موقع مصرنا الإخباري:
مع كل الحملات الدعائية والتسويقية التي تقودها الشركات العقارية، إلا أن هناك مشكلة أساسية ترتبط بمواعيد تسليم الوحدات السكنية، بعدما وصلت إلى 4 سنوات فى معظم الشركات، فقط زاد المطورون العقاريون سنوات التقسيط لفترات تتراوح من 8 إلى 10 سنوات تقريباً، إلا أنهم أيضا زادوا الفترة الخاصة بالتسليم، لدرجة أن الزبون المحتمل للعقار سوف يدفع نصف الثمن تقريباً دون أن يتسلم شيء، وهى طريقة لا تتناسب مع المستهلك المصرى، الذى يرغب في حيازة الوحدة السكنية مادام يدفع أقساطها.
استلام الوحدات السكنية على فترة زمنية تصل إلى 4 سنوات تعنى أن المستهلك سيتحمل تكلفة الفرصة البديلة إذا ما أودع هذه الأموال في أحد البنوك بمعدلات فائدة من 10 إلى 11.5% من خلال شهادات ادخارية على 3 سنوات أو 5 سنوات، بمعنى أنه لو قرر شراء شقة ثمنها مليون جنيه، يتسلمها بعد 4 سنوات، سيدفع 500 ألف جنيه، دون أن يحصل على مزايا، بينما لو تم استثمار هذا المبلغ في شهادات ادخارية لنفس الفترة سيحصل على فائدة حوالى 220 ألف جنيه، بما يعنى أن التكلفة الفعلية للوحدة ستكون مليون و220 ألف جنيه، أى أن ربع ثمن الوحدة تقريباً سيتحمله “الزبون”، نتيجة ضياع الفرصة البديلة.
المماطلة في مواعيد التسليم مشكلة أخرى تواجه القطاع العقارى، خاصة في الشركات الصغيرة والمتوسطة، فمن الممكن أن يكون موعد التسليم المعلن خلال 4 سنوات، إلا أن التسليم الفعلى يتم خلال 5 أو 6 سنوات، حسب التشطيب والمرافق والخدمات الأساسية، بالإضافة إلى وسائل جودة الحياة المتاحة ” مدارس – مستشفيات – مولات – أندية”، خاصة أن أغلب الوحدات السكنية التي يتم التسويق لها تقع داخل المدن الجديدة، أو ربما على أطرافها أو في حدودها البعيدة، لذلك لن يقبل المواطن على شراء عقار يدفع أكثر من نصف ثمنه في مثل هذه المعطيات، لاسيما أن الأسعار مرتفعة وتحقق مكاسب للمطورين بنسب قد تصل إلى 200%.
أغلب الشركات العقارية في الوقت الراهن تطرح الوحدات السكنية وفق أنظمة كاملة التشطيب، وهو نمط قد لا يقبل عليه بعض المستهلكين، خاصة أن تشطيبات أغلب الشركات العقارية ليست بالجودة التي يبحث عنها المستهلك، وتستخدم خامات رخيصة، قد يلجأ معها الزبون إلى إعادة التشطيب مرة أخرى وهذا عبء إضافى يحتاج إلى دراسة احتياجات السوق والتعرف على أذواق المستهلكين، وفتح جميع الخيارات أمامهم، بحيث يتم تحديد السعر الكامل العادل للتشطيبات، وترك الخيار للمستهلك، إذا ما كان يرغب في التشطيب أم لا، بما يحقق المرونة في الطلب على الوحدات السكنية.
مشكلة أخرى مرتبطة بالقطاع العقارى تتمثل في أن بائع العقار وحائزه ينظرون إليه على أنه مرشح للزيادة دائماً، وأسعاره في ارتفاع مستمر، على عكس أي أداة استثمارية في العالم، فالدولار يصعد ويهبط، والذهب كذلك، واليورو يحقق طفرات ثم يعود إلى الهبوط مرة أخرى ثم إلى ثبات وهكذا كل الأدوات الاستثمارية في العالم تحكمها قوى العرض والطلب، بينما في مصر لابد أن يزيد ثمن العقار، ولا يتنازل عنه البائع أو المشترى إلا بمكاسب مرتفعة، وهذا كان مقبولاً في فترات معينة كان حجم العرض فيها أقل من الطلب، إلا أن الآن حجم المعروض كبير جداً والسوق يعانى تخمة تصل إلى حد الركود، لذلك لم يعد من المقبول التعامل مع العقار باعتباره سلعة لا تخسر أبداً، بل هو كسائر الأدوات الاستثمارية يتحرك صعوداً وهبوطاً بما يتناسب مع العرض والطلب، لذلك علينا أن نضع الأمور في نصابها وننظر للقضية بمعيار موضوعى.
بقلم محمد أحمد طنطاوي