موقع مصرنا الإخباري:
ماذا تفعل لو توفى والدك واكتشفت أنه مدخر مبلغا ماليا يقدر بالملايين، بينما كانت معيشتكم ضنك في ضنك.. هل ستفرح أنك أصبحت مليونيرا “في غمضة عين”، أم ستسخط على أبيك البخيل الذى حرمك وأخواتك من التمتع بأمواله، وستحزن على عمرك الذى مضى فى فقر وعوزة.
خلال ساعات قليلة مضت، انتشر على السوشيال ميديا، خبر عن واقعة ربما كانت هي الأغرب، ففي إحدى قرى سوهاج، اكتشف الابن، أن الأب ترك له وباقى أسرته ثروة تقدر بـ22 مليون جنيه، الغريب أن الأب رغم ما يدخره من ملايين، جاهد حتى حصل على معاش «تكافل وكرامة» بالإضافة إلى طلبه المساعدات من أصحاب الخير طوال حياته بداعى المساهمة في الإنفاق على أسرته.
فعل الأب يدل على “شح” شديد تملكه، وليس بخلا كما يعرف أغلب الناس، فالبخل هو أن يبخل الإنسان على غيره لكنه كريم على نفسه يجلب لها ما تريد، أما الشح فيبخل الإنسان على نفسه وعلى غيره، فيحرم الجميع مما أتاه الله من فضل، هذا ما فعله الأب فقد حرم نفسه وأولاده من حياة كريمة، يسعى كل أب سوى أن يوفرها لأبنائه.
الأديان السماوية ترفض “البخل والشح”، فالقرآن الكريم ذكر البخل والشح، في الكثير من المواضع، فيقول الله تعالى: “وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ”، ويقول سبحانه وتعالى “وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ ۖ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ ۖ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۗ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ۗ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ”.
وفى إنجيل متى نجد الآيات الرافضة للبخل تجعل هذا الفعل الدنىء شريكا مع الله العلى القدير، ففي إحدى الآيات نجد : “لا يقدر أحد أن يخدم سيدين.. الله والمال” (مت6 : 24)، ونجد أيضا: “من سألك فأعطه، ومن أراد أن يقترض منك فلا ترده” (مت5 : 42).
النبى محمد صلى الله عليه وسلم، ذم البخل والشح ونصحنا بالبعد عنهما لما لهما من خطر على سلامة وأمن المجتمع، فيقول: “إِيَّاكُمْ والشُّحَّ، فإنَّهُ دعا من كان قبلَكُمْ فَسَفَكُوا دِماءَهُمْ، ودعا مَنْ كان قبلَكُمْ فَقَطَّعُوا أَرْحامَهُمْ، ودعا مَنْ كان قبلَكُمْ فَاسْتَحَلُّوا حُرُماتِهمْ”.
دراسات وأبحاث نفسية تحدثت عن البخل والشح، فأوضحت أنه نوع من أنواع الاضطرابات النفسية الضلالية، يشعر فيها الشخص بأنه سيحتاج إلى كل ما يدخره، وأن من حوله سيبخلون عليه عندما يكبر أو يمرض، فيقرر أن يبخل عليهم هو قبل أن يبخلوا هم عليه.
عزيزى القارئ تخلص من البخل، ادخر المال الذى يفيض عن حاجتك وتذكر قول الله تعالى “وَلَا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلَى عُنُقِكَ وَلَا تَبْسُطْهَا كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُومًا مَحْسُورًا”، فاصرف بما يرضى الله، واعلم أن بخلك على من هم حولك سيجعلهم يبخلون عليك، وضع في ذهنك أنك لن تعيش أبدا فعش حياتك واستمتع بها بما لا يبعدك عن الأخلاق الحميدة والسلوك المعتدل، تأمل أحوال البخلاء لترى أين هم وأنظر إلى أحوالهم نتيجة بخلهم، جالس الكرماء وقلدهم، تحلى بالكرم حتى يصبح صفة عادية عندك، اقرأ عن الكرم والكرماء، حارب البخل بعمل الخير والصدقات، وأخيرا كن على يقين أن الله خلقك وكتب لك رزقك فلا تخشى شيئا فلن يأخذ أحد ما كتبه لك مهما حصل.
أيها الناس تحلوا بالكرم.
بقلم
مصطفى فرغلي