موقع مصرنا الإخباري:
الحلم قديم لكن الإرادة لتنفيذه كانت غائبة والمواءمات الاجتماعية والسياسية بين الحكومة وأباطرة الحزب الحاكم وقتها و ” حيتان” المنطقة كان حاضر وكان هو اللغة السائدة. وتحولت منطقة نزلة السمان بمنطقة الهرم الى ” عزبة خاصة ” مصادرة من عدة عائلات ولا يقدر أحد على الدخول اليها والسؤال عما يدور بداخلها.. باتت شبة دولة داخل الدولة يديرها عدد من العائلات أصحاب المصالح والثروات التي يقف أمامها عشرات من أسئلة الاستفهام.
منذ 2009 والحكومة تضع الخطة تلو الأخرى لتطوير المنطقة.. وقتها كان الدكتور مصطفى مدبولي رئيس الوزراء الحالي يشغل منصب رئيس الهيئة للتخطيط العمراني، ولديه المخطط بالكامل والمحددة طبقا لمنظمة الأمم المتحدة للعلوم والتربية والثقافة «اليونسكو» من عند الأهرامات الثلاثة وحتى سقارة. الحكومة وقتها قررت التطوير لمنطقة مساحتها 254 فدان ويسكنها 45 ألف نسمة.
الحكومة ووفق ما صرح به الدكتور مصطفى مدبولي وقتها كان لديها علم بالحالة المتردية لحوالي 80% من مساكن نزلة السمان وأن – وهذا هو الأمر الخطير فعلا- يوجد تحت هذه المنطقة معبد الوادي للملك خوفو بالكامل، والذي لم يتم الكشف عنه حتى الآن بسبب مباني المواطنين.
الحلم والنية في التطوير كان موجودا لكن غابت أو خافت الإرادة السياسية وآثرت السلامة. هذا الغياب المتعمد ساهم في نهب آثار مصر من المنطقة ونشوء فئة من كبار الأثرياء وأصحاب النفوذ من تجار الآثار طوال هذه السنوات ثم أصبحوا من أصحاب النفوذ السياسي والبرلماني.
فإلى جانب التشوه البصري وانتشار العشوائيات التي كانت تركز عليه دائما وكالات الانباء عند بث وارسال صور لمنطقة الاهرامات الى الخارج وخلفها عشرات ومئات المساكن العشوائية في نزلة السمان لغرض في النفوس المريضة لتلك الوكالات وإظهار ان مصر ليست قادرة على الحفاظ على نظافة المنطقة الاثرية والتي تضم أهم عجائب الدنيا السبع
لكن تظهر الإرادة الحقيقية لدولة 30 يونيو –الجمهورية الجديدة- لتطوير المنطقة وتحقيق الحلم الغائب منذ ربع قرن تقريبا وتبدأ في التنفيذ في اطار المشروع القومي الضخم لتطوير منطقة الأهرامات الأثرية مع بناء المتحف المصري الكبير وربطه بالمنطقة في صورة حضارية تستعيد بها المنطقة أهميتها العالمية كمنطقة اثرية وحضارية وثقافية ضخمة.
الدولة المصرية بدأت وبقوة القانون والمصلحة العامة في التنفيذ وإقناع الأهالي وتوفير مساكن لائقة وتوفير حياة كريمة لهم على مقربة من المنطقة. حيث تم بناء عشرات العمارات في منطقة حدائق الأهرام لنقل سكان نزلة السمان وخاصة منطقة ” سن العجوز” اليها بدلا من المساكن العشوائية في النزلة
هذه المرة حضرت الإرادة الصلبة وغابت المواءمات ولم يعد هناك أحد فوق القانون في الجمهورية الجديدة مهما بلغت قوته ونفوذه من أجل تحويل منطقة عشوائية على مساحة أكثر من 250 فدانا منطقة حضارية بامتياز ومتحف مفتوح والاتصال بفروع نهر النيل (ترعة المنصورية)، وإقامة منطقة الفنادق شمال منطقة المتحف المصري الكبير وشمال شرق فندق مينا هاوس، وتوطين الخدمات السياحية أسفل هضبة الأهرامات. واسترجاع الصورة التاريخية لمنطقة الأهرامات وتعظيم قيمتها الأثرية
نقل سكان نزلة السمان الى حدائق الأهرام هو بداية التطوير الحقيقي ولن يتم ” قطع عيش” أحد وانما سيعود الجميع لأعمالهم وفقا لمنظومة التطوير والسلوك الحضاري
المأساة التي كانت تعرفها الحكومات السابقة هي أن المنطقة التي سيتم تطويرها مقامة على مدينة أثرية كاملة، والغرض من خطة التطوير الكشف عن معبد الوادي ومدينة العمال الموجودين تحت المنطقة، والذي ستعد تلك المدينة واحدة من أهم الاكتشافات الأثرية
لكن الحكومات السابقة تركت المنطقة نهبا لمافيا التنقيب وتجارة الأثار عبر الانفاق التي تم الكشف عنها في نزلة السمان ومن عائلات معروفة بها والمفروض ان المنطقة يطبق عليها القانون رقم 17 لسنة 83 والذي يقضي بحماية الآثار واعتبارها أراض آثرية. فمن كان وراء هذه المافيا ومن كان يحميها ويتاجر معها.
لقد غادر طائر السمان من المنطقة منذ الخمسينات بعد انحسار الفيضان وسكنت الغربان في المنطقة فاستوطنتها بصورة عشوائية وحفرت الأنفاق ونهبت الآثار. الآن تنتظر المنطقة نقلة حضارية مهولة بصورة غير مسبوقة لمنطقة آثرية هي الأهم في العالم.
بقلم عادل السنهوري