موقع مصرنا الإخباري:
الخوض فى أعراض الناس آفة حذر منها علماء الدين فى كل مكان وزمان، لما لها من أخطار جسيمة على المجتمع، حتى أن الله سبحانه وتعالى، صعب من أمر الشهادة على بعض الآثام والذنوب، كإثم الزنى مثلا، والذى جعل الله لإقامة حده – على هذا الذنب العظيم – 4 شهود يرون الفعل رأى العين، إذن “الخوض فى أعراض الناس كبيرة من كبائر الذنوب” عظمتها ونهت عنها الأديان السماوية.
الغيبة تقودك وتقود من يترك مسامعه إلى “اللت والعجن” إلى هدم منازل، ربما لو لم تحدث لخرج منها من يعمر الدنيا بأسرها، فعثرات اللسان تورث الإنسان الندم والحسرات، و”الغيبة” هى أن تذكر أخاك بما لو سمعه أساءه، وتسبب فى أذاه وعكر صفو بيته وأحزن عائلته وذويه.
الله سبحانه وتعالى يحذرنا من هذا الفعل الشنيع ومن خطره على المجتمع، بل يشبهه بأكل لحم الإنسان ميتا، فيقول: ” يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ”، وضرَبَ المثل بطعن العرض بأكل اللحم، لأن اللحم يستر العظام، وقول الله: “ميْتا” لأن الميت لا يحس، وكذلك الغائب لا يسمع ما يقول فيه المغتاب”.
النبى ﷺ يحكى لنا مشهدا عظيما عن هذا الفعل القبيح فيقول: “رأيت أسرى بى رجالاً لهم أظفار من نحاس يخدشون بها، وجوههم وصدروهم، فقلت من هؤلاء؟ قيل له: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ويقعون فى أعراضهم”، هم أهل الغيبة، ويوضح رسول الله صلى الله عليه وسلم، متسائلا: «أتدرون ما الغيبة؟» قالوا: الله ورسوله أعلم، قال: “ذكرك أخاك بما يكره”، قيل: أفرأيت إن كان فى أخى ما أقول؟ قال: “إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وإن لم يكن فيه فقد بهته”.
أيها القارئ، استمع لهذه القصة، وتعلم كيف كان ستر النبى، وقلده واستر أنت أيضا حتى يسترك الله، فقد أتت امرأة إليه صلى الله عليه وسلم فقالت: يار سول الله أصبت حداً فطهرنى، فأشاح النبى بوجهه لا يريد أن تعترف، لأنه يقول: “ادرأوا الحدود بالشبهات”، يريد أن يستر على هذه المرأة، فأتته من الجهة الأخرى فاعترفت، فأشاح حتى اعترفت 4 مرات، وهى تطلب أن يطهرها صلى الله عليه وسلم، مع أنها ثيب، وحد الثيب أن ترجم بالحجارة حتى الموت، لكن قدمت نفسها رخيصة فى سبيل الله، فقالت: يا رسول الله إننى حبلى من الزنا فطهرنى، فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم: “عودى حتى تضعيه” فعادت حتى وضعت ولدها وأتت به فى لفائف، فرآه صلى الله عليه وسلم فقال: “عودى حتى ترضعيه” فأرضعته سنتين، ثم جاءت به بعد “الفطام” وفى يده كسرة خبز، جاءت صابرة محتسبة تريد الله والدار الآخرة؛ فأخذوها بعد أن أمر واحداً من الصحابة بكفالة رضيعها، وذهبوا يرجمونها بالحجارة وهى صابرة محتسبة، فلما رجموها طاش شيء من دمها على أحد الصحابة، فسبها، فقال عليه الصلاة والسلام وقد سمعه: “والذى نفسى بيده، لقد تابت توبة لو تابها سبعون رجلاً من أهل المدينة لوسعتهم” وفى رواية أخرى: “والذى نفسى بيده لقد تابت توبة لو تابها أهل المدينة لوسعتهم، والذى نفسى بيده إنى لأراها تنغمس فى أنهار الجنة”.
أيها القارئ هذا هو ربنا تواب رحيم، فاتقوا الله أيها الناس، وكفوا عن الخوض فى الأعراض، ودعوا الملك للمالك إن شاء عذب وإن شاء تاب، وفروا من الحديث فيما يهدم البيوت ويفرق بين المرء وزوجه، واعلموا أن العبادة ليست فى الصوم والصلاة فقط ولكن فى الكف عن أعراض الناس.
بقلم مصطفى فرغلي