كلما زرت مدينة خارج مصر وجدتني أفكر في مدينة القاهرة، أفكر في مستقبلها في مجال الجمال والفن، وأتذكر أنه فى سنة 1925 كانت القاهرة على موعد مع التاريخ بعدما تم اختيارها أجمل مدينة فى العالم.
نعترف لقد تغيرت أشياء كثيرة في المدينة، ولم نعد نملك فرصة لرؤية أصلها وجمالها خلف الملصقات الغريبة والإعلانات ومئات البائعين، وبسبب الزحام وغيره من المسببات.
وأعرف أنه منذ فترة أعلنت الحكومة أنها تسعى لتحويل وسط القاهرة لمنطقة ثقافية وتجارية، وذلك بعد نقل مبانى الوزارات الجديدة، واستثمار وسط البلد فى ثروة عقارية واقتصادية وثقافية، خاصة أن الاهتمام بالجانب الثقافى سوف يحقق مكاسب اقتصادية كبرى لا يمكن تخيلها، وكثير من دول العالم فعلت ذلك فى مدنها القديمة واسألوا تركيا وإسبانيا.
نحن لدينا العديد من الوزارات والهيئات الحكومية التى اتخذت من المبانى التراثية “قصور وفيلات” مقرًا لوجودها وصارت تشغل مساحة كبيرة، وتسبب معظم الزحام الذى نعانى منه، وبالتالى إخلاء هذه المبانى بجانب أنه سيحافظ عليها ويطيل فى عمرها، فإنها من زاوية أخرى سيمنح فرصة حقيقية لرؤية هذه الأماكن بعيدًا عن الضوضاء والصخب الذى يحيط بها، كما حدث من قبل فى منطقة “البورصة” التى كانت تشغلها “المقاهى” بشكل صعب، لكن بعد إخلائها اكتشفنا أنها منطقة “جميلة” لكنها لم تكن هناك فرصة لرؤيتها.
وفى الحقيقة هناك محاولات جادة لذلك، فمنذ فترة كانت اللجنة القومية لتطوير القاهرة الخديوية بدأت العمل بشكل كبير وواضح وهو ما ظهر فى شارع الألفى وغيره، كذلك فإن جهاز التنسيق الحضارى يعطى هذه المنطقة أهمية كبرى، فمثلا مشروع “عاش هنا” الذى بدأ من وسط البلد، وانطلق إلى أكثر من منطقة أخرى والذى يقدم معلومات على البيوت التى عاش بها كبار الفنانين والمثقفين، يعد نموذجا جميلا لما يمكن أن تكون عليه هذه الشوارع مستقبلا.
بالطبع هناك أشياء كثيرة يمكن القيام بها من أجل العودة بالقاهرة إلى ما تستحقه، خاصة أن “وسط البلد” تملك جمالها داخلها، نحن فقط سوف نعيد اكتشافها من جديد، كل ما سنفعله هو أننا سنمنح فرصة للجمال أن يظهر بعيدا عن الجريمة التى نرتكبها طوال الوقت.
يمكن لمنطقة وسط البلد وحتى القاهرة الفاطمية أن تتحول إلى متحف مفتوح بها قدر كبير من الأماكن الثقافية والفنية، وبذلك نصنع نوعا مختلفا من الدخل الذى لم نكن نهتم به بشكل كبير.
المصدر: اليوم السابع