يُنظر إلى حسين الشيخ، المسؤول الفلسطيني البارز، بشكل متزايد على أنه خليفة الرئيس الفلسطيني محمود عباس (86 عاماً).
يقول الشيخ إن العلاقات مع إسرائيل ساءت لدرجة أن القادة الفلسطينيين لا يستطيعون العمل كالمعتاد. إلا أنه رغم ذلك، يعدّ من أكثر المتعاملين مع إسرائيل.
وفي مقابلة حصرية مع “أسوشييتد برس”، يوم الإثنين، دافع الشيخ عن القيادة الفلسطينية في الضفة الغربية، قائلاً إنها تبذل قصارى جهدها في ظل الظروف الصعبة للاحتلال العسكري الإسرائيلي المستمر منذ 55 عاماً. وبصفته المسؤول عن التعامل مع إسرائيل؛ قال إنه لا خيار سوى التعاون لتلبية الاحتياجات الأساسية للفلسطينيين.
وأضاف: “لست ممثلاً لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية. نتولى التنسيق (الأمني) لأنه مقدمة لحل سياسي لإنهاء الاحتلال”.
والشهر الماضي عين محمود عباس حسين الشيخ أمين سر منظمة التحرير الفلسطينية، ما أثار تكهنات بأنه يجري إعداده للمنصب الأعلى، وكذلك انتقادات بأن عباس، الذي لم يجرِ انتخابات على مستوى البلاد منذ عام 2006، يتجاهل مرة أخرى رغبات شعبه.
وامتنع الشيخ (61 عاماً) عن الإفصاح عما إذا كان راغباً في خلافة عباس، وقال إن الرئيس المقبل يجب أن يتم اختياره من خلال انتخابات، لا يمكن إجراؤها إلا إذا سمحت إسرائيل بالتصويت في كل القدس الشرقية.
وأضاف: “لا يمكن تعيين الرئيس الفلسطيني، أو أن يتولى السلطة بالقوة، أو أن يأتي بسبب مصلحة إقليمية أو دولية، أو أن يأتي على متن دبابة إسرائيلية”.
ورداً على سؤال حول تهديد عباس بقطع العلاقات الأمنية أو حتى سحب الاعتراف بإسرائيل، وهو حجر الزاوية في عملية أوسلو للسلام في التسعينيات؛ قال الشيخ: “القيادة الفلسطينية على وشك اتخاذ قرارات مهمة وصعبة. ليس لدينا شك في أن إسرائيل لا تريد حل الدولتين. إنهم لا يريدون التفاوض”.
إلا أنه كرئيس للهيئة الفلسطينية التي تنسق التصاريح الإسرائيلية، ومساعد مقرب لعباس، يلتقي الشيخ بكبار المسؤولين الإسرائيليين في كثير من الأحيان، أكثر من أي فلسطيني آخر.
يقول مايكل ميلشتين، الخبير الإسرائيلي في الشؤون الفلسطينية ومستشار “كوغات”، الهيئة العسكرية المنوطة بالشؤون المدنية في الضفة الغربية؛ إن المسؤولين الإسرائيليين ينظرون إلى الشيخ على أنه “لاعب إيجابي للغاية في الساحة الفلسطينية”.
ويضيف: “بسبب علاقاته الوثيقة مع إسرائيل يمكنه تحقيق الكثير من النتائج الإيجابية للشعب الفلسطيني”، بما في ذلك الحصول على تصاريح ومشاريع تنموية.
إلا أن معظم الفلسطينيين “لا يمكنهم قبول هذه الصورة لزعيم فلسطيني، هو في الواقع شخص يخدم مصالح إسرائيل”.
وتبعت مسيرة الشيخ المسار التقليدي لجيله من القادة الفلسطينيين، الثوار الطموحين الذين تحولوا إلى طلاب سلطة محليين، من خلال عملية السلام التي لم تؤتِ ثمارها حتى الآن رغم أنها مستمرة منذ عقود.
إذ تقول سيرته الذاتية الرسمية، إنه سجن في إسرائيل من 1978 إلى 1989، وشارك في الانتفاضة الأولى ضد إسرائيل فور إطلاق سراحه.
وبعد أن حصل الفلسطينيون على حكم ذاتي محدود في غزة وأجزاء من الضفة الغربية المحتلة، من خلال اتفاقيات أوسلو عام 1993، انضم الشيخ إلى قوات الأمن الناشئة، وترقى إلى رتبة عقيد.
ويقول إنه كان مطلوباً خلال الانتفاضة الثانية.
الشيخ عضو في حركة فتح التي أسسها ياسر عرفات أواخر الخمسينيات من القرن الماضي. وتسيطر اليوم على منظمة التحرير الفلسطينية التي من المفترض أن تمثل جميع الفلسطينيين، والسلطة الفلسطينية التي تدير أجزاء من الضفة الغربية وتقوم بتنسيق امني مع إسرائيل.
يعارض عباس الذي انتخب عام 2005 بعد وفاة عرفات، الكفاح المسلح، وهو ملتزم بحل الدولتين. لكن خلال السنوات الـ17 التي قضاها في السلطة؛ أصبحت عملية السلام ذكرى بعيدة، وانقسم الفلسطينيون سياسياً وجغرافياً بسبب الخلاف مع حركة حماس، وتراجعت شعبية السلطة الفلسطينية بشكل متزايد.
وقالت ديانا بوتو، المحامية الفلسطينية مستشارة السلطة الفلسطينية، إن عباس يعتقد أن “مستقبل الشعب الفلسطيني مرتبط به كفرد”، ويحيط نفسه بالموالين الذين لا يعارضونه.
وألغى عباس أول انتخابات منذ 15 عاماً في إبريل/نيسان 2021، التي كان من المتوقع على نطاق واسع أن تتعرض فيها حركة فتح لهزيمة منكرة. وبرر عباس تأجيل الانتخابات بذريعة أن إسرائيل لم تسمح بالتصويت في القدس الشرقية بأكملها.
وإذا كان ثمن الانتخابات هو التنازل بشأن القدس؛ يقول الشيخ “لن تجد فلسطينياً واحداً يوافق على ذلك”.
قد يكون هذا صحيحاً، لكنه قد يمنع الفلسطينيين فعلياً من استبدال القيادة الحالية، مما يتركها راسخة في السنوات المقبلة.
ويشير ديميتري ديلياني، العضو البارز في “فتح”، الذي يدعم فصيلاً مناهضاً لعباس، إلى استطلاعات الرأي الأخيرة التي أظهرت أن ما يقرب من 80% من الفلسطينيين يريدون تنحي عباس. ويصف ديلياني الشيخ بأنه “شخص نشط وذكي” وبراغماتي، يغتنم الفرص، ولكنه كان أيضاً قصير النظر، مضيفاً: “أبو مازن سفينة تغرق، ومن كان على ظهرها يغرق معه”.
ومع ذلك يتمتع الشيخ بميزة قوة فريدة مهمة، وهي قدرته على الحصول على تصاريح إسرائيلية.
فالشيخ مسؤول عن الهيئة العامة للشؤون المدنية منذ عام 2007، التي يتقدم إليها الفلسطينيون بطلباتهم لدخول إسرائيل للعمل أو زيارات عائلية أو للحصول على الرعاية الطبية أو لاستيراد أو تصدير السلع أو للحصول على بطاقات الهوية.
وعن ذلك تقول تهاني مصطفى، المحللة الفلسطينية في مجموعة الأزمات الدولية: “إذا كنت بحاجة إلى أي شيء.. أي شيء على الإطلاق في فلسطين.. فهو الرجل المناسب.. هو مكروه بشدة بين الفلسطينيين، لكن هناك دائماً حاجة ماسة إليه للغاية لهذا السبب”.
وأضافت: “إذا كان سيتم اختيار خليفة عباس من خلال قنوات شرعية، فلا سبيل أمام حسين الشيخ للصمود أمام تصويت شعبي. أما إذا كنت ستفرض هذا النوع من القيادة على الفلسطينيين؛ فأنت بالتأكيد ستواجه معارضة”.
ويقول الشيخ عن نفسه: “أنا سلطة تحت الاحتلال”.
المصدر: (العربي الجديد، أسوشييتد برس)