موقع مصرنا الإخباري:
يكاد الناس فى زماننا أن يعدِّوا اغتياب الآخر من “حسن الكلام” ومن ظرفه وملاحته، فقد أصبحنا نجعل من عيوب الآخرين موضوعا للحديث، حيث نشير إلى عيوبهم وما بهم من نقص فيضحك الحاضرون، وينسون أنهم يأكلون لحم إنسان، ليس كأي إنسان، إنما إنسان ميت.
مع توالى الأزمنة تتغير أشياء فى حياتنا حتى مفهومنا للصواب والخطأ، ولكن الأديان دائما لها وجهة نظر فى القيم لا تتغير، ومن ذلك قول الله سبحانه وتعالى فى سورة الحجرات “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَّحِيمٌ”، والغيبة – كما تعرفون جميعا – هى أن تذكر ما فى الإنسان من أمر يكرهه، وأن يكون ذلك فى غيابه، بمعنى أن ما تقوله ليس كذبا ولا ادعاء، ولكن الإنسان الذى تتحدث عنه بهذا النقص ليس موجودا كما أنه لا يحب ذكر هذا الأمر عنه، إنه سلوك سيء، يزيد ويتسع لأننا نتقبل ذلك بهدوء، لأننا نضحك للقائل ونفرح بهجومه على خلق الله.
إن جملة “أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتا” واحدة من أشهر الجمل القرآنية، وأكثرها ورودا فى حديثنا، وبها صور بيانية وجمالية عالية جدا ومعبرة بشكل منقطع النظير، فالقرآن أرادنا أن نكره ذلك السلوك، وأن ننتهي عنه، لذا شبهه بمن يأكلون “الجيف” نعم من يتحدث عن أخيه الغائب بما يكره هو “ضبع” يأكل ما تبقى من الموتى، ويعيش على رفات لا حول لها ولا قوة.
لو كل إنسان وضع هذه الصورة فى ذهنه، لتغير سلوكه، ولو تخيل نفسه حيوانا ينهش جثثا، لفكر مليون مرة قبل أن يقدم على غيبة أحدهم، لذا نرجو من الله السلامة.
بقلم أحمد إبراهيم الشريف