الاحتلال يخطط لتفريغ “مخيم جنين” من سكانه
دعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس، اليوم الأحد، إلى ضرورة إخلاء مخيم جنين للاجئين من سكانه، زاعمًا أنه “أمر ضروري”.
ووفقًا لما نقلته صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية، طالب “كاتس” بإخراج سكان مخيم جنين بالضفة الغربية المحتلة، ومعاملتهم كسكان غزة.
جاءت تصريحات وزير خارجية الاحتلال خلال اجتماع مع قادة المستوطنات، وفق ما ذكرت هيئة البث الإسرائيلية.
وعادة ما يقوم الاحتلال الإسرائيلي بعمليات اقتحام متكررة لجنين وبعض مخيمات الضفة الغربية ويعتقل ويستهدف الشباب، بمزاعم “القضاء على خلايا إرهابية مسلحة تهدد أمنه”.
وانسحبت قوات الاحتلال الإسرائيلي، الثلاثاء الماضي، من مخيم جنين شمالي الضفة الغربية، بعد عملية عسكرية جديدة وواسعة استمرت لأكثر من 14 ساعة.
وأدى الاقتحام إلى استشهاد 5 فلسطينيين قتلتهم طائرات الاحتلال المسيّرة في قصف موقعين بالحي الشرقي لمدينة جنين، وخلّفت الآليات الإسرائيلية دمارًا واسعًا في منازل المواطنين والبنى التحتية.
وفي يونيو الماضي، أغلق جيش الاحتلال الإسرائيلي المخيم، وفتح حربًا تخريبية بالجرافات العسكرية في أزقته وحاراته، وأعلن المخيم منطقة عسكرية مغلقة. وخلال ذلك الاقتحام، انفجرت عبوات ناسفة مدفونة تحت الأرض، ما أدت إلى مقتل ضابط وإصابة 16 آخرين من قوات الاحتلال.
ومنذ السابع من أكتوبر الماضي، نفذ الاحتلال الإسرائيلي ما يزيد على 60 اقتحامًا عسكريًا لجنين، في حين وصل عدد الشهداء في المحافظة إلى نحو 134 شهيدًا، وعدد المعتقلين إلى 535 معتقلًا.
ومخيم جنين هو أحد أهم وأشهر مخيمات اللاجئين الواقعة في الضفة الغربية بفلسطين المحتلة، وتنشط المقاومة الفلسطينية ضد الاحتلال الإسرائيلي في المخيم، ما يجعله نقطة استهداف دائمة، وموقعًا حساسًا تحاول سلطات الاحتلال إخماده ومحو أثره بشتى الطرق.
مخيم جنين تاريخيًا
تأسس مخيم جنين عام 1953 على الطرف الغربي الجنوبي لمدينة جنين في شمال الضفة الغربية، على مساحة من الأرض تبلغ 0.42 كيلو متر مربع.
ويسكن المخيم لاجئون فلسطينيون رحلوا أو اضطروا للرحيل عن ديارهم في منطقة الكرمل في حيفا وجبال الكرمل عام 1948، ويبلغ عدد سكان المخيم، حاليًا، نحو 16 ألف لاجئ يعملون في قطاعات مختلفة من الزراعة والتجارة، إضافة إلى الوظائف الحكومية في السلطة والعمل داخل إسرائيل.
وتعرض المخيم لحصار القوات الإسرائيلية في أبريل 2002، وأطلق عليه الرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات في حينه “جنين جراد” نسبة إلى حصار مدينة ستالينجراد الروسية التي صمدت في الحرب العالمية الثانية بعد الحصار الألماني الطويل لها.
وآنذاك، استمر القتال داخل المخيم بعد حصاره لمدة 10 أيام منع خلالها جيش الاحتلال الإسرائيلي دخول سيارات الإسعاف والعاملين في القطاع الطبي والإنساني للمخيم، بحسب تقرير للأمم المتحدة.
وأدّت المصادمات حينها، حسب تقارير الأمم المتحدة، إلى استشهاد ما لا يقل عن 52 فلسطينيًا، نصفهم تقريبا من المدنيين، بالإضافة إلى مقتل 23 جنديًا إسرائيليًا، فيما جرح عدد كبير، وتم خلال هذه المعركة تدمير ما يقارب من 150 بناية، الأمر الذي خلف وراءه نحو 435 عائلة بلا مأوى.
وعاد مخيم جنين إلى الواجهة مرة أخرى مع ظهور تشكيل مسلح جديد في 2021 بعد سنوات من الهدوء حمل اسم “كتيبة جنين”، ويضم عناصر من تنظيمات “الجهاد الإسلامي” وحركتي “فتح” و”حماس”، إضافة إلى عناصر لا تنتمي لأي تنظيمات سياسية.
وشكلت منطقة جنين بمخيمها والمدينة وقراها أحد الأهداف الرئيسية لعملية “كاسر الأمواج” التي أطلقتها إسرائيل مع بداية أبريل 2022 في الضفة الغربية المحتلة، وذكرت أن الهدف منها منع وقوع عمليات فلسطينية مسلحة واعتقال من يخططون لتنفيذ مثل هذه العمليات.
وفي 3 يوليو 2023، اجتاح جيش الاحتلال مدينة جنين ومخيمها، في هجوم كبير أسفرَ عن استشهاد 12 فلسطينيًا، وإصابة المئات، وتسبب الاجتياح الإسرائيلي الذي يعتبر أكبر توغلٍ داخل المدينة منذ 2002، في دمار هائل للبنية التحتية للمدينة التي تعاني أصلًا بسبب القيود الإسرائيلية المفروضة عليها منذ سنوات، حيث أُتلفت شبكتي المياه والكهرباء كما تدمر نحو 800 منزل، إما بشكل كلي أو جزئي حسبَ إحصائيات بلدية جنين، فضلًا عن تضرر 3 مستشفيات تعرضت لهجمات إسرائيلية أثناء التوغل والاجتياح.
وأجبر الاحتلال مئات الأسر الفلسطينية على إخلاء منازلها كما نزحَ آلاف الفلسطينيين الذين تعاملَ معهم الهلال الأحمر الفلسطيني لمناطق أخرى داخل المدينة أكثر أمانًا.
المصدر: القاهرة الإخبارية