موقع مصرنا الإخباري:
العودة إلى الموقع القيادى على المستويين الإقليمى والدولى، ناهيك عن تحقيق طفرة في الداخل، سواء على المستوى الأمني أو السياسى أو الاقتصادى في أعقاب سنوات الفوضى، كلها إشارات تعكس نجاحا كبيرا حققته الإدارة المصرية في السنوات الماضية، في ظل انتصارات متتالية، تراوحت بين الشق الدبلوماسي، وهو ما يتجلى في الدور الكبير الذى لعبته مصر في وقف إطلاق النار على الأراضى الفلسطينية، في الآونة الأخيرة، مرورا بانتصاراتها العسكرية على جماعات الظلام والتطرف، وحتى نجاحها المنقطع النظير في احتواء التداعيات الاقتصادية الكبيرة لفيروس كورونا، والذى عجزت أمامه أعتى الاقتصادات العالمية، بل واستمرت وتيرة التنمية عبر المشروعات المتلاحقة التي تشهدها البلاد في كل حد وصوب، رغم التحديات الكبيرة.
ولعل النجاح المصرى الكبير لا يقتصر في نطاقه على الإنجازات التي تحققت على كل المستويات، وإنما حمل في طياته انتصارات أكبر، أبرزها التحول من أقصى حالات الفوضى في مرحلة ما قبل 30 يونيو، إلى حالة من الاستقرار تجاوزت فترة ما قبل “الربيع العربى”، بل وتحولت من دولة “شبه” مهمشة إقليميا، عبر استحداث قوى إقليمية جديدة يمكنها القيام بدور “المنفذ” لسياسات القوى الدولية الكبرى، إلى استعادة مكانتها كـ”محور” الشرق الأوسط، الذى لا يمكن تجاوزه، عند الحديث عن مختلف قضايا المنطقة، وهو الأمر الذى تجلى بوضوح في التطورات الفلسطينية الأخيرة، ومن قبله عبر الملف الليبى.
إلا أن ثمة بعدا جديدا للنجاح المصرى، ربما لا يلتفت له الكثيرين في الآونة الأخيرة، يتجسد في “استلهام” النموذج المصرى، عبر محاولات بعض الدول الكبرى دعم، وربما تكرار “التجربة” المصرية، في العديد من المعارك التي تخوضها، وهو ما يبدو في العديد من المواقف الدولية التي تبنتها العديد من دول الغرب، سواء في أوروبا أو الولايات المتحدة، التي شهدت تغييرا جذريا، أولا فيما يتعلق بالمعركة المصرية ضد الإرهاب، والتي لم تقتصر على الداخل، خاصة بعدما شعرت بخطر تلك التنظيمات على أراضيها، في ظل تفاقم أزمة اللاجئين، بل وزيادة التهديدات الأمنية جراء تسلل العديد من العناصر المتطرفة إلى أراضيهم، ما نجم عن ذلك من تنفيذ عمليات إرهابية، أدت إلى مقتل الألاف من مواطنيهم.
استلهام النموذج المصرى، ربما يتجلى بوضوح في فرنسا، والتي باتت تتخذ خطوات، تعيد إلى الأذهان الرؤية المصرية في الحرب على الإرهاب، عبر معارك فكرية، جنبا إلى جنب مع الرؤية الأمنية، حيث اتخذ الرئيس إيمانويل ماكرون العديد من القرارات من شأنها دحض الأفكار المتطرفة التي يروج لها بعض الأئمة القادمين من الخارج، والذين يحصلون على دعم كبير من قبل قوى إقليمية تسعى لبسط نفوذها، على حساب الأمن والاستقرار الدوليين، فقام بمنع “استيراد” الأئمة، بالإضافة إلى تشكيل مجلس للأئمة الفرنسيين، من شأنه إدارة الخطب التي يتم إلقائها في المساجد، ناهيك عن استصدار القوانين التي تسعى إلى إطلاق يد الأمن في التعامل مع أصحاب الأفكار المتطرفة.
ولا يقتصر الأمر على فرنسا، فهناك العديد من القوى الدولية الأخرى، التي دعمت المواقف المصرية المتواترة، سواء في ليبيا أو فلسطين، وعلى رأسها ألمانيا وروسيا بالإضافة إلى الولايات المتحدة، في انعكاس صريح لإدراك الخطر الكبير جراء استمرار الأوضاع في مناطق الصراع، من جانب، وكذلك الثقة في قدرة الإدارة المصرية على التعامل مع الأزمات في ظل ما تتمتع به من ثوابت دبلوماسية، وموقع متميز، وثقة دولية بين مختلف أطراف الصراعات الراهنة في المنطقة، مما يمنحها القدرة على المناورة والوصول إلى اتفاقات من شأنها تحقيق الاستقرار في اللحظة الراهنة، وبالتالي البناء على جهودها دوليا في المستقبل.
وهنا يمكننا القول بأن الإدارة المصرية، في دولة 30 يونيو، تجاوزت مفهوم النجاح بمعناه التقليدي، والقائم على تحقيق الأهداف العليا القائمة في الأساس على مصالح الداخل، وامتدت لتكون نموذجا ملهما للعديد من دول العالم، وهو الأمر الذى يضفى أبعادا جديدة للنجاح الكبير الذى حققته مصر في السنوات الأخيرة.
بقلم بيشوي رمزي