطار الأهداف الصينية الرامية إلى تعزيز نفوذها، وملء الفراغ الأميركي في أفغانستان. المصدر : الجزيرة