الجيش المصري وتراجع الأولويات في ظل الأزمة الفلسطينية بقلم أحمد آدم

موقع مصرنا الإخباري:

الجيش المصري وتراجع الأولويات في ظل الأزمة الفلسطينية

 

تعيش منطقة غزة ورفح تحت وطأة الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة، حيث تتعرض البيوت للقصف وتُزهق أرواح المدنيين الأبرياء. في ظل هذه الظروف القاسية، يترقب الكثيرون موقفا حازما من الدول العربية، وخاصة مصر، باعتبارها الجارة الكبرى ذات النفوذ الإقليمي الذي يمكن أن يكون له تأثير كبير على مجريات الأمور.

ولكن، ما نراه على أرض الواقع هو موقف ضعيف ومتخاذل من الجانب المصري، الذي يبدو وكأنه اختار التزام الصمت والابتعاد عن المشهد، تاركا الحدود المصرية مع غزة ورفح عرضة للقصف، دون اتخاذ أي خطوات جادة لحماية المدنيين أو حتى مجرد التنديد الفعلي بهذه الانتهاكات.

الأمر لا يقتصر فقط على الصمت السياسي، بل يمتد إلى السلوك اليومي الذي يعكس انفصال القيادات العسكرية عن الواقع المرير الذي يعيشه الفلسطينيون على حدود مصر. حيث تم تداول تغريدة مؤخرا تظهر ضابطا في الجيش المصري برتبة عالية يستغل أحد المجندين في تعبئة مشترياته في أحد السوبر ماركت، في وقت كانت فيه الحدود المصرية تُقصف من قبل الطيران الإسرائيلي. هذا المشهد يعكس حالة من اللا مبالاة والانفصال عن الواقع المؤلم الذي تعيشه المنطقة.

إن هذا التصرف، الذي قد يبدو بسيطا، يثير تساؤلات عميقة حول أولويات الجيش المصري وحول مدى اهتمامه بالقضايا الوطنية والقومية. كيف يمكن لقيادة عسكرية أن تنشغل بشراء الحاجيات الشخصية بينما تُنتهك السيادة المصرية على حدودها ويُقتل المدنيون بجوارها؟ هل أصبحت الأولويات مختلة إلى هذا الحد؟

الأمر لا يتعلق فقط بحادثة فردية، بل هو تعبير عن توجه عام يظهر في كل مرة تتعرض فيها غزة ورفح للعدوان. غياب الرد الفعلي من مصر يعكس تراجعا في الدور الريادي الذي كانت مصر تلعبه تاريخيا في دعم القضية الفلسطينية والدفاع عن الحقوق العربية.

لطالما كانت مصر، منذ عهد الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، مركز الثقل العربي في مواجهة الاحتلال الإسرائيلي. كانت مصر قائدة للدول العربية في مساعيها للدفاع عن حقوق الفلسطينيين ومناهضة الاحتلال. لكن يبدو أن هذه الأيام قد ولّت، وأن مصر اليوم اختارت الوقوف على الهامش، مكتفية بالتعبير عن “القلق” دون أي خطوات حقيقية.

التغريدة التي انتقدت تصرف الضابط المصري تُعتبر تجسيدا لشعور واسع بالخيبة والخذلان لدى الكثير من المصريين والعرب على حد سواء. فبينما يواجه الفلسطينيون الموت والدمار، يتساءل الكثيرون: أين مصر اليوم؟ وهل اختارت أن تنأى بنفسها عن مسؤولياتها التاريخية والقومية؟

إن كان هناك درس يجب أن نتعلمه من هذه الحوادث، فهو أن غياب الرد الفعّال لا يعفي من المسؤولية، بل يزيد من حالة الإحباط والانقسام في العالم العربي. مصر تحتاج إلى إعادة النظر في سياساتها تجاه غزة ورفح، وإلى استعادة دورها القيادي الذي طالما كانت محط فخر لأبنائها وللعرب جميعا.

في الوقت الذي تحتاج فيه المنطقة إلى وحدة وتضامن أكبر، يظل الأمل قائما بأن تعود مصر إلى دورها الريادي في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني، وأن تكون صوتا قويا في وجه الاعتداءات الإسرائيلية المستمرة. فالتاريخ لن يغفر لمن يتخلى عن قضيته وأمته.

أحمد آدم

ترك الرد

من فضلك ادخل تعليقك
من فضلك ادخل اسمك هنا

آخر العناوين

عناوين أخرى