موقع مصرنا الإخباري:
يحدثنا علماء النفس وخبراء التنمية البشرية عن الماضى، يطلبون منا أن نتجاهله حتى لا يتحكم فى حاضرنا ومستقبلنا، ولكن رأيى أن الماضى ليس دائما خنجرًا موجها إلى حاضرنا، فأحيانا يكون رمانة ميزان نحتاج إليها بشدة كى نحافظ على توازننا النفسى والاجتماعى.
معظمنا، إذا نظر إلى ماضيه عرف أن حاضره اختلف، وأن ظروفه صارت أفضل، فقد كان الواحد فينا ضعيفا وصار قويا وقادرا على خدمة نفسه ورعاية من يعول، كان فقيرا فأغناه الله من فضله، ومنَّ عليه بنعمه.
وعندما أقرأ قول الله سبحانه وتعالى فى سورة الأنفال “وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِى الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُم بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ” يستوقفنى كثيرا قوله “تخافون أن يتخطفكم الناس” ولا أرى هذه الجملة مجرد تعبير عن الخوف والضعف، بل أكثر من ذلك، إنها تعبير عن الرعب، إحساس صعب بأنك ضعيف لا تملك قوة ولا حيلة، تتمنى النجاة، وربما تعد بآلاف الوعود لو أنك نجوت، وهو عادة ما يتناساه الإنسان بعدما تنتهى أزمته.
الذين عاشوا فى القرى يعرفون الصورة الفنية التى أوردتها الآية “تخافون أن يتخطفكم الناس” إنها الطيور الجارحة هى التى تتخطف الطيور الضعيفة، وهذا المعنى يمكن النظر إليه من زاويتين، الزاوية الأولى لو أخذنا الأمر على محمل الصورة الجمالية وضرب المثل، حيث أراد أن يصور الفزع الذى يشعر به الإنسان المستضعف، كأنه كائن ضعيف يخطفه كائن قوى، ووفى ذلك بلاغة تقرب المعنى للفهم.
أما الأمر الثانى، لو فهمنا المعنى على أساس أن الناس فى طبعهم، إلا من رحم ربى، يكمن الجبروت، الذى يمارسونه على الضعفاء حتى أنهم يتخطفونهم كطيور جارحة تنهش كل ما أمامها، وهذه الزاوية مرعبة فعلا.
المهم أن هذا الكائن الضعيف بحالته الصعبة وبالفزع المرسوم على ملامحه والساكن فى روحه والذى ينقذه الله سبحانه وتعالى بفضله وكرمه، ينسى كل ما مر به، وقد يتحول إلى طير جارح يتخطف الضعفاء.
بقلم أحمد إبراهيم الشريف