استراتيجية إسرائيل الإلغائية: تدمير غزة وتحطيم البنية الاجتماعية
تتبع إسرائيل استراتيجية إلغائية في التعامل مع الفلسطينيين، حيث تركز على تدمير البنية التحتية والمجتمعية في قطاع غزة. يبدو أن هذا النهج ليس مجرد رد فعل عنيف، بل هو جزء من استراتيجية سياسية مُعتمدة تعتبر القطاع معاديًا دائمًا. تستخدم إسرائيل الهجمات لتحطيم الحاضنة الاجتماعية وتجريفها، مما يعكس تاريخ الصراع الطويل مع الفلسطينيين. يبدو أن الهدف الإسرائيلي هو تحقيق الهزيمة الكاملة للقطاع وتحويل حياة الفلسطينيين إلى جحيم حقيقي. هذه الاستراتيجية قد تكون جزءً من رد فعل إسرائيل على فشلها في اختبار 7 أكتوبر وانهيار قواتها في غلاف غزة أمام حركة حماس.
يمكن تفسير هذا السلوك الإسرائيلي من خلال النظر إلى تاريخ الصراع وسلوكها الإلغائي تجاه الفلسطينيين، الذين تعتبرهم العدو التاريخي. العدوان التدميري الذي تمارسه إسرائيل في غزة يندرج ضمن رؤيتها للصراع باعتباره صراعاً إلغائياً ضد الفلسطينيين. هذا السلوك ليس مجرد عنف عشوائي، بل هو استراتيجية سياسية ممنهجة تهدف إلى إخلاء المناطق من سكانها، تماماً كما حدث في حرب 1948 عندما قامت العصابات الصهيونية بطرد الفلسطينيين من مدنهم وقراهم.
في الوقت الحالي، تتبنى إسرائيل في غزة سياسة جديدة تأخذ بعين الاعتبار أن سكان القطاع لا يمكنهم الفرار إلى مكان آخر. هذه الاستراتيجية غير المعلنة تتجاوز الأهداف المعلنة كالقضاء على حماس واستعادة الرهائن، وتهدف إلى تدمير غزة بالكامل وتحويل حياة سكانها إلى معاناة شديدة. تعتمد هذه السياسة على تدمير البنية التحتية والمناطق السكنية بهدف تفكيك المجتمع الفلسطيني واقتلاع الناس من جذورهم.
الآلة العسكرية الإسرائيلية لا تحتاج إلى تدمير القطاع بالكامل لتحقيق أهدافها العسكرية، ولكنها اختارت هذا النهج لتدمير أماكن عيش الفلسطينيين بهدف تحطيمهم وإعادة بناء المنطقة وفقاً لمقاييس السيطرة الإسرائيلية. هذا التدمير يهدف إلى جعل غزة نموذجاً تأديبياً لمن يحاول المساس بأمن إسرائيل مستقبلاً.
تظهر الاستراتيجية الإسرائيلية بوضوح في تدمير غزة كمكان معادٍ، حيث تستهدف السكان والمكان معًا لتفكيك الهيكل الاجتماعي للمقاومة الفلسطينية. هذا السلوك يتماشى مع استراتيجية إسرائيلية أقدم تعتمد على تجريف السكان، وعلى الرغم من اختلاف الأساليب، إلا أن الهدف النهائي هو جعل حياة الفلسطينيين في غزة غير ممكنة لاستكمال عملية الطرد بشكل غير مباشر.
أحمد أدم