ارتفعت أعداد ضحايا السيول التي ضربت شمال السودان وتسببت في مقتل العشرات وإصابة المئات وتدمير آلاف المنازل، في وقت توالت التحذيرات الدولية بشأن تداعيات الحرب بعد أن أصبح خمس السكان نازحين، بينما أصبحت أزمة أطفال السودان الأكبر من نوعها في العالم حسب البيانات الأممية.
وفي ولاية نهر النيل شمالي السودان، ارتفع عدد ضحايا الأمطار والسيول إلى 35 قتيلا و588 مصابا، بعضهم في حالة حرجة، وسط تفاوت معدلات المساعدات الطبية التي تصل إلى المنطقة المنكوبة.
وأكدت مصادر حكومية محلية انهيار أكثر من 11 ألف منزل، بينما نقلت تقارير صحفية عن سكان محليين قولهم إن السيول ألحقت دمارا كليا وجزئيا بأكثر من 35 ألف منزل.
وفي وقت سابق أمس، قالت وزارة الصحة بالولاية إن 29 شخصاً لقوا مصرعهم بالإضافة إلى إصابة 125 آخرين، بسبب الأمطار الغزيرة والسيول الجارفة، منذ مطلع أغسطس/آب الجاري.
نزوح وجوع
على صعيد التداعيات المأساوية للمعارك الدائرة منذ 15 شهرا، قالت بعثة المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة بالسودان -اليوم الثلاثاء- إن واحدا من كل 5 أشخاص نزحوا داخليا في السودان بسبب الحرب.
وفي مداخلة أجراها رئيس البعثة محمد رفعت، قال إن الشعب السوداني “يعاني مشكلات عدة مثل الحرب والجوع والنزوح، والوضع في البلاد يزداد سوءا كل يوم، وكل ساعة تقريبا”.
وتابع المسؤول الأممي “لا منتصر في الحرب الجارية داخل السودان، والشعب يتحمل عبء هذا الصراع كل يوم، والظروف الإنسانية من بين أسوأ الظروف التي شهدناها. ولا تزال حالات النزوح تزداد بمعدل مذهل”.
وأوضح أن عدد النازحين بلغ أكثر من 10.7 ملايين شخص، بينما عدد اللاجئين 2.3 مليون فر أكثرهم عبر الحدود، معظمهم إلى تشاد وجنوب السودان ومصر، مشيرا إلى أن أزمة الجوع في السودان وصلت إلى أبعاد كارثية، وأن جميع النازحين يعيشون في مناطق تعاني انعدام الأمن الغذائي.
من جانبه، قال المتحدث باسم اليونيسيف جيمس إلدر إن الأزمة الإنسانية التي يعيشها أطفال السودان “هي الأكبر بالعالم من حيث الأرقام”. ولفت إلى أن آلاف الأطفال قتلوا أو أصيبوا في الحرب الدائرة بالسودان للعام الثاني على التوالي.
وشدد إلدر على أن السكان بحاجة ماسة إلى وقف إطلاق النار ووصول المساعدات الإنسانية بشكل آمن ودون عوائق، داعيا المجتمع الدولي إلى مراعاة ما يحدث في السودان.
معارك
على الصعيد الميداني، يقصف الجيش السوداني مواقع الدعم السريع في مناطق شمال وشرق وجنوب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور.
وكانت القوات المسلحة السودانية قد أعلنت في وقت سابق أنها صدت هجوما للدعم السريع على مدينة الفاشر من جميع المحاور، مضيفة أنها كبدت الدعم السريع خسائر كبيرة خلال الهجوم.
وأمس الاثنين، اتهم نشطاء سودانيون قوات الدعم السريع بـ”ارتكاب مجزرة بشعة راح ضحيتها نحو 15 شخصًا على الأقل من سكان بلدة جلقني بولاية سنار”.
وقال ما يسمى “تجمع شباب سنار” في بيان “إن مليشيا الدعم السريع هاجمت قرية جلقني الواقعة جنوب محلية أبوجار في الضفة الغربية للنيل الأزرق أول أمس، وقتلت 15 شخصا على الأقل”.
وأوضح البيان أن “القوة المهاجمة استباحت جميع أحياء القرية وأطلقت النار على المواطنين بصورة عشوائية، برغم محاولات السكان الدفاع عن منطقتهم بالعصي والأدوات الزراعية مقابل الترسانة الحربية لقوات الدعم السريع”.
التفاوض
وبشأن المسار التفاوضي لحل الأزمة، أكد الموفد الأميركي الخاص للسودان توم بيرييلو في منشور له على منصة “إكس” عشية انطلاق محادثات بشأن السودان في جنيف غدا أن “المجتمع الدولي يحتشد من أجل الشعب السوداني في سويسرا وأن وقت السلام قد حان”.
ومن المنتظر أن تنطلق المحادثات غدا في جنيف برعاية أميركية رغم قرار الحكومة السودانية عدم الانخراط فيها.
وذكر بيرييلو بمؤتمر صحفي في جنيف أمس أن “هذه المحادثات امتداد” لتلك التي أجريت في جدة (السعودية) مشيرا إلى أن هذه الجولة التفاوضية يمكن أن تستمر 10 أيام لكنه لم يشأ تحديد المكان الذي ستجرى فيه “لأسباب أمنية”.
وقال أيضا “الأولوية في هذا المسار للتوصل إلى وقف الأعمال العدائية” والتباحث في “حماية المدنيين وإيصال المساعدات الإنسانية وتطبيق القانون”.
لكنه أشار إلى أنه “ليس المكان المناسب لإجراء حوار سياسي” مشددا على أن “إقحام سياسيين في المعادلة يمكن أن يضيع ساعات وساعات في البحث في أمور لا علاقة لها بوضع حد للعنف أو زيادة المساعدات الإنسانية”.
وأكد المبعوث الأميركي أن “قوات الدعم السريع أعلنت موافقتها غير المشروطة على المشاركة”، لكنه أشار إلى أن الجيش السوداني لم يعطنا تأكيدا بعد” على مشاركته. لكن بيرييلو قال “سنمضي قدما في هذا الحدث وهذا ما تمّ توضيحه للطرفين”.
وقال إنه “من الواضح أن حضور مصر والإمارات على طاولة المفاوضات أداة محتملة بغاية الأهمية لضمان ألا يبقى أي اتفاق حبرا على ورق” قائلا إن هذه الدول “يمكن أن تصبح ضامنة” في المحادثات.
من جهته لفت وزير الإعلام إلى “إصرار الوفد الأميركي على مشاركة الإمارات كمراقب في اللقاء” وقال إن الحكومة السودانية “ترفض وجود أي مراقبين أو مسهّلين جدد” حيث يتهم الجيش السوداني أبو ظبي بدعم قوات الدعم السريع.
يذكر أن السودان غارق منذ أبريل/نيسان 2023 في معارك بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان والدعم السريع بقيادة نائبه السابق محمد حمدان دقلو (حميدتي). وقد باءت بالفشل جولات تفاوض سابقة أجريت بين الجانبين في مدينة جدة.
المصدر : وكالات