تأكيداً على زيادة الوعى بمصادر الطاقة، وأهمية المشروعات النووية ومستقبلها في مصر، طبعت مؤسسة روس أتوم العالمية، التي تؤسس محطة المفاعلات النووية في الضبعة، كتابين لتعليم الأطفال أهم المفاهيم والمصطلحات عن الطاقة النووية ومشروعاتها، الأول بعنوان “مهن الصناعات النووية”، ويتناول كل الوظائف التي يمكن أن يعمل بها المختصون في القطاع النووى، والثانى كتاب الأبجدية النووية، الذى يشرح مكونات الذرة والتفاعلات التي تجرى بداخلها، وكيف ترتبط جزيئات الذرات ببعضها البعض، ومفهوم القوى النووية والتفاعلات المرتبطة بها، في سياق سردى مشوق يتناسب مع الأطفال في المراحل الدراسية الأولى.
مؤسسة روس أتوم الروسية طرحت الكتابين المذكورين في معرض الكتاب، ضمن جناح لها، ويتم توزيعهما بالمجان على رواد المعرض والزائرين، في إطار الحرص على نشر الوعى بالمشروعات النووية، تزامناً مع انتهاء تسليم الوثائق الخاصة بالحصول على إذن الإنشاء للوحدتين الأولى والثانية من المحطة النووية الى هيئة الرقابة النووية والإشعاعية، ومن المنتظر بدء عمليات البناء الفعلى في أول مفاعل نووي مصري في القريب العاجل، ضمن جدول زمنى مخطط بدقة شديدة، بالشراكة مع هيئة المحطات النووية وكل الجهات المعنية في الدولة.
حصلت على نسخة من كتابي “الأبجدية النووية”، و “مهن الصناعات النووية”، وعلى المستوى الشخصى كانت استفادتى كبيرة من حجم المعلومات الموجودة في الكتابين، وقد تعرفت على الرواد الأوائل في العلوم الذرية، وكيف تم اكتشاف النشاط الإشعاعي على يد الكيميائي الفرنسي ” أنطوان هنرى بيكريل”، وما لحق ذلك من اكتشافات حتى تم تأسيس أول مفاعل نووى فى العالم لإنتاج الكهرباء في بلدة أوبنينسيك الروسية الصغيرة، التي تبعد قليلا عن العاصمة الروسية موسكو في العام 1954، لتكون بداية لثورة حقيقية في العالم بقطاع الطاقة، بديلا عن المصادر التقليدية ، مثل الفحم والديزل، التي تسبب تلوثاً للبيئة.
تعلمت من أحد فصول كتاب مهن الصناعات النووية، السر الخفي لـ “حبة اليورانيوم”، التي لا تتحول إلى وقود نووي إلا بعد استخدام تكنولوجيا معقدة تمر بالعديد من المراحل ويشارك فيها مئات الأشخاص، لتصبح حبة اليورانيوم الواحدة قادرة على إنتاج 1944 كيلو وات / ساعة خلال فترة وجودها في قلب المفاعل النووي، ولندرك حجم هذه الطاقة فعلينا معرفة أن الكيلو وات / ساعة قادر على تسخين 11 وجبة في جهاز المايكروويف، و56 ساعة لمصباح موفر للكهرباء، و8 ساعات استخدام لجهاز الكمبيوتر، و6 ساعات ونصف من مشاهدة التلفزيون، و3 غسلات في الغسالة، و20 ساعة من استخدام الكمبيوتر المحمول، لذلك لك أن تتخيل حجم الطاقة الموجودة في حبة اليورانيوم الواحدة.
تعلمت من كتاب الصناعات النووية أن 7 آلاف شخص في 25 تخصص يشاركون في بناء وإنشاء المحطة الطاقة النووية، وعند إنشاء محطة واحدة فإنه يتم صب 560 ألف متر مكعب من الخرسانة، و120 ألف نقطة لحام، و 200 ألف متر من الكابلات الكهربائية، بالإضافة إلى تثبيت 100 ألف طن من حديد التسليح، بينما يبلغ ارتفاع المفاعل نحو 67 متراً، ثم تتم تغطية المفاعل بقبة خرسانية قوية جداً يمكنها الاحتواء الآمن للزلازل والأعصاير والعواصف، لدرجة أن المبنى يصبح قادراً على تحمل الاصطدام بطائرة دون خسائر!
لماذا يحتاج الناس إلى الطاقة النووية؟ سؤال مهم طرحه كتاب الصناعات النووية في أحد أجزائه، ونقلني إلى مقارنة عملية بين محطة الطاقة النووية لإنتاج الكهرباء، ومحطة تعمل بالفحم الحرارى، ليكشف أن الأخيرة تستهلك 5 ملايين طن من الفحم سنويا، بمعنى أنه كل 5 أو 6 ساعات يمر قطار مكون من 50 عربة تحمل كل منها 60 طنا من الفحم، وما ينتج عن ذلك من مخلفات وتلال من الرماد، ومئات الآلاف من أطنان الغبار ومركبات الكبريت والنيتروجين، التي تسبب أضراراً بيئية خطيرة، بالإضافة إلى الكميات الكبيرة من ثانى أكسيد الكربون، وما ينتج عن ذلك من احتباس حرارى، وهذا بالطبع كان سببا رئيسيا في استخدام مصادر الطاقة البديلة مثل الطاقة النووية والطاقة الشمسية، وطاقة الرياح، والطاقة الكهرومائية.
الحلم النووي المصرى تأخر كثيراً، وأول خطوة على طريق هذا الحلم دعم الوعي بأهمية الصناعات النووية، والطاقة النووية واستخداماتها السلمية في إنتاج الكهرباء، وتحسين جودة الحياة، لذلك يجب أن نحرص على تعليم النشء والأجيال المقبلة أهمية مصادر الطاقة الجديدة في تأمين احتياجات الدولة من الكهرباء.
بقلم محمد أحمد طنطاوي