ينفذ الاتحاد العام التونسي للشغل الخميس إضرابا عاما عن العمل في القطاع العام احتجاجا على رفض الحكومة مطالبه بزيادة رواتب العمال والموظفين، في خطوة تشدد الضغط على الرئيس قيس سعيّد.
ودعا الاتحاد في بيان إلى وقف العمل في كامل أنحاء البلاد في 159 مؤسسة تتوزع على معظم القطاعات الاقتصادية وتشغّل حوالي ثلاثة ملايين موظف.
وأوضح البيان أن إضراب العمال هو “من أجل الدفاع عن حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية، بعدما ماطلت الحكومة في الاستجابة إلى مطالبهم المشروعة واستهانت ببرقية التنبيه بالإضراب الصادرة منذ 31 أيار/ مايو”.
ويشمل الإضراب قطاعات النقل والمواصلات والاتصالات وخدمات البريد والمؤسسات التعليمية، بما فيها المدارس والجامعات، كما توقفت حركة الملاحة في سائر مطارات البلاد وحركة النقل البحري، في وقت تستعدّ فيه تونس لموسم سياحي.
وقد عاينت “عربي21” توقف النقل بكافة المحطات من نقل ومترو وحافلات بالعاصمة، مع شلل تام بالمطارات كما أغلقت مكاتب البريد ابوابها أمام المواطنيين.
وتوقف العمل كذلك بوكالة الأنباء الرسمية (فقط تغطية الإضراب ) والتلفزيون الرسمي ( الاكتفاء بنشرات موجزة للأخبار ومقاطعة كل البرامج المباشرة)، والمطبعة الرسمية (مقاطعة كل الأنشطة) .
ومنتصف الليل، دخل أعوان وإطارات مطار تونس قرطاج الدولي في الإضراب عن العمل الذي دعا إليه اتحاد الشغل، فيما أعلنت شركة الخطوط التونسية عن تأجيل كافة رحلاتها الجوية لليوم الخميس 16 حزيران/ يونيو، في ظل إغلاق المجال الجوي بسبب الإضراب.
وصباح الخميس، تجمع عشرات العمال أمام مقر اتحاد الغل بتونس العاصمة حيث ألقى الأمين العام للمنظمة نور الدين الطبوبي خطابا.
وأكد الطبوبي أن الإضراب في القطاع العام نجح بنسبة 96.22%، مشيرا إلى أنه “لو كانت الحكومة جادة لبحثت عن مخرجات وحلول لمطالبنا”.
وقال الطبوبي إن “العمال ضربوا اليوم موعدا مع التاريخ رغم الهجمة التي تستهدفه من قبل الميليشيات والمرتزقة”.
في المقابل، قال المتحدّث باسم الحكومة وزير النقل نصر الدين النصيبي الأربعاء، إنه سيتم تسخير عدد من الموظفين من أجل تأمين الحد الأدنى من الخدمات للمواطنين.
بدوره، أكد سعيّد لرئيسة الوزراء نجلاء بودن، الثلاثاء، على ضرورة السير العادي لكافة المرافق العمومية بالرغم من الصعوبات التي تواجهها البلاد.
ويتزامن هذا الإضراب مع توسع دائرة الاحتجاج ضد الرئيس التونسي قيس سعيّد في ظل الحوار الوطني الذي تقاطعه كبرى الأحزاب السياسية فضلا عن اتحاد الشغل، ودعوات لمقاطعة الاستفتاء على الدستور الجديد في 25 تموز/ يوليو المقبل.
ورفض اتحاد الشغل المشاركة في الحوار الوطني، معلّلاً قراره بأنّ هدف هذا الحوار هو “فرض سياسة الأمر الواقع” وإقرار نتائج تمّ “إعدادها من طرف الرئيس”، رغم مساندة المنظمة لإجراءات سعيّد في 25 تموز/ يوليو الماضي وإقالة رئيس الحكومة السابق وتجميد أعمال البرلمان ثم حلّه.
وأمام استمرار ارتفاع التضخم في البلاد، فإن الاتحاد يطالب الحكومة بمواصلة المفاوضات حول زيادة رواتب العمّال والموظفين “لتعديل القدرة الشرائية”، ويطالب بمنح هؤلاء مستحقات أقرت منذ عام 2021.
وتشترط القيادات النقابية سحب مرسوم حكومي صدر في كانون الأول/ ديسمبر 2021 ويحظر على أعضاء الحكومة الدخول في مفاوضات مع الاتحاد في مختلف القطاعات قبل الحصول على ترخيص مسبق من رئيسة الحكومة نجلاء بودن.
وتتهم الحكومة الاتحاد بعدم الأخذ بعين الاعتبار الوضع الاقتصادي والمالي الذي تمر به البلاد. ويظهر الاتحاد في موقف قوة لأن السلطة تحتاج إليه لدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تقدمت به لصندوق النقد الدولي من أجل الحصول على قرض جديد.
ومن بين أهم النقاط التي تضمنها البرنامج الإصلاحي تجميد كتلة الأجور في القطاع الحكومي ومراجعة لسياسة دعم بعض المواد الأساسية فضلا عن إعادة هيكلة عدد من المؤسسات العمومية.
وعبر الاتحاد عن رفضه لما أسماه “الإصلاحات المؤلمة” الرامية برأيه إلى إرضاء صندوق النقد الدولي وهو كذلك يطالب “بضمانات” لجهة عدم خصخصة الشركات التي تحتكرها الدولة وفي مقدّمها “ديوان الحبوب” و”شركة فسفات قفصة”.
وكانت وكالة “فيتش” للتصنيف الائتماني اعتبرت في نهاية أيار/ مايو الفائت أنّ الخلافات بين الاتحاد والحكومة تعرقل مفاوضات البلاد مع صندوق النقد الدولي، مؤكّدة أنّه “من الصعب جدا” إقرار إصلاحات سياسية واقتصادية دون دعم المركزية النقابية.
وتتالت الإضرابات العامة في تونس منذ الثورة حيث عرفت البلاد إضرابا عاما يوم 8 شباط/ فبراير 2013 وآخر في 26 تموز/ يوليو من نفس السنة بعد حادثة اغتيال كل من السياسي شكري بلعيد والنائب محمد البراهمي، وإضراب آخر يوم 17كانون الثاني/ يناير 2019 خلال حكومة يوسف الشاهد .
المصدر: عربي 21