موقع مصرنا الإخباري:
الفيلم الوثائقي “طابا” التي عرضته قناة إكسترا نيوز عصر يوم 29 سبتمبر الماضي، تستعيد معه الذاكرة الوطنية المصرية مرحلة نضال سياسي ودبلوماسي لا تقل شراسة وعنف عن معارك السلاح. وانتصرت فيها الدبلوماسية المصرية التي استعانت بكل الخبرات المصرية بمختلف انتماءاتها السياسية والفكرية في ذلك الوقت منذ عام 82 وحتى إعلان حكم المحكمة في سبتمبر 1988 بمصرية طابا، وكان هذا سر الانتصار الدبلوماسي باصطفاف وطني استثنائي ضم كافة الكفاءات الوطنية المصرية في الداخل والخارج أيضا.
رأينا في الفيلم أبطال معركة طابا من العسكريين والسياسيين والدبلوماسيين الذين مازالوا على قيد الحياة، والمناسبة تزامنت مع إعلان القاضي السويدي جونار لاجرجرين، رئيس هيئة التحكيم الدولي في قضية طابا، حكمه التاريخي في التاسع والعشرين من سبتمبر عام 1988 –أي منذ 33 عاما- بقاعة البرلمان بجنيف، بأغلبية 4 أصوات، واعتراض صوت وحيد -القاضية الإسرائيلية-، حيث تضمن منطوق الحكم، “أن وادي طابا بأكمله وبما عليه من إنشاءات سياحية ومدنية هي أرض مصرية خالصة”.
وفي 19 مارس 1989 تم رفع العلم المصري بعدما استعادت مصر مدينة طابا، آخر مناطق النزاع المصري مع إسرائيل، وعودتها إلى السيادة المصرية بعد سنوات من النزاع القانوني في المحاكم الدولية.
منذ الخامس والعشرين من أبريل 1982 لم تكن استعادة طابا، التي تتجاوز مساحتها فقط عن الكيلو متر الواحد (1090 متر مربع)، جولة عادية في إطار التفاوض المصري الإسرائيلي، ولكن جاءت الاستعادة بعد سنوات من التفاوض المباشر الشاق والصعب، الذى فشل ثم قاد إلى التحكيم الدولي، على مدار.
وبحسب، الدكتور مفيد شهاب، عضو اللجنة المصرية في مفاوضات التحكيم الدولي حول طابا، فإنه ووفق المادة السابعة من اتفاقية السلام المصرية الإسرائيلية، فإن أي خلاف بشأن تطبيق المعاهدة، يجب أن يتم حله عبر المفاوضات وقواعد القانون الدولي، حيث أقرت المادة أنه “في حالة عدم إمكانية حل هذه الخلافات عن طريق المفاوضات تحل بالتوفيق أو تحال إلى التحكيم”.
ونص الاتفاق المؤقت الذي وقعه الطرفان في حينه على عدم قيام إسرائيل ببناء أي إنشاءات جديدة في المنطقة لحين فض النزاع، ورغم ذلك افتتحت إسرائيل فندق “سونستا طابا” في 15 نوفمبر 1982 وأعلنت عن بناء قرية سياحية، وهو ما اعتبر انتهاكا للاتفاقية ومحاولة من الجانب الإسرائيلي بفرض سياسة الأمر الواقع في القضية.
وبعد فشل المفاوضات المباشرة بين الجانبين، صدر قرار من مجلس الوزراء المصري، في 13 مايو 1985، بتشكيل اللجنة القومية العليا لطابا ضمت كفاءات قانونية وتاريخية وجغرافية، منهم الدكتور وحيد رأفت، نائب رئيس حزب الوفد، والدكتور مفيد شهاب، أستاذ القانون الدولي، والمؤرخ الدكتور يونان لبيب رزق، فضلا عن عدد من الدبلوماسيين، على رأسهم الدكتور نبيل العربي، وعدد من الخبراء العسكريين بينهم اللواء عبد الفتاح محسن مدير المساحة العسكرية وقتها. حيث تحولت هذه اللجنة إلى هيئة الدفاع المصرية عن طابا في التحكيم الدولي، ونصت مشارطة التحكيم على أن المطلوب من المحكمة تقرير مواضع علامات الحدود الدولية المعترف بها بين مصر وفلسطين تحت الانتداب في الفترة ما بين 1922 و1948، وفق رواية الدكتور يونان لبيب رزق.
مع عرض الفيلم نستعيد معه معركة وعي كاملة لحظة استرداد الأرض واستكمال ملحمة النصر ويجعلنا نتذكر كل من رحلوا من أبطال معركة عود طابا ومنهم الدكتور يونان لبيب رزق والدكتور وحيد رأفت والدكتور عصمت عبد المجيد والدكتور حامد سلطان.. وغيرهم.
وفى هذه المناسبة الوطنية نوجه التحية لأبناء مدرسة الدبلوماسية المصرية العريقة مثل الدكتور نبيل العربي ومفيد شهاب وباقي أساتذة القانون الدولي. والتحية أيضا لأبناء مدرسة العسكرية المصرية الوطنية وكل من ساهم من المصريين ولو بشهادة بسيطة في ملف استعادة طابا ومنهم من كان ينتمي لعصر ما قبل ثورة يوليو 52
وأتمنى تعميم هذا الفيلم على جميع وسائل الإعلام وتدريسه أيضا للطلاب في مراحل التعليم المختلفة حتى يدرك الجميع قضايا وطنه ومعاركه في ميدان الحرب والدبلوماسية والسياسية وحتى يعرف الجميع أيضا من هم الابطال الحقيقين والرموز الوطنية الحقيقية التي تعطي وتضحي بلا مقابل من أجل الوطن ثم تعيش في الظل.
وأدعو قيادتنا السياسية الرشيدة الي تكريم كل من شارك في وفد طابا ومنحه أعلى الأوسمة فقد خاض هؤلاء معركة دبلوماسية لا تقل في شراستها عن معركة السلاح
وكل التحية لفريق عمل إدارة البرامج الوثائقية في الشركة المتحدة للخدمات المتحدة تحت إشراف الصديق المهني المحترف محمود مسلم والأصدقاء أحمد الدريني ومحمود التوني وباقي فريق العمل.
بقلم عادل السنهوري