العالم سارع إلى إضفاء الشرعية على الدولة الفلسطينية وسط جرائم حرب غير مسبوقة بقلم توفيق الناصري

موقع مصرنا الإخباري:

ينجرف النظام الصهيوني بسرعة نحو العزلة الدبلوماسية بعد أكثر من ثمانية أشهر من إراقة الدماء في فلسطين.

على الرغم من أنها تعاني من أزمة إنسانية تذكرنا بالحرب العظمى، فإن فلسطين تكتسب بشكل مطرد الاعتراف الدولي كدولة ذات سيادة، وحتى الاتحاد الأوروبي يتعرض لضغوط لمنح فلسطين الشرعية.

إن الانتفاضة الطلابية العالمية والصحوة الأخيرة للاتحاد الأوروبي لها آثار جيوسياسية بعيدة المدى على المنطقة، وقد صدمت النظام الصهيوني، وانجرفت بسرعة إلى العزلة الدبلوماسية بعد أكثر من ثمانية أشهر من إراقة الدماء في فلسطين.
لقد أدت الفظائع التي ارتكبت في غزة إلى نفور تل أبيب

إن الجرائم الوحشية التي ارتكبها النظام الصهيوني في غزة والآن في رفح قد أزعجت بشدة العديد من الدول التي كانت تدعم “إسرائيل” في السابق. لقد وردت روايات مأساوية عن الوفيات المدمرة الناجمة عن العنف العشوائي في تل أبيب وتجاهل سلامة المدنيين الأبرياء، بما في ذلك النساء والأطفال.

لقد تصاعد القتال مؤخراً في رفح مع استمرار “إسرائيل” في هجومها على جنوب مدينة غزة، حيث ألحقت قوات الاحتلال الدمار بالكرامة الإنسانية. وتسيطر “إسرائيل” الآن على طول حدود غزة مع مصر بالكامل، مما يجعل للأسف توصيل المساعدات إلى غزة مستحيلاً. وقد أجبر الهجوم الإسرائيلي المتصاعد عدداً كبيراً من الفلسطينيين على مغادرة رفح خلال الأسابيع القليلة الماضية. ويكافح السكان للعثور على المأوى والمعيشة. ويؤدي الإغلاق المستمر لمعبر رفح إلى حرمان أطفال غزة الجرحى من المساعدات الطبية.

وكانت الأمم المتحدة قد أصدرت أمرا لـ”إسرائيل” بوقف هجومها العسكري في رفح والسماح بدخول المساعدات عبر الحدود، وذلك في إطار جهد جماعي لممارسة الضغط على “إسرائيل”. لكن “إسرائيل” وضعت أمر محكمة العدل الدولية تحت السجادة، وخلال أسبوع من تعليمات الأمم المتحدة، شنت تل أبيب هجوماً مروعاً على المدنيين في تل السلطان، مهددة باستمرار الحرب حتى 2025.

تدعو منظمة إنقاذ الطفولة إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية أرواح المدنيين الأبرياء في رفح وفي جميع أنحاء قطاع غزة. على مدى الأسابيع القليلة الماضية، عانت رفح من خسائر فادحة في الأرواح، حيث فقد العديد من الأشخاص الذين لجأوا إليها أرواحهم وأصيب مئات آخرون.
وأثارت الحرب إدانات

أثناء الإبادة الجماعية التي ارتكبتها في رفح، على الحدود الجنوبية لغزة مع مصر، واجهت “إسرائيل” معارضة متزايدة من داخل حدودها وخارجها. وثارت أحزاب المعارضة والجمهور ضد حكومة نتنياهو بسبب ما قالوا إنها سياسات حكومية غير حكيمة.

لقد تبرأوا من استراتيجيات الحرب المعيبة التي تنتهجها تل أبيب وطالبوا بإنهاء سفك الدماء في فلسطين. وعلى الجبهة العالمية، تنجرف حكومة نتنياهو بسرعة إلى العزلة الدبلوماسية في ظل انتقادات شديدة من المجتمع الدولي بسبب حصيلة القتلى المروعة في غزة ورفح وأجزاء أخرى من فلسطين. إن الجرائم التي ترتكبها قوات الاحتلال الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني أثارت الغضب في جميع أنحاء العالم.

ويؤكد التقييم السنوي للتهديدات التي تجريها الاستخبارات الأمريكية على الضغوط الدولية المتزايدة التي من المرجح أن تواجهها “إسرائيل” بسبب الوضع الإنساني الصعب في قطاع غزة. وأدلى رؤساء المخابرات بشهادتهم بشأن التقرير في أواخر فبراير/شباط، مما أدى إلى رفع السرية عنه في مارس/آذار. ولفت التقييم الانتباه إلى الضغوط الداخلية التي يواجهها بنيامين نتنياهو، مما يشير إلى أن مستقبل حكومته قد يكون غير مؤكد. وجاء في التقرير: “هناك نقص متزايد في ثقة الجمهور في قيادة نتنياهو، والتي اشتدت منذ بدء الحرب. ونتيجة لذلك، نتوقع احتجاجات كبيرة تطالب باستقالته وإجراء انتخابات جديدة”. وذكر التقييم أن هناك إمكانية لتشكيل حكومة مختلفة وأكثر اعتدالا.
الاعترافات ورد فعل ‘إسرائيل’

وفي الأشهر الأخيرة، ظهرت مؤشرات على أن مالطا وبلجيكا قد تعترفان بفلسطين. ومع ذلك، يبدو أن الحكومة البلجيكية أجلت القرار في ضوء الانتخابات المقبلة في البلاد. وقد اعترفت بالفعل العديد من دول الاتحاد الأوروبي، مثل السويد وقبرص والمجر وجمهورية التشيك وبولندا وسلوفاكيا ورومانيا وبلغاريا وأيرلندا والنرويج وإسبانيا بالدولة الفلسطينية.

آخر دولة في سلسلة من الدول التي أعطت الشرعية لفلسطين هي سلوفينيا، حيث وافق البرلمان، بأغلبية الأصوات يوم الثلاثاء 4 يونيو، على الاعتراف بدولة فلسطينية مستقلة، رافضًا طلب حزب المعارضة الرئيسي بإجراء استفتاء. في هذا الشأن.

وقد اتخذت حكومة سلوفينيا العبرة من أسبانيا وأيرلندا والنرويج، التي اعترفت بدولة فلسطين الشهر الماضي كجزء من جهد أكبر لتنسيق الضغط على تل أبيب. وأثارت هذه الخطوة غضب إسرائيل التي شعرت بالوحدة أكثر فأكثر بسبب الحرب على غزة واستخدام الأسلحة الأمريكية الفتاكة.مما أدى إلى خسائر بشرية فادحة. وعقب القرار البرلماني، صرح رئيس الوزراء السلوفيني روبرت جولوب على قناة X أن “الاعتراف بفلسطين كدولة ذات سيادة ومستقلة اليوم يبعث الأمل للشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة”.

وفي رد فعل غير محسوب على القرار الجماعي للثلاثي بالاعتراف بفلسطين كدولة مستقلة ذات سيادة، استدعت “إسرائيل” على الفور سفراءها في أيرلندا والنرويج وإسبانيا، معتبرة الاعتراف مكافأة على تصرفات حماس وتصلب الموقف الفلسطيني. وهو ما تزعم “إسرائيل” أنه يقوض عملية التفاوض.

وحاولت أسبانيا وأيرلندا والنرويج، من خلال اعترافها بالدولة الفلسطينية، تحويل التركيز نحو إيجاد حل دبلوماسي دائم للصراع الدائر في الشرق الأوسط. وتعاونت دول الاتحاد الأوروبي الثلاث لإقناع دول المنطقة الأخرى بالمشاركة في حملة دبلوماسية تهدف إلى حل الوضع في غزة وتأمين إطلاق سراح الأسرى.

وأثار القرار الرمزي غضب “إسرائيل” بشدة، حيث تعتقد أن دول الاتحاد الأوروبي الثلاث تكافئ “الإرهاب” بشكل أساسي، وهو المصطلح الذي تستخدمه الولايات المتحدة و”إسرائيل” بشكل متزايد للإشارة إلى محور المقاومة. وكانت “إسرائيل” قد استدعت سفراء هذه الدول إلى وزارة الخارجية لتقديم إحاطة حول هجمات 7 أكتوبر.

وتصاعد الخلاف عندما وجهت يولاندا دياز، نائبة رئيس الوزراء الإسباني، نداءً عامًا أثار الجدل، داعية الفلسطينيين إلى الحرية في كامل أراضيهم. وفسر بعض الإسرائيليين هذا التصريح بأنه انتقاد لـ”إسرائيل” والدعوة إلى تفكيكها. وبحسب ما يقوله الدبلوماسيون، فقد نفذت “إسرائيل” إجراءات مهمة ردًا على إسبانيا وأيرلندا والنرويج، ربما كوسيلة لثني الدول الأخرى عن اتخاذ إجراءات مماثلة.
آثار الاعتراف العالمي

إن اعتراف أعضاء الاتحاد الأوروبي بفلسطين كدولة شرعية من شأنه أن يعزز سمعة الفلسطينيين الدولية ويزيد الضغوط على “إسرائيل” لبدء المفاوضات لحل الصراع.

ومن شأن هذا الإجراء أن يؤدي إلى تفاقم عزلة “إسرائيل” في المجتمع الدولي من خلال إثارة إجراءات إضافية في الأمم المتحدة وتعزيز المزيد من الاعتراف من جانب دول الاتحاد الأوروبي الأخرى. ويرى المحللون الجيوسياسيون أن هذه الظاهرة من شأنها تعزيز الشرعية الفلسطينية ورفع مستوى القضية الفلسطينية قبل انتخابات البرلمان الأوروبي. وقد يؤدي ذلك أيضًا إلى زيادة كبيرة في عدد الأحزاب اليمينية المتطرفة في انتخابات البرلمان الأوروبي، الأمر الذي قد يؤدي إلى تفاقم الموقف الفلسطيني، مما يجعل مفاوضات السلام أكثر صعوبة. ويمكن أن يكون الاعتراف أيضًا بمثابة حافز لفلسطين للسعي للحصول على العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، حيث تحتفظ حاليًا بوضع مراقب.

قطاع غزة
فلسطين المحتلة
فلسطين
العدوان الإسرائيلي
الاعتراف بفلسطين
إسرائيل
قوات الاحتلال الإسرائيلي
الإبادة الجماعية في غزة
الاحتلال الإسرائيلي
غزة

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى